مقعد داخل المحكمة العليا.. عنوان جديد في دراما المواجهة بين بايدن وترامب

ولاء عدلان
كتبت – ولاء عدلان

تستمر دراما المواجهة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الطامح إلى ولاية ثانية والمرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن، في تسجيل وتيرة متصاعدة من الأحداث مع قرب تاريخ الثالث من نوفمبر، لا سميا مع حاجة الرجلين لحسم عدد من الولايات المتأرجحة، هذه الفترة العنوان الأبرز لسلسلة المواجهات هو سد فراغ المحكمة العليا بعد وفاة القاضية التقدمية الشهيرة روث بادر جينسبيرغ.

لم يمر أكثر من يوم على وفاة عميدة المحكمة العليا جينسبيرغ الجمعة الماضية، ليخرج ترامب معلنا للجمهور الأمريكي أنه عازم على ترشيح شخصية لخلافة الراحلة في غضون أسبوع ومطالبا مجلس الشيوخ بالتصويت لشغل مقعد جينسبيرغ قبل الانتخابات الرئاسية.
 الأمر الذي اعتبره بايدن ممارسة تعسفية للسلطة السياسية، ومحاولة لتعزيز التيار المحافظ داخل المحكمة العليا التي تختص بالفصل في عدد من القضايا الاجتماعية الكبرى.

اعتبارا من اليوم سترقد جينسبيرغ في نعشها لمدة 24 ساعة في واشنطن، ليكون أمام الجمهور فرصة لإلقاء نظره الوداع على القاضية التي خدمت لنحو ثلاثة عقود في أعلى هيئة قضائية بالبلاد.. فيما يحتدم العراك بين ترامب وبايدن فوق نعشها.

تسريع عملية سد الفراغ واستغلال السلطة

الرئيس الأمريكي وعد بتقديم اسم مرشحه الجمعة المقبلة أو السبت كحد أقصى، وقال في تجمع انتخابي في أوهايو الإثنين الماضي: سوف ننتظر حتى انتهاء مراسم تأبين غينسبيرغ، لاختيار خليفتها، وسنعلن عن اسم الشخصية ليبدأ العمل، لدينا الكثير من الوقت على الانتخابات، لذا لا داعي لتأجيل التصويت النهائي من قبل مجلس الشيوخ لسد فراغ المحكمة العليا.

مقعد الليبرالية غينسبيرغ – التي كثيرا ما كانت سببا في قررات ضد رغبات ترامب فيما يتعلق بالمهاجرين والضرائب- جاء بمثابة طوق نجاة لحملة الرئيس الانتخابية، في وقت كانت مضغوطة للغاية ومتخبطة بسبب فشل إدارة ترامب في التعامل مع جائحة كورونا التي حصدت حتى اللحظة أرواح أكثر من 200 ألف أمريكي.

استغلت حملة ترامب المعركة على مقعد غينسبيرغ لاستعادة الزخم وتحديدا لجذب أصوات الإنجيليين والمحافظين الاجتماعيين، كجزء من حيلة انتخابية تعود للعام 2016 عندما كشف ترامب عن قائمته للمرشحين المحتملين للمحكمة العليا في حال أصبح رئيسا في حين لم تقدم هيلاري كلينتون قائمتها، لتكشف استطلاعات الرأي فيما بعد أن الناخبين الذين لديهم اهتمامات قضائية من التيار المحافظ واليمين المتشدد صوتوا بكثافة لصالح ترامب، ومن المعروف أن الديمقراطيين ليس لديهم اهتمام بالغ بملف التعيينات القضائية كما هو الحال بالنسبة للجمهوريين.

يتطلع الحزب الجمهوري عموما إلى المصادقة سريعا على اسم المرشح الجديد للمحكمة العليا وقبل الانتخابات الرئاسية، لاستغلال هيمنتهم الحالية داخل مجلس الشيوخ لتأمين وصول قاضي أو قاضية من التيار المحافظ إلى المحكمة العليا، ما يضمن لاحقا أغلبية محافظة – بصرف النظر عن هوية الرئيس المقبل- داخل المحكمة التي لها الكلمة الفصل في عدد  من القضايا الاجتماعية الكبرى مثل حقوق الأقليات وحيازة السلاح وعقوبة الإعدام والنزاعات الانتخابية.

من فيلادلفيا، طالب بايدن أعضاء مجلس الشيوخ باحترام واجباتهم الدستورية وسماع أصوات ضمائرهم، وعدم التصويت على تعيين قاض جديد في المحكمة العليا قبل أن يكون الأمريكيون قد اختاروا رئيسهم.

قال بايدن: محاولة ترامب لتعيين خلف للقاضية غينسبورغ قبل استحقاق الثالث من نوفمبر لا يعدو كونه ممارسة تعسفية للسلطة السياسية، كان الرئيس واضحا جدا، إنها قضية سلطة بكل بساطة ووضوح.

وأضاف: إذا أصر الرئيس ترامب على طرح اسم، على مجلس الشيوخ ألا يتحرك قبل أن يكون الأمريكيون قد اختاروا رئيسهم المقبل والكونغرس المقبل.

مصعدا من وتيرة الانتقاد للحزب الجمهوري، أشار بايدن إلى واقعة حدثت قبل أعوام كان بطلها زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، عندما رفض في عام 2016 استجواب قاضِ عينه الرئيس السابق باراك أوباما، بحجة أن البلاد كانت وقتها تستعد لانتخابات رئاسية ومن شأن مثل هذا النوع من الاستجوابات التأثير على النتائج، وقال بايدن: لا يمكن للجمهوريين تغيير موقفهم بعد أربعة أعوام فقط لأن ذلك يخدم مصالحهم.

يشار هنا إلى أن للجمهوريين أغلبية 53 مقعدا داخل مجلس الشيوخ، وبالتالي سيكون من السهل تأمين المصادقة على اسم مرشح ترامب الذي سيصبح قاضيا مدى الحياة في المحكمة العليا بمجرد اجتياز تصويت الشيوخ.

أبرز المرشحات

في حين حذر بايدن من أن الاستبدال السريع لغينسبيرغ سيغرق أمريكا في الهاوية، تفاخر ترامب بأنه حطم أرقاما قياسية فيما يتعلق بتعيينات القضاة، إذ حرص منذ وصل إلى السلطة عام 2016 على تعيين نحو 200 قاض في المحكمة الفيدارلية من المعروفين بالولاء لإدارته وللحزب الجمهوري.

بحسب “واشنطن بوست” تعد إيمي كوني باريت أبرز المرشحات لخلافة غينسبيرغ بعد أن حسم ترامب الجدل وأعلن أنه سيرشح سيدة لسد الفراغ، وباريت قاضية في محكمة الاستئناف للدائرة السابعة بشيكاغو وهي في هذا المنصب بترشيح من ترامب، وتتمتع بخلفية كاثوليكية محافظة وعملت لفترة كاتبة قانونية لدى القاضي أنتونين سكاليا وهو أحد الأعمدة المحافظة داخل المحكمة العليا.

وألمح ترامب إلى أنها خياره المفضل لمقعد المحكمة العليا، وقد اجتمع معها الإثنين الماضي.

اسم القاضية في محكمة الاستئناف الفدرالية في أوهايو، يوان لارسن، يأتي في المرتبة الثانية بعد باريت، ولارسن مشهورة بانحيازها للتيار المحافظ والفهم التقليدي للدستور، وسبق وأن عملت نائبة لمساعد المدعي العام في حقبة الرئيس جورج بوش الابن.

وعملت لارسن لفترة كاستاذة في كلية الحقوق بجامعة ميشيغان، وتعرف في الوسط التشريعي بأنها قانونية من طراز رفيع.

أيضا تعد القاضية في محكمة الاستئناف بالدائرة الحادية عشرة باربرا لاغوا من المرشحات لمقعد المحكمة العليا، إذ إنها وصلت إلى منصبها الحالي بترشيح من ترامب، وسبق لها العمل في المحكمة العليا في فلوريدا وعمليت كقاضية في محكمة استئناف في فلوريدا لنحو 10 سنوات.

من المرجح أن يكشف الرئيس الأمريكي عن اسم مرشحته الجمعة المقبلة، وفي حال نجح ترامب في مسعاه قبل الانتخابات، ستكون هذه القاضية الجديدة هي السيدة المحافظة الوحيدة ضمن هيئة المحكمة العليا التي تضم حاليا من النساء قاضيتين هما إيلينا كاغان وسونيا سوتومايور، المعينتين من قبل أوباما.

جدير بالذكر أنه بحسب آخر استطلاع لـ”واشنطن بوست” يتقدم بايدن على الصعيد الوطني بثماني نقاط على ترامب.

ربما يعجبك أيضا