“المشيشي” يتسلم رئاسة الحكومة.. هل ينجح في وقف نزيف اقتصاد تونس؟

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

تسلم رئيس الحكومة التونسية الجديد هشام المشيشي، ظهر اليوم الخميس، رسميًا مهام منصبه، من خلَفه السابق إلياس الفخفاخ.

وتعد حكومة المشيشي عاشر حكومة في تونس بعد الإطاحة بنظام زيد العابدين بن علي، أي بمعدل حكومة كل عام، وهو ما يعكس حالة من الاضطراب السياسي في البلاد.

ووافق البرلمان التونسى، الأربعاء على منح الثقة لحكومة تكنوقراط يرأسها هشام المشيشي، وسط آمال بإنهاء أشهر من عدم الاستقرار السياسي، والاتجاه لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.


إيقاف النزيف الاقتصادي

المشيشي وخلال مراسم تسلمه ملفات الحكومة، قال إن المناخ الاقتصادي والسياسي الصعب والمعقد الذي تعيشه تونس حاليًا، لن يثني حكومته عن بذل كل الجهود الكفيلة بإيقاف النزيف الاقتصادي ورفع التحديات التي من شأنها ضمان استقرار البلاد.

وشدد رئيس الحكومة التونسية الجديد على أهمية  العمل على مكافحة الإرهاب ومجابهة الجريمة بكل حزم، مشيرا إلى استقرار الوضع الأمني للبلاد، ودعمه للمؤسستين الأمنية والعسكرية.

وأبدى المشيشي استعداده للعمل بالشراكة مع البرلمان ورئاسة الجمهورية وجميع القوى من أحزاب ومنظمات وطنية ومجتمع مدني، قائلا إنه سيكون منفتحا على النصح والإرشاد بما فيه مصلحة البلاد.

الصــــمت غير مقبـــول

أما رئيس الحكومة السابق، إلياس الفخاخ، فقال في كلمته أثناء تسليم مهامه “إننا خسرنا لحظة تاريخية لترسيخ الثقة بين الشعب والدولة.. نعيش لحظة حضارية لمشاعر متداخلة بين الرضا والقلق والأمل والألم.. الألم لما آلت إليه الأمور في وطننا العزيز”.

وشدد على أن تونس ”تتعثر وتتهددها الفئوية، وهناك نزعة نحو تحقيق المصالح الضيقة.. الوطن بصدد الضياع بين أيادي الانتهازيين.. حان وقت التحرك والصمت غير مقبول”.

وأشار الفخفاخ، الذي قدم استقالة حكومته إلى الرئيس التونسي قيس سعيد في 15 يوليو الماضي، إن “تونس عادت للدخول في حالة من عدم الاستقرار السياسي وتواجه حالة من الفساد المستشري الذي اختلط بالسياسة”.

وأصيب اقتصاد تونس بالشلل بسبب ارتفاع الديون وتدهور الخدمات العامة، وزاد من سوء الوضع فيروس كورونا، وعقّد عام من عدم اليقين السياسي الجهود المبذولة لمعالجة هذه المشاكل.

وانكمش اقتصاد تونس المعتمد على السياحة بنسبة 21.6٪ في الربع الثاني من 2020، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بسبب أزمة فيروس كورونا.

25 وزيرا و3 كتاب دولة

وبموافقة 134 نائبا، صدّق برلمان تونس بالغالبية على الحكومة المقترحة من المشيشي والتي تضم 25 وزيرا وثلاثة كتاب دولة، من بينهم 8 نساء.

وأدى رئيس الحكومة الجديد هشام المشيشي والوزراء وكتاب الدولة أمس الأربعاء اليمين الدستورية بقصر الرئاسة بقرطاج، كما قاموا بعد ذلك بالتصريح بمكاسبهم ومصالحهم لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، الذي يمثل أحد شروط مباشرة المهام بالنسبة لكبار مسؤولي الدولة والنواب.

خلاف الرئاسة والحكومة

وعلى الرغم من أن الرئيس قيس سعيد اقترح المشيشي لمنصب رئيس الوزراء، إلا أن السياسيين التونسيين يقولون إنه تخلى عن دعمه له منذ ذلك الحين، مما يؤكد احتمالية حدوث توترات بين الرئاسة والحكومة.

وقال مسؤولون من الأحزاب إن سعيد طلب منهم التصويت ضد حكومة المشيشي والاستمرار بدلا من ذلك في حكومة تصريف الأعمال.
وتعد جهود المشيشي لتشكيل حكومة هي الثالثة منذ الانتخابات البرلمانية في أكتوبر، بعد أن رفض مجلس الوزراء حكومة مقترحة في يناير واستقالة ثانية في يوليو بعد أقل من خمسة أشهر من تشكيلها.

ومع أن نوبات الخلاف السياسي السابقة في تونس قد ركزت على الانقسام بين العلمانيين والإسلاميين، أو على الإصلاحات الاقتصادية، يبدو أن التوترات الحالية متجذرة أكثر في تقسيم السلطات بين الرئيس والبرلمان.

وقال الرئيس قيس سعيد، وهو سياسي مستقل فاز بالرئاسة بأغلبية ساحقة العام الماضي، إنه يريد تعديل النظام السياسي، وأشار إلى أن “هناك أطرافا تفتعل الأزمات التونسية وهي مصطنعة وغير طبيعية، وسيأتي اليوم الذي تُعلن فيه كل هذه الحقائق”.

تراجع “النهضة” أمام المشيشي

قلبت حركة النهضة الإخوانية مواقفها إزاء حكومة التونسية الجديدة، هشام المشيشي، فمن المعارضة الشديدة له، إلى منحه الثقة، في خطوة عدها مراقبون خطوة انتهازية من جانب الحركة، لتجنب السيناريو الأخطر عليها وهو الانتخابات المبكرة، في ظل تراجع شعبيتها.

يقول الباحث والكاتب السياسي، بسام حمدي، إن النهضة اختارت التصويت لحكومة المشيشي لاعتبارات متعددة، أبرزها خوفها من حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

أما الاعتبار الثاني للتصويت لحكومة المشيشي، بحسب حمدي، فهو إيجاد آلية دستورية تتمثل في إبقاء هذه الحكومة مدة معينة، ثم تسحب الثقة منها، وبعد ذلك تصبح هي من تختار الشخصية التي تراها مناسبة لرئاسة مجلس الوزراء، وليس رئيس الدولة.

وأضاف حمدي أن هذه الانتخابات ربما تمنح الحزب الدستوري الحر ورئيسته، عبير موسي، المرتبة الأولى لذلك اتجهت النهضة لدعم المشيشي، مشيرا إلى أن خزانها الانتخابي تقلص، وهو ينخفض باستمرار.

من جهته أعرب الكاتب والخبير التونسي، أبو بكر الصغير، عن اعتقاده بأن الأزمة السياسية في تونس ستستمر، ولن تحل بالطريقة تريدها النهضة، الساعية نحو دفع البلاد إلى الانخراط في أجندات خارجية تؤسس لها مع أطراف أجنبية.

وأشار إلى أن التطورات في مجلس نواب الشعب أظهرت أن النهضة هي أصل الأزمة السياسية في تونس، مشيرا إلى مشاهد مخزية شهدها البرلمان بفعل رئاسته التي تتولاها حركة النهضة.

ربما يعجبك أيضا