أنت المجد لم يغِبِ.. فيروز ورؤساء فرنسا ود لا ينقطع

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

تشرق الشمس وتغرب كل يوم وتأبى جارة القمر أن تترك مكانها في قلوب اللبنانيين، تظل فيروز صاحبة المكانة الرفيعة والمقدسة لدى الشعب الذي ضجر من ساسته وحكامه، ففي الوقت الذي تصبح أحاديث الساسة والحكام في لبنان مملة وغير ذات معنى، تخرج السيدة فيروز من عزلتها لتضع القوالب في نصابها فلم يكن بد من الدخول في معركة هزمت فيها بيروت لكل ما تحمله الكلمة من معاني الانهيار والنكسة.

عندما أراد ماكرون زيارة فيروز، لما تمثّله السيدة من رمزية بالنسبة للبنان والعالم العربي، كان سعي شخصي للغاية من جانب رئيس الجمهورية الفرنسية، نظراً لإعجابه وتأثّره الشخصي بالسيدة فيروز، هي أيضاً تجسّد بحدّ ذاتها حكاية، خصوصاً بالنسبة للفرنسيين وكل من يتذكر حفلاتها الموسيقية في مسرحي الأولمبيا وبيرسي، وتلك النزعة العاطفية التي نشأت في أصعب الأوقات التي مرّ بها لبنان”، بخاصة خلال الحرب الأهلية.

ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المطربة فيروز بأنها “جميلة وقوية للغاية” بعد لقاء بينهما جاء بعد قليل من وصوله إلى بيروت، أمس الإثنين.

وقال الرئيس الفرنسي في بث تلفزيوني عقب اللقاء “قطعت التزاما لها (فيروز)، مثلما أقطع التزاما لكم هنا الليلة بأن أبذل كل شيء حتى تطبق إصلاحات ويحصل لبنان على ما هو أفضل. أعدكم بأنني لن أترككم”، بحسب ما أوردت “رويترز”.

ووصف ماكرون فيروز بأنها “جميلة وقوية للغاية”، وقال “تحدثت معها عن كل ما تمثله بالنسبة لي عن لبنان نحبه وينتظره الكثير منا.. عن الحنين الذي ينتابنا”.

وعندما سئل عن أغنيته المفضلة لفيروز أجاب بأنها “لبيروت” التي كانت تذيعها القنوات المحلية، بينما كانت تعرض صورا للانفجار وتبعاته.

وقال ماكرون للصحفيين عقب وصوله إنه مع احتفال لبنان بمئويته، فإن ثمة فرصة سانحة “للسعي وتعلم الدروس والتطلع إلى المستقبل”.

ومنح الرئيس الفرنسي ، الفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز، وسام  “جوقة الشرف” الفرنسي – وهو أعلى تكريم رسمي في فرنسا – وذلك خلال زيارته لها في منزلها بمنطقة الرابية شرقي بيروت، على هامش الزيارة الثانية التي يقوم بها إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت قبل نحو شهر.

ونادرا ما تتحدث فيروز لوسائل الإعلام، رغم إذاعة أغنياتها عبر موجات الأثير من الرباط وحتى بغداد، فلكل أغنياتها قصة تروي بها جروح وطنها الغائرة التي لا تندمل أبدا منذ عقود.

وفي واحدة من أشهر أغنياتها تقول فيروز “حبيتك بالصيف!! حبيتك بالشتى!!” وهي أغنية طرحت قبل دخول لبنان في أتون حرب أهلية استمرت بين عامي 1975 و1990، وهي فترة كان لبنان لا يزال فيها مشهورا بلقب “سويسرا الشرق الأوسط”، حيث كان يجتذب مشاهير هوليوود إلى مطاعمه وشواطئه البديعة.

وخلال الحرب الأهلية قامت فيروز بجولة في الخارج، وأحيت حفلا غنائيا واحدا فقط في لبنان على خشبة مسرح بين شطري بيروت التي كانت مقسمة بسبب الحرب آنذاك.

وتعد علاقات فيروز بالدولة الفرنسية والرؤساء الفرنسيين قديمة من منتصف السبعينيات من القرن الماضي، عندما ظهرت للمرة الأولى على شاشة التلفزيون الفرنسي ضمن برنامج “سبيسيال ماتيو” وغنت فيه أشهر أغنياتها حبيتك بالصيف مع الفنانة الفرنسية ميراي ماتيو، وغنت فيروز لأول مرة في فرنسا عبر مسرح الأولمبيا عام 1979.

ونالت فيروز إعجاب رؤساء فرنسيين آخرين. فقد منحها الرئيس فرانسوا ميتران وسام قائد الفنون والآداب عام 1988 ومنحها الرئيس جاك شيراك وسام فارس جوقة الشرف عام 1998.

فقد عرف الفرنسيون فيروز باكراً، حتى قبل أن تغني للمرة الأولى في باريس عام 1975. وغالباً ما كرمها الرؤساء الفرنسيون، وأحب فنها حد الشغف وزراء ثقافة ومدمنو موسيقات العالم.

وكان أول الوزراء الفرنسيين المتيمين بغناء فيروز جاك لانغ الذي بدأ حياته بتأليف فرقة مسرحية، جاءت إلى لبنان نهاية الخمسينيات، من مارسيليا عن طريق البحر، لتوفير ثمن تذاكر الطائرة. وشاركت الفرقة في مهرجان راشانا الذي كان ينظمه الفنان التشكيلي ميشال بصبوص، بمسرحية لإسخيليوس، كان يلعب فيها لانغ دوراً تمثيلياً. وجاك لانغ الذي سيصبح من بين أشهر وزراء الثقافة في فرنسا كان في ذلك الوقت في العشرين من عمره. وتشاء الصدف أن يأتي إلى مهرجان راشانا لحضور المسرحيات، في البترون الشمالية، عاصي وفيروز. ويسعد الشاب الفرنسي بلقائهما، وكان سمع عنهما، ثم يذهب إلى بعلبك، لحضور حفلهما الذي أشعره كما يقول “وكأنه في الجنة”. ويصف لانغ فيروز بأنها ذات “صوت ذهبي، وصاحبة سحر يحلق بنا، بفضل المعجزة الربانية التي تجسدها”.

وكان أول ظهور لفيروز، التي ولدت باسم نُهاد حداد، على تلفزيون أوروبي عام 1975 في برنامج فرنسي. وفي عام 1979، تضمنت أغنيتها “إلى باريس!” كلمات تقول فيها “يا فرنسا شو بقلن لأهلك عن وطني الجريح”؟

وأشاد رئيس معهد العالم العربي، وزير الثقافة الأسبق في فرنسا جاك لونغ بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمطربة اللبنانية فيروز وقال في تصريح خاص لمندوبة مونت كارلو الدولية إلى مهرجان إنغولام: “أنا سعيد جدا بخطوة الرئيس ماكرون. كان لي في السابق الامتياز بأن أقلد السيدة فيروز وسام الفنون والآداب عندما كنت وزيرا للثقافة أنا أعرفها منذ ما كانت تؤدي حفلاتها في بعلبك . إنها شخصية استثنائية ومدهشة . سيكرمها معهد العالم العربي قريبا في معرض سيخصص لأشهر المغنيات والمطربات في العالم العربي”.

وأضاف جاك لونغ “أكرر أن خطوة الرئيس خطوة جيدة جدا وأن يزورها الرئيس الفرنسي فهذا يعني أنها أكثر من فنانة إنها رمز لبنان الحي والمكافح، لبنان الذي يتجدد بجماله بشكل دائم. هذه الزيارة هي فعل أمل للبنان وللشعب اللبناني”.

ربما يعجبك أيضا