بعد فوزه برئاسة الحزب الحاكم.. تعرف على وجه اليابان الجديد يوشيهيدي سوغا

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

انتخب الحزب الحاكم في اليابان، الإثنين الموافق 14 سبتمبر 2020، كبير أمناء مجلس الوزراء يوشيهيدي سوغا رئيسا جديدا له خلفا لرئيس الوزراء المنتهية ولايته شينزو آبي، في خطوة تخوله لشغل منصب رئاسة الحكومة وقيادة الأمة في عصر ما بعد آبي.

حصل سوغا على 377 صوتا من أصل 534 صوتا لنواب الحزب الليبرالي الديمقراطي، متفوقا بأشواط واسعة على منافسيه وزير الدفاع السابق شيجيرو إيشيبا ووزير الخارجية السابق فوميو كيشيدا، إذ حصلا على 68 و89 صوتًا على الترتيب، وهذا الفوز الساحق ينتظر أن يحققه بعد أيام، في جلسة استثنائية للبرلمان – الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم- مخصصة للتصويت على اسم رئيس الوزراء الجديد.

من هو يوشيهيدي سوغا؟
إذا فوز سوغا برئاسة الوزراء أمر حسمه انتخابه لرئاسة الحزب الحاكم، بأغلبية لا تقبل الشك، والرجل يتمتع بشعبية في الوسط السياسي كونه كان على مدار نحو 8 أعوام الوجه الأول لحكومة آبي، سواء كمتحدث باسم الحكومة أو ككبير للأمناء “المستشارين”.

ولد سوغا عام 1948 في جنوب شرق محافظة أكيتا لعائلة تعمل في مجال الزراعة، وبعد حصوله على شهادة الثانوية انتقل إلى طوكيو، للالتحاق بالجامعة، وأثناء هذه الفترة عمل في مهن صغيرة لتأمين مصروفات الدراسة، ومن بين هذه المهن بيع السمك وعامل في مصنع لإنتاج الكرتون.

في عام 1973 حصل على ليسانس الحقوق من جامعة هوسي، وبدأ مسيرته في عالم السياسة.

في 1975 عمل سكرتيرا لعضو البرلمان أوكونوغي هيكوسابوبو.

1987 انتخب عضوا في مجلس مدينة يوكوهاما.

1996 انتخب عضوا في البرلمان عن محافظة كاناغاوا.

2005 عُين نائب لوزير الاتصالات والشؤون الداخلية، وبعدها بعام واحد أصبح وزيرا للاتصالات ووزير الدولة لإصلاح اللامركزية.

2012 عُين في منصب كبير أمناء مجلس الوزراء.

2017 تم انتخابه لولاية ثامنة في مجلس النواب.

نقاط قوته 
طوال فترة رئاسة آبي للحكومة كان سوغا هو أقرب مستشاريه إليه، وبصفته كبير أمناء مجلس الوزراء لأطول مدة في تاريخ البلاد فهو الآن يتمتع بخبرة عالية تجعله الأكثر دراية بأروقة السياسة اليابانية.

عرف عن الرجل طوال فترة عمله في الحكومة كره البيروقراطية، فعلى سبيل المثال كان يحرص على جمع المعلومات بشكل مستقل بدلاً من قبول استنتاجات وتقارير الوزارات على علتها، بحسب مقال نشر على موقع اليابان بالعربي العام الماضي، يبدأ سوغا يومه بجمع المعلومات، إذ يستيقظ في الخامسة صباحا ويقرأ الصحف لمدة ساعة قبل مشاهدة أخبار الساعة السادسة التي يبثها التلفزيون اليابانية، بعد ذلك يتناول وجبة الإفطار مع خبراء في الأوساط الأكاديمية أو وسائل الإعلام، ويقوم أيضًا بجدولة اجتماعين أو ثلاث اجتماعات من هذا القبيل بعد ساعات لمعرفة كل  مستجدات الساحة المحلية ومتابعة أخبار الوزارات.

يقضي سوغا من فترة لأخرى ساعات للتشاور مع الوزارات والوكالات بشأن تعيينات الموظفين ومشاكلهم، وهذا يعكس اقتناعه بأن إدارة شؤون الموظفين هي مفتاح ممارسة السلطة السياسية، والأهم أن هذا  يمنحه سيطره على أجهزة الدولة بشكل أكبر من غيره.

وعلى العكس من مستشاري آبي في الفترة ما بعد 2012، كان سوغا دائم التشجيع لرئيس الوزراء على الاهتمام بالاقتصاد، ولعب دورا رئيسيا في مبادرات الحكومة لجذب السياح والعمال الأجانب وخفض أسعار الهاتف المحمول.

لمع اسم سوغا محليا ودوليا عندما اختير للإعلان عن اسم العصر الإمبراطوري الجديد “ريوا” في أبريل 2019 بمناسبة بدء عهد الإمبراطور الياباني الجديد ناروهيتو، وربما كانت هذه هي الإشارة الأولى والأكثر وضوحا على أنه سيكون وريث آبي الذي استقال الشهر الماضي طواعية لظروف صحية.

وبعدها توالت الإشارات فتم إرساله إلى واشنطن في مايو 2019 للاجتماع مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، وشارك في حملة دعم مرشح الحزب الليبرالي الديمقراطي في انتخابات حاكم هوكايدو لعام 2019، وهو دور مخصص عادةً لكبار مسؤولي الحزب الحاكم، ما يعني أن الرجل مرضي عنه من قبل التيارات الرئيسية بالحزب، وهذه نقطة قوة لا يستهان بها عندما يكون الحديث عن اليابان.

عصر ما بعد آبي 
ينظر الكثيرون إلى سوغا باعتباره وجه لاستمرارية سياسات آبي، وهو من جانبه لم ينكر ذلك فقال لوسائل الإعلام قبل انتخابه اليوم: إنه سيسير على نهج آبي المتمثل في سياسة نقدية بالغة التيسير وسيواصل الإنفاق الحكومي والإصلاحات ويعتمد نهجا دبلوماسيا يرتكز على التحالف الأمني بين الولايات المتحدة واليابان.

الرجل سيتولى دفة الأمور في وقت صعب تواجه فيه البلاد ركودا اقتصاديا زادت وطأته نتيجة تداعيات جائحة كورونا، وستكون مهمته خلال الأشهر الأولى من وصوله إلى السلطة الحفاظ على انخفاض معدل الإصابة اليومية بالفيروس التاجي، بالتوازي مع إدارة ثالث أكبر اقتصاد بالعالم للخروج من دائرة الركود.

سيكون أمام سوغا مهمة أخرى هي تنظيم دورة طوكيو للألعاب الأولمبية في 2021 لإنقاذها من التأجيل الذي طالها هذا العام بسبب كورونا.

هذا فضلا عن قضايا أكثر عمقا مثل انخفاض عدد المواليد وسجل اليابان الضعيف فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين.

فوز سوغا الساحق اليوم – بحسب ما قالته “الجارديان” في تعليق على الخبر- أثار التكهنات بأنه قد يحاول الاستفادة من شعبيته لحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة من أجل الفوز بولاية كاملة، باعتبار أن سلفه آبي استقال قبل عام من نهاية ولايته، إلا أن سوغا رفض ها السيناريو وأكد أنه أولويته حاليا هي تحقيق توازن بين منع تفشي فيروس كورونا واستعادة الزخم الاقتصادي.

ربما يعجبك أيضا