انسحاب تركي مفاجئ.. قوات “أردوغان” تختنق بالشمال السوري!

كتب – حسام عيد

يبدو أن سياسة تركيا الخارجية المتطرفة قد تكبدها الكثير من الخسار والمعاناة في المرحلة المقبلة، والبداية تأتي من سوريا التي ساهمت أنقرة وبشكل رئيسي في تأجيج الحرب الأهلية بها من أجل أطماعها وأوهامها بإحياء حلم الخلافة العثمانية، فعلى الرغم من تهديدات الرئيس رجب طيب أردوغان، المتصاعدة ضد قوات جيش النظام السوري ومطالبته الانسحاب إلى المناطق التي كان يتمركز بها قبل شهر أبريل 2019، متوعدا بطردهم منها في حال عدم انسحابهم، إلا أن القوات التركية هي التي بدأت في الانسحاب من مناطق سيطرة النظام، في إشارة منها أنها تختنق في منطقة التصعيد الرابعة شمال سوريا، جراء تطويقها من قبل الجيش السوري لأكثر من عام. فما هي تداعيات الانسحاب التركي من نقاط المراقبة؟ وهل تصبح تلك الخطوة بداية الانكسار التركي إلى أن ينهي احتلاله للأراضي السورية العربية؟!.

إخلاء أكبر نقاط مراقبة

على الرغم من تأكيدها في مناسبات كثيرة بقائها حتى زوال النظام السوري، بدأت القوات التركية الانسحاب من أكبر نقاط المراقبة التابعة لها في شمال غرب سوريا بعد أكثر من عام على تطويقها من قوات النظام خلال هجوم في المنطقة؛ وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ولم تقم نقاط المراقبة التركية على مدى السنوات الماضية بأيّ دور يُذكر تجاه حماية المدنيين، بل اكتفت بالمراقبة والصمت تجاه التقدّم المتواصل للجيش السوري والقوات الروسية.

وبموجب اتفاق أبرمته مع روسيا في سبتمبر 2018 في سوتشي، تنشر تركيا 12 نقطة مراقبة في محافظة إدلب ومحيطها، طوقت قوات النظام السوري عدداً منها خلال هجومين شنتهما ضد الفصائل الجهادية والمقاتلة في المنطقة.

وتقع أكبر تلك النقاط في بلدة مورك في ريف حماة الشمالي المحاذي لجنوب إدلب، وقد طوقتها قوات بالكامل في أغسطس 2019.

وخرجت، اليوم الثلاثاء، الموافق 20 أكتوبر 2020، أول قافلة شاحنات من نقطة مورك، تقل عربات وكتلاً أسمنتية برفقة الشرطة العسكرية الروسية، والتي وصلت إلى نقطة المراقبة المحاصرة في معرحطاط، جنوبي إدلب تحضيراً لإدخالها مناطق سيطرة المسلحين في جبل الزاوية وفق المعلومات الأولية.

ويذكر أن النقطة التركية التاسعة المتواجدة في مورك كانت مهمتها مراقبة “وقف إطلاق النار”، إلا أنها لم تفعل سوى مراقبة تقدم قوات النظام والروس وسيطرتهما على كامل ريف حماة الشمالي خلال الأشهر الفائتة، إذ باتت النقطة ضمن مناطق نفوذ قوات النظام.

وقد تستغرق عملية إخلاء نقطة المراقبة يومين على الأقل بعد حصار نحو عام وشهرين منذ أغسطس الماضي، وذلك نتيجة قيام الجيش التركي بتفكيك كل النقطة بما فيها الكتل الأسمنتية التي كانت تؤمن الحماية لها. وتستعد القافلة الثانية التي تضم نحو 20 شاحنة للخروج خلف خط سير القافلة الأولى.

وكانت هذه النقاط خط إمداد لوجستياً وعسكرياً للجماعات المسلّحة للهجوم على مواقع الجيش السوري، خلال سيطرة الفصائل على الأوتوستراد الدولي حلب – دمشق، قبل أن يستعيد الجيش السوري كامل الأوتوستراد الدولي.

تهديدات أردوغان.. واهية

مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، كشف في بيان له نشره عبر منصّة المرصد الإلكترونية، إنّ الانسحاب التركي الذي بدأ فعلياً يشمل 8 نقاط عسكرية في سوريا.

وقال إنّه، بعد التهديدات “الأردوغانية” بأن على نظام بشار الأسد الانسحاب إلى المناطق التي كان يتمركز بها قبل شهر أبريل 2019، ستنسحب النقاط التركية المتواجدة في مناطق سيطرة النظام، وأضاف “أردوغان كذب الآن مرة ثانية بعد أن وعد بأن يصلي في الجامع الأموي قد يصلي مع بشار الأسد لاحقًا لا نعلم”.

والنقاط المُتفق على انسحاب القوات التركية منها، هي مورك، وشيرمغار، والصرمان، وتل الطوقان، وترنبة، ومرديخ، ومعر حطاط، ونقطة أخرى تقع شرق سراقب، أي داخل المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري.

ورأى عبدالرحمن أنّ الانسحاب يأتي ضمن الاتفاقيات الروسية – التركية، والتي تضمن أيضاً محاربة هيئة “تحرير الشام” لتنظيم “حراس الدين” الرافض للاتفاقيات التركية – الروسية.

وأشار سكان محليون في مدينة مورك إلى خروج أكثر من 20 شاحنة كبيرة ليل الثلاثاء، تحمل معدات عسكرية وغرفا مسبقة الصنع وعدداً من المدرعات وناقلات الجند التركية وأربعة حافلات ترافقها ست سيارات تابعة للشرطة العسكرية الروسية.

ولم يصدر أي تعليق من أنقرة حول الانسحاب أو وجهة قواتها، خصوصاً أنها أكدت مراراً عدم رغبتها الانسحاب من أي من نقاط المراقبة التابعة لها.

ولم تتضح أيضاً أسباب تلك الخطوة بعدما بقيت القوات التركية مطوقة في مورك لأكثر من عام واظبت خلاله أنقرة على إرسال الدعم اللوجستي لها.

وإثر هجوم واسع لقوات النظام بدعم روسي العام الحالي، باتت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أقل نفوذاً تسيطر على نحو نصف مساحة إدلب وأجزاء من أرياف حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري منذ السادس من مارس وقف لإطلاق النار في إدلب ومحيطها أعلنته موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل، وأعقب الهجوم الذي دفع بنحو مليون شخص الى النزوح من منازلهم، وفق الأمم المتحدة.

تجنب الصدام مع الجيش السوري

وتشير المعلومات إلى أن عملية الانسحاب قد تكون مقابل منح أنقرة وقتاً إضافياً لتطبيق اتفاق فتح الأوتوستراد الدولي حلب – اللاذقية، وتأجيل العمل العسكري للجيش السوري، ضد الجماعات المسلحة التي تعرقل تنفيذ الاتفاق.

ويعتقد مراقبون أن تركيا ربما تستشعر عملية عسكرية مؤجلة للجيش السوري في المنطقة، وتريد أن تتجنب جعل قواتها في ميدان الخطر ما قد يفرض عليها صداماً مع الجيش السوري، هي في غنى عنه في وقت يشهد توتراً في العلاقات مع اليونان والدول الأوروبية بسبب سلوكها في شرقي المتوسط، وفي ظل مشاركتها في الحرب الأرمينية الأذربيجانية بإقليم ناغورني قره باغ، تلك المشاركة التي أغضبت على نحو خاص القيادة الروسية.

ربما يعجبك أيضا