“البطالة” و”كورونا”.. مخاطر وفرص لمواجهة تحديات المستقبل

ولاء عدلان
بطالة

كتبت – ولاء عدلان

أظهرت نتائج مسح جديد أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي أن البطالة تعتبر أكبر مصدر للقلق خلال العقد القادم بالنسبة لقادة قطاع الأعمال في مختلف أنحاء العالم يليها مباشرة المخاوف من انتشار الأمراض المعدية.

المسح الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام خلال الفترة من يناير إلى يوليو، لاستطلاع أراء الآلاف من قادة الأعمال حول العالم، لتحديد المخاطر الكبرى التي تواجه ممارسة الأعمال التجارية في بلدانهم خلال العقد المقبل، شارك فيه نحو 12012 من قادة الأعمال بـ 127 دولة.

كانت المفاجئة أن مخاطر مثل الأوبئة والتغيير المناخي صعدت للمرة الأولى إلى المراتب العشرة الأولى من قائمة تضم 30 خطرا تواجه الأعمال التجارية، لتكون إلى جانب الأزمات المالية والهجمات الإلكترونية والاضطرابات الاجتماعية، وبالتحديد جاءت البطالة على رأس قائمة المخاطر تليها الأوبئة وانتشار الأمراض المعدية ثم الأزمات المالية.  

كورونا فرصة أم تحدي؟
يقول التقرير المنشور على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي: من المثير للاهتمام ، أن التفشي السريع والواسع النطاق لفيروس كورونا قد أعطى العالم فرصة لاختبار العلاقة بين الاقتصاد والتغيير المناخي، وكيف يؤثر انهيار النشاط الاقتصادي بشكل مباشر على تحسين المناخ، فهذا العام من المتوقع أن تنخفض مستويات انبعاثات ثاني أكيد الكربون بنحو 7% على مستوى العالم، بسبب عمليات الإغلاق وقيود السفر وتراجع الطلب على الطاقة في جميع أنحاء العالم.

ويشير التقرير أنه بفعل الجائحة ارتفعت الأمراض المعدية والأوبئة لتصبح الخطر الثاني، صاعدة 28 درجة من ترتيبها السابق على قائمة المخاطر، ما يعني ارتفاع وعي قطاع الأعمال بتأثير هذه الأمراض على النشاط الاقتصادي، واحتمالات خلق بيئة عمل أكثر مرونة مع الأوبئة في المستقبل.

سعدية زاهيدي العضو المنتدب بالمنتدى الاقتصادي العالمي قالت – في تصريحات نقلتها “سي إن بي سي”- إن الاضطرابات في التوظيف التي تسببت فيها الجائحة والأتمتة المتزايدة والنقلة إلى اقتصادات أكثر اهتماما بالبيئة ستعمل على تغيير أسواق العمل تغييرا جوهريا.
وأضافت مع خروجنا من الأزمة، ستكون هناك فرصة رائعة أمام قادة الأعمال لخلق وظائف جديدة ودعم الأجور التي تكفل الحد الأدنى للمعيشة وإعادة تصور شبكات الأمان الاجتماعي للتصدي على نحو مناسب للتحديات الجديدة في أسواق العمل مستقبلا.

بحسب منظمة العمل الدولية تسببت الجائحة في فقدان أكثر من 25 مليون عامل لوظائفهم حول العالم، وبقاء  سدس شباب العالم تقريبا بلا عمل، وهذه الأعداد الجديدة أضيفت إلى 190 مليون عاطل عن العمل أحصتهم المنظمة مطلع العام الجاري.

على سبيل المثال في أمريكا فقد الاقتصاد نحو 22 مليون وظيفة منذ فبراير “بداية الجائحة”، وفي فرنسا تم تسريح الآلاف من العمال منذ بداية الجائحة، ويتوقع المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية ارتفاع معدل البطالة إلى 9.5 بالمائة مع نهاية 2020.

وعلى الرغم من تحسن المؤشرات الاقتصادية تدريجيا مع تخفيف قيود كورونا في غالبية البلدان منذ منتصف يونيو الماضي، إلا أن المخاوف اليوم من الموجة الثانية بدأت تظهر بوضوح في بلدان مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وحتى أمريكا، وبدأت أغلب هذه البلدان تفكر جديا في العودة إلى عمليات الإغلاق، ما يعني مزيد من العاطلين عن العمل، لكن من المؤكد أن هذه المرة ستكون الشركات أكثر مرونة وتنظيما في تسيير أعمالها مقارنة بالشهور الأولى من الجائحة.

معالجة المخاطر بمزيد من المرونة
يرى التقرير أن عالم ما بعد الجائحة سيكون مختلفا كثيرا عما قبلها من حيث بيئة الأعمال، ويقول: في حال تمكن العالم من عبور الجائحة لن يكون فقد نجح في مكافحة وباء عالمي، بل سيكون لديه كم هائل من البيانات والدعم اللازمين لمواصلة الانتقال العالمي إلى اقتصاد أكثر مرونة في الجوانب التنظيمية وأكثر التزاما نحو البيئة وقضاياها.

ويضيف: لقد أطلقت الحكومات حول العالم برامج لتحفيز الاقتصاد للحد من تداعيات عمليات الإغلاق الشامل التي فرضتها الجائحة، في خطوة غير مسبوقة من المرجح أن تنتج تحولات هيكلية دائمة في الاقتصادات الوطنية والإقليمية والعالمية، فعلى سبيل المثال ستخرج حكومات العالم – في حال نجاح خطط التحفيز- من الأزمة ولديها قناعة بقدرتها على الموازنة بين أولوية تعزيز الإنتاج وخلق فرص عمل وواجباتها نحو البيئة وتحديدا نحو التحول لعصر الاقتصاد الأخضر، وإن كانت هذه النتيجة غير متوقعة على نحو كبير في الكثير من البلدان التي كانت اكثر ميلا لتعليق بعض لوائح حماية البيئة لتعزيز النشاط الصناعي لتعويض خسائر الإغلاق، كما يعترف التقرير أن الحكومات التي تتبنى خطابا شعبويا تعزز الاعتقاد الخاطئ بوجود تعارض بين خطط التعافي الاقتصادي وتعزيز النمو من جهة  وبين الاقتصاد الأخضر من جهة أخرى.

ويتابع: بالنسبة لقطاع الأعمال، فالمسح الذي بين أيدينا يظهر أن الشركات باتت أكثر اهتماما بمستقبل الكوكب وقضاياه، وأن الجائحة ربما تكون بمثابة الفرصة لإعادة تقييم طريقة التعامل مع المخاطر المناخية والبيئية مستقبلا، فخلال عمليات الإغلاق تعلمت الشركات أن الكثير من الأعمال يمكن أن تتم عن بعد وأن الاجتماعات الهامة أيضا يمكن أن تكون افتراضية، وهذا الأمر من الممكن أن يستمر مستقبلا خصوصا أنه أقل تكلفة ماليا وبيئيا.

لنفهم ما يقصده التقرير في هذه النقطة، نتصور على سبيل المثال أننا داخل شركة متعددة الجنسيات ترغب في عقد اجتماع عام يضم كافة المديرين التنفيذيين لفروعها حول العالم، ففي حال قررت عقده بشكل حضوري وجها لوجه، فهذا يعني تحملها تكلفة انتقال المديرين جوا إلى مقرها الرئيسي، أما في حال عقده “عن بعد” فهذا يعني أن الشركة لن تتحمل أعباء مالية إضافية كما سيسهم بشكل غير مباشر في تقليل مستوى الانبعاثات الكربونية، لانتفاء الحاجة إلى السفر جوا.  

والخلاصة أن الشركات ستخرج من الأزمة وقد تعلمت أن المخاطر التي تواجهها وتحديدا البيئية منها والتحديات المستجدة بسوق العمل  يمكن مواجهتها باعتماد مزيد من المرونة التنظيمية.

154d3cf0 d870 4e35 a4d0 a07fa0366f78

ربما يعجبك أيضا