“شمع الظلام” يواصل إحراق أطفال غزة‎

محمود

كتب – محمد عبد الكريم

قبل 8 سنوات لقي 3 أطفال فلسطينيين مصرعهم في قطاع غزة في حريق سببته شمعة كانت تنير غرفة نومهم، في ظل أزمة الكهرباء المتفاقمة في القطاع بفعل الحصار المفروض.

الأشقاء الثلاثة: صبري سنتان، وفرح (5 سنوات) ونادين (6 سنوات) كانوا يحاولون تبديد مخاوفهم كأطفال من الظلام، إلا أنهم لم يكونوا يعلمون أن “الغول” الذي يتوهمه الأطفال عادة ليس إلا خرافة، وأن الوحش الحقيقي هو الشمع الذي لجأوا إلى ضوء ناره، فحرقهم.

لم تكن تلك آخر أحزان القطاع، فقد تكررت المأساة قبل يومين عندما، لقي الأشقاء محمود (5 سنوات) ومحمد (4 سنوات) ويوسف (3 سنوات) عمر الحزين، حتفهم حرقا، فجر الأربعاء جراء حريق شبّ داخل منزلهم في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، نتيجة استخدام العائلة لشمعة في إنارة منزلهم في ظل الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي.

وقال أسامة الحزين (عم الأطفال الثلاثة) “تفاجأنا ليل الثلاثاء، بنشوب حريق كبير بمنزل أخي، حيث كان أطفاله الثلاثة نائمين، بينما خرج هو لشراء بعض الحاجيات”.

وأضاف إن العائلة برفقة الجيران “حاولوا إطفاء الحريق باستعمال المياه، وبعد انتهائهم وجدوا أن جثث الأطفال قد تفحمت”.

وبموت الأطفال الثلاثة يرتفع عدد الضحايا الذين سقطوا جراء أزمة انقطاع التيار الكهربائي وبحث السكان ولاسيما الفقراء منهم عن بدائل غير آمنة إلى (35) إنسانا من بينهم (28) طفلاً و(6) سيدات، وإصابة (36) آخرين بحروق متفاوتة من بينهم (20) طفلاً”.

ويعاني القطاع أزمة كهرباء خانقة، إذ تصل ساعات الانقطاع اليومي إلى أكثر من 18 ساعة، بعدما توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل جراء نفاد الوقود، إثر إجراءات مصيرية جديدة قلصت الكميات المهربة منه إلى القطاع.

وكانت “مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان” قالت إن “أزمة الكهرباء في القطاع لم تشهد أي تحسن أو انفراج منذ أن بدأت قبل شهر ونصف الشهر تقريبا، باستثناء أيام قليلة كان آخرها مطلع الأسبوع الماضي عندما تم تشغيل محطة توليد الكهرباء بناء على الكمية المحدودة من الوقود الصناعي التي تم توفيرها عن طريق معبر كرم أبو سالم، ومن ثم أعلن مجددا توقفها للمرة الثالثة على التوالي الأحد الماضي”.

بدوره، عبّر مركز الميزان لحقوق الإنسان، عن أسفه الشديد لوفاة الأطفال، جراء الحريق الذي شبّ نتيجة إشعال شمعة.

وأفاد المركز، في بيان صدر عنه، أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي المستمرة، التي يعاني منها قطاع غزة منذ عام 2006، نتيجة استهداف قوات الاحتلال لمحطة توليد الطاقة الكهربائية الوحيدة في قطاع غزة واستمرار الحصار الذي تفرضه عليه، تسببت في سقوط عشرات الضحايا.

وطالب المركز، الحكومة الفلسطينية والأحزاب السياسية، بالبحث عن “حلول جدية تُنهي أزمة التيار الكهربائي”.

ودعا المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة إلى “تقديم كل مساعدة ممكنة لإنهاء مشكلة التيار الكهربائي، وما يترتب عليها من تدهور للوضع الإنساني والمعيشي وانهيار لقطاعات عدة”.

وفي 13 أغسطس الماضي، قررت إسرائيل منع إدخال الوقود والمحروقات إلى القطاع، ونتيجة ذلك، تعطلت محطّة توليد الطاقة الوحيدة، والتي تزوّد بشكلٍ عام ثلث الكهرباء التي تصل السكّان، وهو ما أدى إلى تفاقم أزمة الكهرباء.

ويحتاج القطاع، إلى نحو 500 ميغاوات، لا يتوفر منها في الوقت الحالي، سوى 180 ميغاوات.

وقال محمد ثابت، الناطق باسم شركة “توزيع الكهرباء” في غزة، إنّ محطة التوليد التي قد تتوقف عن العمل إذا استمر منع إدخال الوقود، توفر نحو 60 ميغاوات، فيما تحصل الشركة على 120 ميغاوات من إسرائيل.

وأوضح ثابت أن غزة كانت تحصل في السابق على 18 ميغاوات من مصر، لكنها توقفت منذ مارس/ آذار الماضي، بسبب الأوضاع الأمنية في سيناء”.

ولفت الناطق باسم شركة توزيع الكهرباء، إلى أنّ عدد ساعات وصل التيار لمنازل المواطنين والمنشآت، قد يصل إلى 4 ساعات أو أقل في اليوم، في حال استمر منع إدخال الوقود اللازم لمحطة التوليد.

بدوره، قال الباحث الحقوقي بهجت الحلو إن ليلة أخرى مؤلمة قد مضت على نبأ فاجعة وفاة ثلاثة أطفال في قطاع غزة لحريق تسببت به شمعة في غرفة نومهم، ما يضع قضية حقوق الأطفال مرة أخرى في صدارة كل ما يجب القيام به.

وأشار الحلو إلى أن الأطفال هم أكثر الضحايا في قطاع غزة تأثراً بالحالة الرثة التي يعيشها قطاع غزة خصوصاً مع الانقطاع الدائم للكهرباء منذ سنوات طويلة سبقت ولادة الأطفال الذين قضوا في هذا الحريق.

وحذر  من أن “العتمة والظلام الدائمين في قطاع غزة أورثا أطفالاً بانحرافات في أعينهم نتيجة فصولهم الدراسية التي تحتاج إلى إنارة، وأطفالاً تمتلئ أجسامهم بماء غير صالح للشرب، وبشواطئ لا تصلح لسباحتهم فيها نتيجة تلوثها بمياه الصرف الصحي بسبب تعطل أجهزة المعالجة لغياب الكهرباء.

ربما يعجبك أيضا