مع اقترابه من الـ 100 عام.. “الأمير فيليب” الأب الصارم الذي خنق مشاعر ابنه تشارلز

أماني ربيع

أماني ربيع

مثل نجوم هوليود، لأفراد العائلات الملكية حول العالم جاذبية في عيون الصحف والإعلام حيث تتصدر أخبارهم المقدمة دوما، وتباع الجمهور حكاياتهم وصورهم في شغف متجدد.

وحتى في عالم الفن، مسرحيات ومسلسلات درامية وأفلام تناولت أحداث حياتهم، ولعل العائلة التي نالت نصيب الأسد من الاهتمام العائلي، هي العائلة المالكة في بريطانيا، التي يُعامل أفرادها معاملة النجوم، فإطلالاتهم خبر، وتعبيرات وجوههم ولغة جسدهم، خبر مثير أيضا يفتح شهية المتابعين.

ومن وقت لآخر، يقوم موظف سابق لدى العائلة أو صديق مقرب، أو حتى محرر ملكي في نشر كتاب يتناول السيرة الذاتية لأحد الأمراء أو النبلاء، ويبرز جوانب خفية، أو يكشف أسرارا، أخفتها أبواب القصر طويلا، وكانت الأميرة الراحلة ديانا هي الوجه الأبرز، وكان آخر الكتب من هذا النوع، هو كتاب “العثور على الحرية” الذي يتناول فترة دخول دوقة ساكس ميجان أمركل للقصر الملكي بعد زواجها من الأمير هاري.

وكانت المهمات الملكية والانشغال الدائم بالسفر من أجل تلبية مهام الدولة الرسمية، حرمت تشارلز ومن قبله آن من الشعور بالأسرة، وصنعت حاجزا بين شتارلز تحديدا وبين والديه.

فيليب الغائب دوما، كان صاحب الكلمة العليا فيما يتعلق بتربية أطفاله الأربعة، كان أبا صارما للغاية، بينما تشارلز طفل خجول وهو ما لم يعجب الأب، الذي أراد أن يصنع من ابنه رجلا على شاكلته، فألحقه بصالة ألعاب رياضية في تشيلسي، تدرب النبلاء وأبناء الطبقات الراقية بدنيا وتعلمهم رياضات عنيفة مثل الملاكمة.

ومن أجل تحقيق غرضه في تربية ابن قوي البنية، كان فيليب يلجأ للقسوة لدرجة أنه عند تدريبه على السباحه، كان يجره جرا، أو يقوم بإلقائه بالقوة في حمام السباحة الخاص بقصر باكينجهام.

لكن كان القدر يعارض رغبة الدوق، فكان تشارلز ذا بنية ضعيفة، ويحتاج إلى أحذية تقويم بسبب معاناته مع القدم المسطحة، مثل جديه جورج الخامس والسادس، كما عانى من مرض الصدر، ودوما كان يصاب بنزلات البرد، ما جعل تعرضه لاي مجهود أمرا صعبا.

لكن المربية السابقة للأبناء الملكيين الأربعة مابل أندرسون، تؤكد أن فيليب كان والدا جيدا، وحريصا على تخصيص وقت يقضيه معهم في القراءة أو تجميع “البازل”، وكان يهوى بناء السفن البلاستيكية مع ابنه الصغر إدوارد، والتي لا تزال تزين غرفة نومه في قصر باكينجهام.

وربما يفسر هذا السلوك التربوي الذي انتهجه فيليب سببا في معاناة الأمير تشارلز فيما بعد في التعبير عن مشاعره، وخاصة جسديا، بالقبلات والعناق، وتمرده على والدته بعد حفل التتويج في السبعينيات، وبدء المشكلات بعد تعرفه على السيدة المطلقة كاميلا باركر، التي أحبها بعنف ورفضتها الأسرة، لكنه رأى في علاقته بها نوعا من التحدي، ورغبة في فرض رأيه على والديه ولو مرة واحدة.

وفي أحد تصريحاتها الصحفية، قالت ديانا مرة: ” “الشيء الوحيد الذي تعلمه عن الحب من والديه كان المصافحة”، وذكر الكتاب تصريحا آخر لها، قالت فيه، ” كما لو كان إحساسه اختنق عند ولادته.”

وبحسب للكتاب، قضى ولي العهد معظم أوقاته خلال الطفولة بعيدا عن والديه ولم يشعر بحنانهما، ولم يقم فيليب، أو حتى إليزابيث، بعناقه أو تقبيله كما يفعل الأب والأم في أي أسرة.

هذا لا يعني أن دوق أدنبرة كان يكره الأطفال، لكن ربما كان لديه برود في المشاعر، أو قدرة على ضبط النفس كرجل إنجليزي قح، حتى إنه وقت ولادة تشارلز يوم 14 نوفمبر 1948، كان منشغلا في لعب الإسكواش، ولم يرق وجهه عند مشاهدة ابنه الرضيع لأول مرة، بل قال إن وجهه يشبه “بودنج البرقوق”.

ولم يحضر فيليب سوى اثنين فقط من أعياد ميلاد ابنه تشارلز خلال أعوامه الثمانية الأولى، أولها كان عيد ميلاده الرابع، كانت أوقات تشارلز موزعة بين الدراسة والمربيات، وكانت رؤية والديه والتمتع بحبهما وحنانهما أمرا قليل الحدوث، يكاد يكون نادرا.

ووفقا لكتاب “Prince Philip Revealed”، عندما كانت الملكة إليزابيث عام 1950، التي حتى هذا الوقت لا تزال أميرة لم تتول العرش بعد، تقضي عيد ميلادها الرابع والعشرين في مالطا، وتستمتع بمشاهدة زوج يلعب البولو، وتشارلز في لندن بمفرده ولم يتجاوز عمره الثمانية عشر شهرا، وحتى عند عودتها كانت منشغلة بالتحضيرات لولادة ابنتها آن في أغسطس من نفس العام.

ويبدو أن الثنائي الملكي فيليب وإليزابيث كانا مكتفيين ببعضهما البعض، بينما الأطفال أشبه بديكور لإكمال شكل الأسرة في عيون الرأي العام فكثيرا ما تركا الأطفال بصحبة المربيات والموظفين ليسافرا معًا حول العالم، من بالمورال وجهتهما المفضلة في أسكتلندا، ومنها مرة تركت فيها إليزابيث ابنتها آن ذات الأربع سنوات، وتشارلز الذي يبلغ عامين لتلتحق بفيليب في مالطا، وقضى الطفلان عطلة الكريسماس في منزل ساندرينجهام بمفردهما.

ومؤخرا صدر كتاب جديد، يهتم بأكبر أفراد العائلة عمرا، وهو الأمير فيليب دوق أدنبرة الذي يقترب عمره من قرن كامل، كان فيها زوجا وفيا لما يقرب من 74 عاما، عاش فيها في ظل زوجته الملكة إليزابيث، والكتاب الذي يحمل اسم “Prince Philip Revealed”، يسلط الضوء على علاقة فيليب بابنه ولي العهد الأمير تشارلز، والتي وصفت بـ “المعقدة”، إلى جانب أبنائه الثلاثة الآخرين آن، وأندرو، وإدوارد.

والكتاب من تأليف إنرجيد سيوارد، الخبيرة بالشأن الملكي، ورئيسة تحرير مجلة ” Majesty”، وكان أحد أبرز المواضيع التي تناولها الجفاء بين الأب والابن الأكبر.

ربما يعجبك أيضا