وسط تضامن واستنكار عربي.. الإرهاب يضرب تونس من البوابة الليبية

حسام السبكي

حسام السبكي

حقبة من الزمان، ليست بالقصيرة، عمرها يزيد على الـ5 سنوات، منذ الهجوم الإرهابي، الذي وصف حينها بـ”الأسوأ” في السنوات الأخيرة، وتحديدًا في يونيو 2015، حيث قُتل 38 شخصا معظمهم بريطانيون وجرح تسعة وثلاثون آخرين في إطلاق نار داخل أحد الفنادق السياحية في مدينة سوسة السياحية.

وبالأمس، عادت المدينة الساحلية لتتصدر المشهد التونسي من جديد، حيث شهدت اعتداءً إرهابيًا، يختلف عن سابقه في الآلية والأسلوب، ليستهدف بشكل مباشر دورية أمنية في المدينة التونسية، أوقع معه قتيل من قوات الحرس الوطني، فيما قُتل آخر، يأتي هذا، تزامنًا مع تولي هشام المشيشي، المسؤولية رسميًا كرئيس جديد للحكومة، يحظى بثقة الأغلبية البرلمانية، ليزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد، التي تبحث عن الاستقرار والتقدم.

هجوم سوسة الإرهابي

شهد أمس الأحد، هجوم أو اعتداء إرهابي نوعي، نفذه عددٌ من المسلحين، فبحسب ما أعلنته قوات الحرس الوطني التونسي، أن مسلّحين يحملون سكاكين قتلوا عنصرا من الحرس الوطني وجرحوا آخر في اعتداء وصف بـأنه هجوم “إرهابي” في مدينة سوسة شرقي تونس، قبل أن تقتل قوات الأمن ثلاثة مهاجمين.

وقال المتحدث باسم الحرس الوطني التونسي حسام الدين الجبالي، وفقًا لـ”وكالة الأنباء الفرنسية”، إن “دورية أمنية تضم اثنين من أعوان الحرس الوطني تعرّضت للاعتداء بسكين من طرف إرهابي في وسط مدينة سوسة”، على بعد 140 كيلومترًا جنوب العاصمة تونس.

وأضاف أن “واحدا منهما استُشهد والثاني مصاب بجروح ويرقد في المستشفى”.

وأوضح المتحدث أن قوات الأمن لاحقت المهاجمين الذين استولوا على أسلحة عنصري الحرس الوطني وسيارتهما، في منطقة القنطاوي السياحية، مضيفا أن “ثلاثة إرهابيين قُتلوا في تبادل إطلاق نار”.

لكن وزارة الداخلية التونسية أفادت في بيان بأن رجلي أمن تابعيْن للحرس الوطني تعرضا لعملية دهس بسيارة يستقلها 3 “إرهابيين” في سوسة، وبأن قوات الأمن لاحقت المهاجمين وقتلتهم بعد تبادل لإطلاق النار معهم.

يأتي هذا الهجوم بعد يومين فقط من استلام حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي السلطة في البلاد خلفا لحكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة، وهو ما يكشف عن التحديات الأمنية التي تواجهها تونس التي تعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية.

إدانة وشجب عربي واسع

قبل الخوض في ردود الأفعال العربية، نشير أولًا إلى تعليق رئيس الدولة، الذي رأى في الهجوم السافر، محاولة بائسة لضرب الاستقرار في تونس الخضراء.

ووصف الرئيس التونسي قيس سعيد، هجوم سوسة الذي وقع، الأحد، بأنه “محاولة فاشلة لضرب الاستقرار في تونس”.

وأكد الرئيس التونسي بحسب بيان صادر عن الرئاسة التونسية، أن مثل هذه العمليات الإرهابية لن تنقص من عزم الدولة على محاربة الإرهاب، مشددا على أهمية تحقيق الاستقرار لمواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية.

على المستوى العربي، وتحديدًا من الجارة الجزائر، حيث أدانت بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف، الأحد، دورية للحرس الوطني التونسي بمدينة بسوسة، معربة عن “تضامنها التام مع الشقيقة تونس” ووقوفها إلى جانبها في مواجهة التهديد الإرهابي، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الشؤون الخارجية.

وأكد الشيخ نواف الأحمد موقف الكويت الرافض لهذه الأعمال الإرهابية الشنيعة التي تستهدف أرواح الأبرياء الآمنين، وزعزعة الأمن والاستقرار في تونس، مشددًا على أنها تتنافى مع كافة الشرائع والأعراف والقيم الإنسانية.

كما بعث رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، برقية عزاء مماثلة إلى الرئيس التونسي.

الخارجية الأردنية بدورها، دانت الهجوم الإرهابي الذي استهدف رجلي أمن في مدينة سوسة في الجمهورية التونسية.

وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير ضيف الله علي الفايز تضامن المملكة مع حكومة وشعب الجمهورية التونسية الشقيقة في مواجهة الإرهاب، كما أكد على موقف المملكة الرافض لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف دون تمييز الجميع.

البرلمان العربي، دان هو الآخر على لسان رئيسه، مشعل بن فهم السُّلمي، العملية الإرهابية التي استهدفت عناصر من الأمن التونسي صباح الأحد.

وجاء في البيان:” تدين الجزائر بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف نهار اليوم دورية للحرس الوطني التونسي بمدينة بسوسة، ما أدى إلى استشهاد عون للحرس وجرح آخر، معربة خالص التعازي لأسرة الشهيد والتمنيات بالشفاء العاجل للعون المصاب”.

وتجدد الجزائر، يضيف البيان، “تضامنها التام مع الشقيقة تونس ووقوفها إلى جانبها في مواجهة التهديد الإرهابي الذي لن يتمكن أبدا من النيل من عزيمتها شعبا وحكومة في الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها”.

كما تؤكد الجزائر “عزمها الراسخ على مكافحة الإرهاب ودعم المساعي الدولية والإقليمية الرامية إلى اجتثاث هذه الآفة والقضاء عليها”.

وأعربت المملكة العربية السعودية، عن إدانتها للهجوم الإرهابي الذي استهدف قوات الأمن في مدينة سوسة التونسية.

وعبرت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة واستنكارها الشديدين للهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل رجل أمني تونسي وإصابة آخر.

وأضافت الوزارة، في بيان، أنها تتضامن بشكلٍ تام مع الجمهورية التونسية في التصدي لأي محاولة لاستهداف أمنها واستقرارها.

ومن السعودية إلى الكويت، حيث أدانت واستنكرت بشدة، الهجوم الإرهابي، جاء ذلك خلال برقية عزاء بعث بها نائب أمير الكويت ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، مساء الأحد، إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، أعرب خلالها عن خالص تعازيه وصادق مواساته له ولأسرة ضحية هذا العمل الإرهابي، سائلًا المولى تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يمن على المصاب بسرعة الشفاء والعافية، وأن يحفظ تونس من كل سوء ومكروه.

وقال السلمي في بيان صحفي الأحد، إن “هذا العمل الإرهابي الجبان لن ينال من جهود الحكومة التونسية الجديدة في فرض الأمن والاستقرار، والتصدي بكل قوة لمخططات الجماعات الإرهابية الخبيثة وأعمالها الإرهابية الجبانة التي تستهدف قوات الأمن والأبرياء من أبناء الشعب التونسي”.

وأكد رئيس البرلمان العربي وقوف وتضامن البرلمان التام مع تونس في محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن، مشيدا بالجهود التي تبذلها قوات الأمن التونسية لحماية أمن البلاد والحفاظ على استقراره.

كما أدانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف رجلي أمن في محافظة سوسة شرقي الجمهورية التونسية.

وأعربت المنظمة عن خالص التعازي والمواساة لأسرة الضحية، متمنية الشفاء العاجل للجريح. وأكدت المنظمة على تضامنها مع الحكومة التونسية في الإجراءات التي تتخذها للحفاظ على أمنها واستقراراها.

سيارات مشبوهة

لم ينته يوم الأحد عند هذا الحد، وكأن تونس مستهدفة بهجمات مختلفة ومتفرقة، حيث أعلنت وزارة الدفاع التونسية، إن وحداتها العسكرية أطلقت النار على 3 سيارات مشبوهة قادمة من ليبيا اخترقت الحدود بعد مطاردتها، وتمكنت من توقيف اثنين منها، فيما لاذت السيارة الثالثة بالفرار.

وأوضحت الوزارة في بيان بوقت متأخر من يوم الأحد، أن وحداتها العسكرية العاملة بمدينة رمادة الواقعة أقصى الجنوب التونسي، رصدت تحرّكات مشبوهة لثلاث سيارات قادمة من التراب الليبي، توغلت داخل المنطقة الحدوديّة العازلة على مستوى الساتر الترابي، فتولت ملاحقتها وإطلاق أعيرة ناريّة تحذيريّة في الفضاء لإجبارها على التوقف، لكنّها لم تمتثل لذلك، فتم في مرحلة ثانية الرمي على مستوى العجلات وإجبار اثنتين منها على التوقف، فيما لاذت السيارة الثالثة بالفرار، وبتفتيش السيارتين تم توقيف شخصين تونسيين.

ربما يعجبك أيضا