اتفاق السلام السوداني.. فرصة نحو الاستقرار الاقتصادي

كتب – حسام عيد

بآمال وطموحات حل عقود من الصراعات بدارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، والتي أدت إلى تشريد الملايين ووفاة مئات الآلاف، وقعت الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة اتفاق السلام، في مراسم احتضنتها جوبا، عاصمة الجارة الجنوبية للسودان، وذلك بمشاركة العديد من الرعاة وأبرزهم دولة الإمارات.

وحضر مراسم التوقيع بساحة الحرية في جوبا رؤساء كل من تشاد وجيبوتي والصومال، بجانب رئيسي وزراء مصر وإثيوبيا، ووزير الطاقة الإماراتي، والمبعوث الأمريكي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان وممثلين لعدد من الدول الغربية.

وبعد الاتفاق فرصة نحو تحقيق السلام الشامل في السودان، بعد عقود من الحروب؛ ومن ثم المساهمة في تحقيق استقرار اقتصادي.

أهداف اتفاق السلام

ومن المجموعات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، تواجد حركة جيش تحرير السودان، جناح أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة، والحركة الشعبية جناح مالك عقار ، وذلك بجانب فصائل أخرى.

فيما تخلفت عن المشاركة في عملية السلام، حركة تحرير السودان، التي يقودها عبد الواحد محمد نور في دارفور، فيما لا تزال المفاوضات مستمرة مع فصيل الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو لإلحاقه بالمفاوضات.

ومن شأن اتفاق السلام الذي استضافته جوبا أن يطوي دوامة من الحروب امتدت لسنوات طويلة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وخلفت آلاف الضحايا ونحو 3 ملايين لاجئ ونازح داخل وخارج البلاد.

كما من المقرر بعد التوقيع على اتفاق السلام في السودان، أن تشهد البلاد مرحلة جديدة تتمثل في توطيد سلام عادل وشامل في مناطق الصراع، وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.

إلى ذلك، تسعى اتفاقية السلام السودانية إلى إصلاح المؤسسة العسكرية من خلال عمليات دمج قوات الكفاح المسلح الواردة في بند الترتيبات الأمنية.

بدوره، سيقدم صندوق جديد 750 مليون دولار سنويا على مدار عشر سنوات لمناطق الجنوب والغرب الفقيرة، كما يضمن الاتفاق فرصة عودة المشردين.

يُذكر أن مجلس الأمن الدولي قد تبنى في يونيو الماضي، قرارين بشأن السودان، قضيا بتشكيل البعثة الأممية تحت مسمى (يونتامس)، مهمتها تقديم الدعم للحكومة الانتقالية في بناء وتنفيذ اتفاقات السلام وحماية المدنيين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

ومن المقرر أن تباشر البعثة الدولية التي اكتملت هياكلها مهامها مطلع يناير2021 لمدة 12 شهرا كمرحلة أولى.

استقرار اقتصادي وفرص تنموية

السودان يعاني انهيارًا اقتصاديًا سببه سوء إدارة حكومة البشير وضاعفه تفشي كوفيد-19 والفيضانات الآن، ويحتاج إلى شيء أساسي واحد لتحقيق استقرار اقتصادي.

ويأتي اتفاق السلام حاملًا فرص لتوفير تمويل تنموي لإعادة إعمار المناطق الريفية المدمرة والمساعدة في عودة المهجرين والنازحين إلى ديارهم.

ويعد بتوسيع نطاق الخدمات الصحية والمدارس والجامعات، ويضاف إلى كل ذلك تمويلات الطوارئ المطلوبة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد وتجنب أزمة إنسانية تلوح في الأفق.

إن تنفيذ الاتفاق، مع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بالمستقبل القريب، يعطي البلد العربي بعض العافية الاقتصادية لمواجهة متطلبات تمويل مشروع السلام على المستوى القومي.

ويرى رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك، أنه لا ديمقراطية بدون سلام وتنمية فى الدول، مؤكدًا في السياق ذاته أن اتفاقية “جوبا” ستمكن البلاد من استبدال فواتير السلاح بمدخلات الإنتاج والتنمية.

دعم عربي وأفريقي وأوروبي

فيما تعهد مسؤولون عرب وأفارقة وأوروبيون، بدعم اتفاق السلام بالسودان، من أجل تنفيذ بنوده على أرض الواقع، وسط دعوات إلى التحاق باقي الحركات، التي لم توقع على الاتفاق، بعملية السلام.

وقال وزير الدولة السعودي لشؤون الدول الأفريقية أحمد قطان، في كلمة خلال حفل التوقيع على الاتفاق، إن المملكة العربية السعودية عازمة على دعم السودان وشعبه للوصول إلى السلام الشامل والتنمية المستدامة وحمايته من التدخلات الخارجية، معربًا عن ثقته في قدرة السودان على تجاوز تبعات الماضي.

من جانبه، هنأ وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، حكومة وشعب السودان على هذا “الإنجاز التاريخي”، وتمنى لشعب السودان أن يجني ثمار الاتفاق، نماء واستقرارًا، وأن ترفرف رايات الطمأنينة والأمن على أرضه، ومشددًا في الوقت ذاته على أن الإمارات لن تتردد في تعزيز هذا الإنجاز بالدعم والرعاية على كافة المستويات.

من جهته، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، إن الاتحاد سيقف إلى جانب السودان من أجل تنفيذ الاتفاق الذي يساعد على إحلال السلام والأمن في القارة، معربًا عن شكره لدول جوار السودان التي ساهمت بشكل بناء في الوصول إلى هذا السلام.

من جهته، دعا مبعوث الاتحاد الأوروبي في السودان السفير روبرت فان دن دوول، الحركات التي لم تلتحق بالسلام، بأن يضعوا الشعب السوداني أولا لتحقيق السلام الشامل، وقال إن الاتحاد الأوروبي يقف كشاهد على الاتفاقية، وسيدعم شعب السودان لتحقيق بنودها.
 

ربما يعجبك أيضا