خطر جديد أمام أردوغان.. الدب الروسي يطارد تركيا في سوريا

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

اعتاد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، منذ أن تحولت سياسة بلاده على يديه من “صفر مشاكل” إلى الحرب في جميع الجبهات، ومنها عجزه عن تحقيق أهدافه في سوريا التي رأى في الحرب الأهلية السورية فرصة سانحة لبسط نفوذه على البلاد، باعتبارها لقمة سائغة، ولكنه فوجئ بخطوط حمراء وقيود فرضتها عليه روسيا؛ التي تسعى هى الأخرى لحماية مصالحها في دمشق.

منذ عام 2011 وأردوغان يضع على رأس أولوياته رحيل نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، ورغم عملياته العسكرية الواسعة واستعانته بالتنظيمات الإرهابية، فشل في تحقيق أهدافه، ووضعته الخسائر الفادحة التي تكبدتها قوات الجيش التركي في سوريا، على يد قوات الجيش السوري، في موقف لا يُحسد عليه؛ خاصة في ظل الدعم الروسي للقوات السورية.

إضعاف الجيش

وبحسب ما يرى الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن التركي، محمود البتاكوشي: يعد أردوغان، أول المتهمين بإضعاف الجيش التركي، إذ استغل الانقلاب المزعوم في يوليو 2016، للتخلص من جميع القادة العسكريين بالجيش، وقضى بالفعل على ثلاثة أجيال من قادة الجيش، إذ ألقى القبض على قادة كبار في الجيش وقتل أحدهم في تمثيلية مفضوحة كشفتها وثيقة عسكرية تركية سرية تؤكد احتجاز أكثر من 7000 شخص كمجموعة أولى خلال 72 ساعة في غضون الانقلاب الفاشل في تركيا.

وأضاف البتاكوشي في تصريحات خاصة لـ”رؤية”: طرد عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين من وظائفهم، كما قام بإلهاء الجيش في الحروب كي يطيل فترة حكمه واستغل ذلك ليعدل الدستور للنظام الرئاسي بدلًا من البرلماني وأيضًا قمع حركة الخدمة وسحقها بزعم أنه يحافظ على قيم العلمانية أمام حركة إسلامية اجتماعية كانت حليفة له منذ وقت قريب.

الخروج الآمن

ويبحث “أردوغان” عن ملاذ آمن للخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه، محاولًا بشتى الطرق الوصول إلى اتفاق مع روسيا لوقف إطلاق النار في إدلب بالشمال السوري، لا سيما أن الضعف التركي شجع الجيش السوري لقصف مواقع الأتراك في أدلب من آن لآخر مستغلًا ما توفره له موسكو من غطاء جوي كامل من قاعدة حميميم الروسية؛ ما يؤكد أن موسكو لن تتراجع، ولن تسمح للنظام السوري بأن يتراجع إلى حدود سوتشي كما تطالب أنقرة، وأنها مستعدة لجميع الخيارات بما فيها التدابير العسكرية، مما كبد أنقرة الكثير من الخسائر في العتاد والجنود.

وضعت روسيا منذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، نصب عينيها الاستحواذ الكامل على سوريا، واستخدمت في سبيل ذلك إيران للقتال على الأرض، كما تحالفت مع تركيا لسحب البساط من تحت أقدام عملية جنيف، التي تديرها الأمم المتحدة بإشراف أمريكا، وإبطال الحل السياسي للمسألة السورية.

الدور الروسي

تركيا تدرك جيدًا أن روسيا عازمة على إسقاط إدلب لصالح النظام السوري مهما كان الزمن، وأصبحت عاجزة عن مواجهة ضربات النظام السوري، وكل ما يحدث الآن من تهديدات تركية ما هي إلا مسكنات لتخفيف وطأة سقوط إدلب في يد قوات الجيش السوري.

وأكبر دليل على ذلك ما صرح به مستشار أمير قطر، عزمي بشارة، في لقاء مع قناة الجزيرة القطرية قائلًا: “إن إدلب ستسقط ولا تضحكوا على السوريين في إدلب، وسوريا تحديدًا في ظل انحسار الدور التركي في المنطقة منذ عام 2013 بعد رحيل نظام الإخوان المسلمين في مصر، ثم رحيل نظام البشير في السودان، والتدخل الروسي في سوريا الذي جمد الدور التركي”.

يشار إلى أن موسكو رفضت تهديدات أردوغان بشن حرب في إدلب، وهو ما قابله الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بلهجة حاسمة لن نسمح بحدوث أسوأ سيناريو، وسنعمل على منع تصاعد التوتر في إدلب أكثر، وفقا لموقع سبوتنيك عربي.

لغة روسيا تؤكد امتلاكها مفاتيح الرئيس التركي فسبق أن أجبرته على التخلي عن الجماعات المتطرفة في الشمال السوري في مقابل السماح لتركيا في التوسع في محاربة الوجود الكردي، كما استطاعت روسيا معرفة حجم مشاركة أعداد المقاتلين القوقازيين من خلال تركيا وأماكن وجودهم وانتشارهم على الأراضي السورية، وهذا الأمر عزز من حماية الأمن القومي الروسي الذي عانى من الإرهاب في التسعينيات خاصة في الشيشان.

تراجع تركي

في سياق متصل، أكدت مصادر روسية أن موسكو تضغط على أنقرة لتقليص وجودها العسكري في منطقة إدلب، وسحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة الأمر الذي لاقى قبول لدى الجانب التركي، لكنه تحفظ على إزالة عدد من نقاط المراقبة المنتشرة حول المنطقة، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.

وتأتي المشاورات في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الذي توصل إليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، في مارس 2020، وبعد وقت قصير من قيام موسكو وأنقرة بتدريبات عسكرية مشتركة في إدلب، واشتملت التدريبات على وسائل لتعزيز التعاون والتنسيق في أثناء تسيير الدوريات، واستدعاء الإسناد في حال تعرُّض الدورية لهجوم، بما في ذلك التصرفات خلال القصف وإجلاء الأفراد والمعدات.

ربما يعجبك أيضا