أزمة في سوق الدواء.. لبنان يسير نحو الانهيار

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

أزمات متتالية شهدتها لبنان خلال الفترة الماضية حتي وصل الأمر إلى انقطاع العديد من الأدوية في مقدمتها أدوية خاصة بعلاج السرطان.

أمس أقفلت الصيدليات أبوابها بشكل تحذيري في ظل ما وصفوه بالإجحاف والاستهداف المنظم الذي ‏تتعرض له مهنة الصيدلة في لبنان والذي وصل حداً لم يعد مقبولاً السكوت عنه ، ولم يفلح الاجتماع الذي ترأسه وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور “حمد حسن” في رجوع أصحاب الصيدليات في لبنان عن قرار إقفال الصيدليات اليوم بشكل تحذيري للوكلاء.

وأعرب أصحاب الصيدليات عن رفضهم لتقنين الأدوية من قبل المستوردين، مطالبين نقابة مستوردي الأدوية باعتماد التوزيع العادل بين الصيدليات وزيادة الكميات الموزعة، بما يتناسب مع حاجة المواطنين.

وشددوا على أن إقفال الصيدليات يأتي بشكل تحذيري للوكلاء لعدم تسليم الأدوية لغير الصيدليات المرخصة.

يقول نقيب الصيادلة “غسان الأمين”: “إن إضراب الصيادلة رسالة تحذيرية، متمنياً أن تلاقي هذه الخطوة صداها لدى المسؤولين ليلتفتوا لهذه المهنة، لأنها تؤمن الأمن الدوائي للمواطن وضرب هذه المهنة وغيابها سيكون له نتائج كارثية.

وبالنسبة لأزمة الدواء قال الأمين: إن الصيدليات لم يعد لديها أدوية، بسبب امتناع الوكلاء عن تسليم الأدوية حسب حاجة الصيدلي”، مضيفاً أن “الصيدلي يتعرض لإهانات معنوية من قبل الزبائن التي تريد أدويتها”.

ويوضح نقيب الصيادلة، أن “الوضع السياسي في البلد وعدم الاستقرار السياسي وعدم تشكيل حكومة انعكس على سعر صرف الدولار الذي ارتفع كثيراً، وهذا هو العامل الأساسي لانقطاع الأدوية من الصيدليات، بالإضافة إلى التلويح برفع الدعم عن الدواء وهذا يعني أن أسعار الأدوية سترتفع 4 أو 5 أضعاف السعر الحالي.

إلى جانب ذلك، شدد الصيادلة على أن ما يتبعه موردوا الأدوية في لبنان، هو إجحاف بحق الصيدليات واستهداف منظم للصيادلة، وأنهم لم يقبلوا السكوت عن تلك الممارسات، متهمين موردي الأدوية بعدم العدالة في توزيع الأدوية.

وأشار إلى  أن “200 صيدلية أُقفلت منذ بداية الأزمة الاقتصاديّة، اذ قد يرتفع عدد الصيدليات المغلقة إلى ألف صيدلية”، مشيرا إلى أنها “تمثل 35% من الصيدليّات في لبنان”.

واعتبر نقيب الصيادلة أن “السياسات المتبعة في السنوات الماضية أدت إلى استنزاف الكثير من رأسمال أصحاب الصيدليات”.

تهريب للخارج

5c52e947 2f38 4e8e b57d 997b9e0cfb62

الأسبوع الماضي أعلن وزير الصحة اللبناني، “حمد حسن”، أن السلطات الصحية بدأت بحملة تفتيش واسعة على مستودعات الأدوية في البلاد، في ظل تزايد الأنباء عن تخزين كميات كبيرة من الأدوية المدعومة من الدولة استعداداً لتهريبها إلى خارج لبنان.

كما أوضح وزير الصحة: أن حملة التفتيش تأتي ضمن سلسلة إجراءات طارئة لبحث أزمة الدواء وإيجاد الحلول اللازمة لها، بالإضافة إلى تحديد آلية رقابة تدخل في السوق اللبنانية، مؤكداً أنه “في هذه المرحلة لن يوجه إنذارات، بل سنتخذ قرارات سريعة بالإقفال لمدة لا تقل عن أسبوع لمن يرتكب تجاوزات”.
بينما اتهم رئيس الهيئة الوطنية الصحية في لبنان، “إسماعيل سكرية”، بعض المهربين ببيع الأدوية اللبنانية إلى دول خارجية أبرزها العراق وليبيا، مؤكداً ان “مهربي الأدوية يقومون بشرائها وتخزينها ثم تهريبها عبر الحدود الى دول الخارج، ووجهة التهريب الأساسية هي العراق، وبعده ليبيا، اذ يُباع الدواء بأضعاف ثمنه في لبنان وعمليات التهريب الدواء بشكل أساسي تكون عبر المطار”.
وحذر “سكرية” “من كارثة أخرى هي انفتاح السوق اللبنانية وشح الدواء وارتفاع سعره بحال رفع الدعم،  وبالتالي دخول أدوية أرخص، ولكن بنوعية سيئة.

تحذيرات إنسانية

أعلنت منظمة “دايرت ريليف” وهي منظمة اغاثية ، أن القطاع الطبي اللبناني يعاني من أزمة خطيرة جداً، أثرت على حياة المرضى وسبل حصولهم على العلاجات والرعاية اللازمة، ولا سيما في بعد انفجار مرفئ بيروت وتصاعد الأزمة الاقتصادية.

وشددت العضو في منظمة “أنيرا” الإغاثية، “ديما الزيات”، على أن الأزمة الأكبر في القطاع الطبي، تخص ارتفاع أسعار الأدوية وانقطاع العديد منها، مضيفةً: “وحتى لو امتلك الناس المال لشراء الدواء، فهو غير متوفرة في الصيدليات، وبالنسبة للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، الأمر مرهق للغاية”.
في السياق ذاته، أشارت “الزيات” إلى أن تصاعد تكاليف العلاج في المستشفيات اللبنانية، بات يفوق قدرة اللبنانيين على تلقي العلاج اللازم، خاصة بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة، والذين تضرروا بشكل كبير من الأزمات الحالية، مؤكدةً أن ما يشهد لبنان من الأزمة الاقتصادية حد من قدرة الحكومة على استيراد مجموعة من الأدوية والمستلزمات، بما في ذلك الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة.

أزمة خانقة

شهدت أسعار الأدوية ارتفاعاً كبيراً، تزامناً مع أنباء عن رفع البنك المركزي، الدعم عن مجموعة من الأدوية، ما دفع العديد من الأسر اللبنانية إلى تخزين كميات من الأدوية الضرورية.

يذكر أن الأزمة الحالية في قطاع الأدوية، تزامنت مع أزمات خانقة يعيشها الشعب اللبناني، اذ ارتفعت معدلات الفقر إلى أكثر من 50% والبطالة إلى 35%  كما تواصل الأسعار بالارتفاع، وهبوط الليرة اللبنانية أمام الدولار إلى مستويات قياسية، وسط تحذيرات الأمم المتحدة من ارتفاع معدل الجوع في البلاد ليتجاوز المليون شخص حتى نهاية العام.

ربما يعجبك أيضا