غضب الأنهار في السودان.. عشرات القتلى وآلاف المشردين والحبل على الجرار

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

يعيش السودان أوضاعًا كارثية بعد أن أودت الفيضانات التي تشهدها البلاد بحياة أكثر من 100 شخص وتأثر جراءها أكثر من نصف مليون آخرين وأدت إلى انهيار أكثر من 100 ألف منزل، وعشرات المزارع والبساتين على ضفاف مجاري السيول.

وإزاء تفاقم الوضع، أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني، اعتبار البلاد منطقة كوارث طبيعية، كما أعلن حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر لمواجهة الأوضاع الكارثية التي شملت 16 عشر ولاية.

وقال المجلس في بيان إنه بعد “تأكيد كل القراءات على تجاوز معدلات الفيضانات والأمطار هذا العام للأرقام القياسية.. تم الإعلان عن حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر، وتقرر اعتبار السودان “منطقة كوارث طبيعية”، كما تم تشكيل لجنة عليا لدرء ومعالجة آثار السيول والفيضانات لخريف هذا العام برئاسة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وعضوية كل الوزارات والولايات والجهات ذات الاختصاص لتنسيق”.

من جانبها قالت لينا الشيخ وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية، إن المجلس استمع للتقارير المتعلقة بفيضانات هذا العام ووقف على حجم الخسائر البشرية والأضرار المادية التي أسفرت عن تأثر 16 ولاية من ولايات السودان، ووفاة 100شخص وإصابة 46 آخرين وتضرر أكثر من نصف مليون نسمة وانهيار كلي وجزئي  لأكثر من 100 ألف منزل.

غضب الطبيعة

غضب الأنهار هذه المرة  تجاوز كل التوقعات وبلغت مستوى غير مسبوق منذ قرن كامل، حيث اتسعت الفيضانات لتشمل معظم أنهار السودان وزاد منسوب النيل واجتاحت الفيضانات مئات القرى على ضفافها، وقالت وزارة المياه والري “إن منسوب النيل الأزرق ارتفع إلى 17.57 مترا (57 قدما)، ووصفته بأنه “مستوى تاريخي منذ بدء رصد النهر في العام 1902”.

وحسب البيانات الرسمية في السودان، تجاوزت معدلات الفيضانات والأمطار لعام 2020، الأرقام القياسية التي رصدت خلال العامين (1988-1946).

ويبدأ موسم الأمطار الخريفية في السودان من يونيو ويستمر حتى أكتوبر، وتهطل عادة أمطار قوية في هذه الفترة، وتواجه البلاد فيها سنويا فيضانات وسيولا.

تزامنت هذه الأوضاع بعد مرور عام كامل على تشكيل حكومة عبدالله حمدوك التي أدت القسم في 8 سبتمبر العام الماضي إثر ثورة شعبية أطاحت بنظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وتشير التقارير، إلى أن الفشل الذي منيت به الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية، انعكس في القدرة على الاستجابة لتحدي الفيضانات ما زاد من تفاقم الكارثة، وفضلا عن أنها غارقة في أولويات سياسية من قبيل خوض المعارك مع من تعتبرهم خصوم لها.

حلت الحكومة في أول عهدها عشرات المنظمات الإنسانية الخيرية ذات الخبرات الطويلة في مواجهة الكوارث ولم ينتج الجهد الرسمي ما يعوض هذه المنظمات.

ومع تواضع القدرات الاقتصادية وتزايد نسبة الفقر وتآكل امكانيات الناس لمواجهة مثل هذه الكوارث، لم تمتد بعد من خارج البلاد يد حانية على ضحايا الفيضانات، فما زال الدعم الإقليمي والدولي في حكم المعدوم.

ولا يعود ذلك في تأخر الحكومة في إعلان البلاد منطقة كوارث، بل لاختلال واضح في ميزان علاقات البلاد الخارجية.
 
ويلقي الخبراء باللوم على الحكومات المتعاقبة ونسبوا لها النصيب الأكبر من مسؤولية التقصير، لكن ميل الناس للسكن على ضفاف الأنهار ومسارات السيول دون توفر البنية التحتية اللازمة لذلك، من الأسباب الرئيسية لتكرار مثل هذه الكوارث.

وتقول الحكمة الموروثة “يجب أن لا يغتر الناس بسنوات الجفاف، فإن السيل لا ينسى مجراه لمئة عام”.

تأتي الفيضانات التي دمرت السودان اليوم وتحيله إلى منطقة كوارث طبيعية بعد سنوات من جولات التفاوض الساخنة بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، وتكتنف هذا الأمر مخاوف كبيرة من عطش ينال دولتي المعبر والمصب، والعبرة المستخلصة أن السماء لا تبخل بنعمة الماء وإن بخل البشر باقتسامها بعدل وإنصاف.

تضامن

ولمساندة السودان في جهوده لمواجهة تداعيات السيول والفيضانات، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على تضامن الجامعة الكامل مع الخرطوم، وتقدم بتعازيه لقيادة وحكومة وشعبا السودان، ولأسر ضحايا هذه الكارثة، ومتمنياً الشفاء العاجل للمصابين.

ووجه أبو الغيط بتقديم دعم مالي عاجل للحكومة السودانية من صندوق دعم الشؤون الإنسانية لدى الجامعة العربية لمساعدة الحكومة على مواجهة تداعيات هذه الكارثة وتوفير الإغاثة للمتضررين من هذه السيول والفيضانات.

وأعلنت القوات المسلحة المصرية، إرسال طائرتين عسكريتين، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، تحملان مساعدات عاجلة لمتضرري الفيضانات في السودان.

من جانبه، أكد الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، تضامن الإمارات، مع السودان، وغرد عبر تويتر: “تضامننا مع السودان الشقيق لتجاوز محنته إثر السيول والفيضانات التي اجتاحته وأسفرت عن خسائر في الأرواح، وخالص تعازينا ومواساتنا إلى أسر الضحايا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للمصابين والسلامة للشعب السوداني الشقيق من كل مكروه”.

ربما يعجبك أيضا