مالي.. “ضغوط” على الانقلابيين لتسليم السلطة لشخصية مدنية

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

بدأ المجلس العسكري المالي يجد نفسه محاصرا من جميع الجهات، فمن ناحية الضغوط والحصار الدولي والإقليمي، ومن جهة المجموعات الانفصالية في الشمال، والصراعات القبلية، يضاف إلى ذلك أزمة اقتصادية خانقة، وتصاعد انتشار وباء كورونا في ظل منظومة صحية متهالكة، وازدياد رغبة الشباب في خوض مجازفة الهجرة بطرق غير نظامية نحو أوروبا في ظروف خطيرة ومهددة للحياة.

وهذه الأزمات جميعها، لا تتيح للمجلس العسكري مساحة واسعة للمناورة والبقاء في السلطة أطول مدة ممكنة، خصوصا في ظل وجود آلاف من القوات الأجنبية في البلاد، وبشكل خاص فرنسية أو أفريقية، كما أن العسكريين الذين قاموا بانقلاب 2012 فشلوا بشكل ذريع في إدارة مالي، واضطروا لتسليم السلطة إلى شخصية مدنية بعد عام واحد.

المجلس العسكري أدرك هذه الحقائق والمسلمات، لذا فقد شرع في سلسلة مشاورات مع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والدينيين، حول “التهيئة لفترة انتقال مدنية”، ويأتي ذلك بعد أن أعلن الانقلابيون في مالي تنصيب زعيم الانقلابيين “أسيمي غويتا” رئيسًا للجمهورية، كما تم إعلان وثيقة، مكونة من 41 مادة تشرح “الحقوق والواجبات الأساسية”.

ويواجه المجلس ضغوطات متزايدة من الدول المجاورة بسبب مخاوف من حدوث مزيد من عدم الاستقرار في البلد الذي تمزقه الصراعات بالفعل، كما أن المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) اشترطت، في قمة استثنائية، أن تتولى شخصية مدنية قيادة المرحلة الانتقالية، بحيث لا تتجاوز 12 شهرا، يليها انتخابات رئاسية وبرلمانية.

يقول المحلل السياسي المالي حمدي جوارا: “في قمة الإيكواس اليوم، قادة المنظمة أمهلوا القادة العسكريين في مالي مهلة لتعيين رئيس مدني ورئيس وزراء مدني أيضا حتى ١٥ سبتمبر وطالب رئيس النيجر أن يساعدوا الماليين في الخروج من الأزمة وهي عبارة ذكرها الشيخ محمود ديكو حين خاطب الجنود بألا يكونوا سببا في إطالة الحصار على مالي، وأضاف: تم رفع حظر التجول في مالي  والذي كان مفروضا من أول أيام الانقلاب..  الحياة بدأت تسير في مجراها الطبيعي وحتى على المستوى السياسي، نحن نحو اتجاه لتصحيح مسار الثورة، والتعويل كبير على الشباب اليقظ والذي فرض نفسه بالأمس على أجندة الحوار بالأمس”.

“إيكواس”

ودعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” مجددا، المجلس العسكري في مالي إلى انتقال “سريع” للسلطة للمدنيين إثر انقلاب  18 أغسطس/آب الماضي.، وقال رئيس النيجر محمدو يوسفو، الرئيس الحالي للمجموعة في بداية قمة لقادة المجموعة بالفيديو، إنه : “من واجب مجموعتنا مساعدة الماليين على استعادة كل المؤسسات الديمقراطية سريعا.. المجلس العسكري عليه مساعدتنا من أجل مساعدة مالي”، وتابع:” لدى الشركاء الاستراتيجيين للشعب المالي ذات الأمل”.

وفرضت المجموعة المؤلفة من 15 بلدا عقوبات على المجلس العسكري وعلى مالي عبر إغلاق حدود الدول الأعضاء ووقف التدفقات المالية والتجارية ودعت لإجراء انتخابات خلال 12 شهرا، وخلال قمة طارئة للمجموعة بشأن مالي الأسبوع الماضي، أشار يوسفو إلى أنّ العقوبات “سترفع تدريجيا استنادا” إلى تطبيق الإجراءات التي تسمح بالعودة للحكم المدني.

وعقب الانقلاب الذي شهدته مالي، مساء 18 أغسطس/ آب الماضي، فرضت ” إكواس” عقوبات على مالي، تضمنت إغلاق 14 من الدول الأعضاء مجالاتها الجوية والبرية أمام مالي، وتعليق الأنشطة الاقتصادية والتجارية معها.

المبعوث الأمريكي

بدروه، دعا المبعوث الأمريكي الخاص إلى منطقة الساحل، بيتر فام، إلى تعزيز الاستقرار في مالي، والعودة السريعة لنظام دستوري بقيادة مدنية في الوقت المناسب، وشدد فام في تصريحات أعقبت لقاءه الإثنين بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على منع ما وصفها ب”التداعيات التي قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في مناطق أخرى من غرب إفريقيا”.

واعتبر أن الهدف من الجهود الدبلوماسية الأمريكية في منطقة الساحل هو مساعدة حكومات غرب أفريقيا على التعامل مع انعدام الأمن واحتواء انتشار العنف وتحقيق الاستقرار في المنطقة، وترأس موريتانيا الدورة الحالية لتجمع بلدان الساحل الأفريقي الخمسة التي تضم إلى جانبها كل من مالي والتشاد والنيجر وبوركينافاسو.

إنقاذ “اتفاق الجزائر”

كما وصل وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، مبعوثا للرئيس عبد المجيد تبون، بحكم أن بلاده لعبت دورا رئيسيا في الوساطة بين المسلحين الطوارق في الشمال وحكومة باماكو، ورغم أن الجزائر أدانت بشدة الانقلاب على الرئيس كايتا، إلا أن زيارة بوقادوم إلى باماكو، في 28 أغسطس، لم تحمل نفس لهجة الإدانة السابقة، خاصة بعد تنازل كايتا عن الحكم.

وتسعى الجزائر لضمان عودة “سريعة” للوضع الدستوري عبر انتخابات رئاسية، تنهي المرحلة الانتقالية، وتضمن عدم انهيار الدولة، أو سقوطها في يد الجماعات المسلحة، أو انقسامها في حالة انهيار “اتفاق الجزائر” بين حكومة باماكو والطوارق في الشمال.

 

ربما يعجبك أيضا