جرائم لا تتوقف.. أردوغان يحرق جيشه بنيران الاعتقالات والإبعاد

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

لا يدخر رجب أردوغان رئيس تركيا، وحكومته، جهدًا في شن حملات الاعتقالات وفصل الموظفين الحكوميين، وذلك منذ عام 2016.

مخاوف أردوغان من المؤسسة العسكرية في بلاده، وتحركها المحتمل ضد أجندته المشبوهة، قاده لارتكاب مؤامرة كبرى طويلة المدى ضد جيش بلاده، ربما تكون الأكبر في تاريخ تركيا المعاصر.

حملات الفصل

السنوات الأخيرة شهدت فصل أكثر من 120 ألف مسؤول حكومي، من بينهم 30 ألف ضابط شرطة، وسجن نحو 50 ألفًا بتهمة التعاطف مع جماعة جولن.

وكشفت وسائل إعلام تركية اعتقال الشرطة، أمس الثلاثاء، 41 جنديًا وخمسة من ضباط الشرطة للاشتباه في انتمائهم لجماعة رجل الدين الإسلامي، فتح الله جولن، الذي تنسب إليه أنقرة محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، بينما تواصل البحث عن 30 شخصًا آخرين.

الاعتقالات تمت في عمليات مختلفة، انطلقت أولها، صباح أمس، في أنقرة، حيث أصدر مكتب المدعي العام مذكرة توقيف بحق 34 جنديًا يشتبه في أنهم أجروا محادثات هاتفية بمنسوبين لجماعة جولن.

وفي عملية أخرى، صدر أمر بتفتيش، واعتقال سبعة من رجال الشرطة للسبب نفسه، فيما أصدر مكتب المدعى العام في إسطنبول أمرًا مماثلًا بحق 31 جنديًا آخر. كما تم تقديم اثنين من القضاة الـ11 الذين تمت إقالتهم من مناصبهم إلى القضاء، بموجب نفس الاتهامات بالانتماء لجماعة جولن، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الإسبانية.

في سياق متصل، هاجمت رئيسة حزب الخير التركي، ميرال أكشنار، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واتهمته بالفاشية، قائلة: «إذا عاد هتلر إلى الحياة ونظر لما يحدث في تركيا، سيندم أنه بجبروته لم يستطع أن يفعل ما تفعله»، مطالبة بأن يعي ما يفعله.

وقالت أكشنار، خلال كلمتها باجتماع الكتلة البرلمانية، أمس الثلاثاء، أن شخصًا مثل أردوغان لا يحق له الحديث عن نظام التعليم بعد فشل دام لمدة 18 عامًا من حكمه، مشيرة إلى أن رغم التلاعب بالنظام التعليمي أكثر من مرة، إلا أنه فشل في أن يجد طريقة أو نهجًا جيدًا لإدارة دفة التعليم، بحسب ما أورد موقع تركيا الآن.

مسرحية الانقلاب

مسرحية الانقلاب أعقبها أكبر سلسلة اعتقالات متقطعة في صفوف الضباط، كان آخرها قبل أسابيع، حيث ألقت الشرطة القبض على 98 شخصًا، 43 عسكريًا و55 محاميًا، بتهمة الانتماء لحركة فتح الله جولن، التي أعلنتها السلطات التركية جماعة إرهابية عقب محاولة الانقلاب.

وفي يوليو الماضي، انتابت أردوغان حالة من الهلع والخوف الشديد عقب تدخله السافر بليبيا، وإرساله مرتزقة سوريين عبر مدينة أنطاليا إلى قاعدة الوطية الليبية، الأمر الذي دفعه إلى القيام بحملة إطاحة بقيادات بالجيش التركي خشية التحرك ضده.

وذكرت وسائل إعلام تركية، أن أردوغان، قرر التخلص من عدد من جنرالات الجيش التركي، عقب اجتماع مجلس الشورى العسكري الأعلى، الذي عقد الخميس، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، حيث قرر الإطاحة بـ30 جنرالًا وأميرالًا من قيادات الجيش، وترقية أتباع له بدلًا منهم.

وصدق أردوغان على ترقية 17 جنرالًا وأميرالًا، و51 عقيدًا عامًا للرتبة الأعلى، ليصل عدد الجنرالات والأميرالات إلى 247 قيادة بدلًا من 226، كما أسفر الاجتماع عن تمديد فترة عمل 35 جنرالًا وأميرالا لمدة عام، ومدّ فترة عمل 294 عقيدًا إلى عامين، ويشترط في التعيين أن يكونوا موالين لحزب العدالة والتنمية.

الضابط مصطفى أوغلو

مؤخرًا، شكلت واقعة موت ضابط الشرطة التركي السابق «مصطفى كاباكجي أوغلو» على كرسي داخل أحد المعتقلات دليلًا جديدًا على تردي أوضاع السجناء السياسيين ومعارضي أردوغان وسط تستر من القضاء، وكشفت الصورة عن الأوضاع السيئة التي يقبع فيها خصوم ومعارضو الرئيس التركي وكيف يتم حبسهم في زنزانات غير آدمية.

وكشف تقرير لصحيفة «شبيجل» الألمانية تحت عنوان «الموت المؤلم في الزنزانة» إن أردوغان يضع خصومه في سجون مكتظة سيئة وبدون رعاية صحية، وإن الغرفة التي وجد فيها المعتقل الميت في الطابق السفلي تشبه الحفرة وتضربها الرطوبة وبها سرير على أرضية خرسانية وتظهر جثته على كرسي بلاستيكي.

وأضاف التقرير الصحفي، أن هذه الصورة المروعة تفتح جراح الأتراك مجددًا بأنه بعد 4 سنوات من الصراع على السلطة بين الرئيس رجب أردوغان وحليفه السابق فتح الله جولن، لا يزال آلاف الأشخاص يقبعون في السجن.

وأكد التقرير، أن المعتقل «مصطفى أوغلو» يبلغ من العمر 44 عامًا، وكان نائب مفوض الشرطة في «غيرسون» بشمال تركيا حتى تم فصله من الخدمة المدنية بموجب مرسوم طارئ في صيف عام 2016، وتم اعتقاله وحُكم عليه بالسجن 7 سنوات ونصف باعتباره من أنصار الداعية “جولن” خصم أردوغان اللدود.

تراجع اقتصادي

يعاني الاقتصاد التركي من انهيارات متتالية، أدت إلى انهيار الليرة أمام الدولار، وزيادة أسعار الأغذية، مع ارتفاع معدلات البطالة.

وأظهرت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة والمالية في تركيا، أن حكومة «العدالة والتنمية» برئاسة أردوغان باتت تعتمد على الغرامات التي تفرضها على المواطنين لتعويض عجز الموازنة، وبلغت قيمة الغرامات نحو 11 مليارًا و48 مليون ليرة خلال 9 أشهر من العام الحالي 2020، فيما يعاني الشعب التركي من أزمات اقتصادية طاحنة.

ربما يعجبك أيضا