الانتخابات الأمريكية 2020.. شبح إيران وروسيا يخيم على صناديق الاقتراع

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

قبل أقل من 15 يوما على انتخابات الرئاسة الأمريكية، خرجت وكالة الاستخبارات الوطنية لتتهم بوضوح إيران وروسيا بمحاولة التأثير على الرأي العام الأمريكي لتوجيه نتائج الانتخابات المقبلة، وهذه ليست المرة الأولى التي يطل فيها شبح التدخل الخارجي برأسه ليربك المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة، لكن الجديد هنا أن وكالة الاستخبارات أكدت حصول الدولتين على سجلات للناخبين ومباشرة استخدامها لتقويض الثقة بالديمقراطية الأمريكية.

تأتي هذه الاتهامات الخطيرة لإيران وروسيا قبل ساعات من المناظرة الأخيرة بين الرئيس دونالد ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدن، وربما ستكون محل جدل بين الرجلين، حيث سبق وأن اتهم بايدن ساكن البيت الأبيض بمحاولة إخفاء المساعي الروسية لدعم فوزه بولاية ثانية، وردا على ذلك اتهم ترامب بايدن ونجله هانتر بالتورط فيما وصفه بـ”حملة التضليل الروسية” عام 2016.

كيف تحاول إيران وروسيا التدخل في استحقاق 3 نوفمبر؟

قال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جون راتكليف – خلال مؤتمر صحفي، أمس- إن روسيا وإيران اتخذتا إجراءات محددة للتأثير على الرأي العام فيما يتعلق بانتخاباتنا، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية الأمريكية خلصت إلى أن معلومات متعلقة بالقوائم الانتخابية حصلت عليها إيران، وروسيا بشكل منفصل عن بعضهما.

وأضاف: إيران على وجه التحديد أرسلت عبر البريد الإلكتروني إلى ناخبينا رسائل “مخادعة”، تهدف إلى ترهيب الناخبين والتحريض على اضطرابات اجتماعية والإضرار بالرئيس ترامب، زاعما أن هذه الرسائل أرسلت من حسابات جماعة “براود بويز” اليمنية المتطرفة والمعروفة بتأييدها لتوجهات ترامب.

لكنه أكد أن المسؤولين الأمنيين لم يشهدوا تدخلا مماثلا من جانب روسيا، ومع ذلك هم يدركون جيدا أن لدى الروس بعض معلومات الناخبين.

وحذر من أن بيانات الناخبين يمكن أن يتم استخدامها من جهات أجنبية لتزويد الناخبين بمعلومات كاذبة أملا منها ببث الفوضى والارتباك وتقويض الثقة بالديمقراطية الأمريكية.

شاركه الرأي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي، وقال مخاطبا الناخبين خلال المؤتمر الصحفي: يجب أن تكون واثقا من أن صوتك مهم، كما يجب النظر إلى محاولات التدخل الخارجي بعين الشك ، مضيفا لن نتسامح مع أي نشاط إجرامي يقوض الثقة في نتائج الانتخابات، وعندما نرى مؤشرات على تدخل أجنبي  سنحقق بقوة ونعمل مع شركائنا لاتخاذ الإجراءات المناسبة بسرعة.

لم يوضح الرجلان كيف وصلت بيانات الناخبين إلى يد الروس والإيرانيين أو كيف سيتم الاستفادة منها بالتفصيل.، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات الأمريكية توفر بيانات الناخبين عند طلبها لكنها تضع شروطا تحدد من يحق له طلب هذه البيانات والقدر المسموح منها.

هذه الإفادة الإعلامية من اثنين من كبار مسؤولي الأمن في أمريكا، سبقها بيوم واحد شكوى من ناخبين ديمقراطيين قالوا إنهم تلقوا رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني مرسلة باسم جماعة “براود بويز” تأمرهم مباشرة بالتصويت لصالح ترامب، إلا أن الجماعة اليمنية نفت هذه المزاعم مؤكدة أن بعض حساباتها توقفت على “جوجل”.

راتكليف قدم خلال مؤتمر أمس نصيحة للناخبين قائلا: إذا تلقيت بريدا إلكترونيا مريبا أو مضللا في بريدك، فلا تنزعج ولا تنشره، مؤكدا أن أي إجراء للتأثير على الناخبين الأمريكيين مجرد محاولة يائسة من قبل خصوم يائسين.

الرد الإيراني والروسي

سارعت إيران لنفي مزاعم التدخل في الانتخابات الأمريكية، وقال المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة علي رضا ميريوسفي، مساء أمس، عبر حسابها على “تويتر”: إن العالم يشهد جهودا علنية يائسة من قبل الولايات المتحدة للتشكيك في نتيجة انتخاباتها على أعلى مستوى، هذه المزاعم ما هي إلا سيناريو لتقويض ثقة الناخبين بأمن الانتخابات الأمريكية.

وأضاف: لا مصلحة لإيران في التدخل بالانتخابات الأمريكية ولا مفاضلة لديها لنتائج هذه الانتخابات، ويجب على الولايات المتحدة الكف عن اتهاماتها الخبيثة والخطيرة ضد إيران.

صباح اليوم، استدعت الخارجية الإيرانية، السفير السويسري وممثل المصالح الأمريكية لديها احتجاجا على هذه الاتهامات التي وصفها المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده بأنها “كاذبة ومزورة”.

من جانبها لم تعلق روسيا حتى اللحظة على تصريحات مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، لكنها سبق وأن أكدت عدم سعيها للتدخل في الانتخابات الأمريكية واعتبرت أن مثل هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، والشهر الماضي قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن بلادها لم تتدخل ولا تنوي التدخل بالعمليات الانتخابية في أمريكا أو أي دول أخرى.

ومن المعروف أن تقارير صادرة عن الاستخبارات الأمريكية سبق وأن أشارت إلى أن روسيا وإيران والصين تسعى للتدخل في الانتخابات الأمريكية بهدف زعزعة الاستقرار وإحداث انقسامات داخل المجتمع الأمريكي والتأثير على النتائج.

على من تراهن إيران وروسيا؟

معسكر بايدن يتهم صراحة المعسكر الجمهوري بمحاولة التعتيم على المساعي الروسية لدعم ترامب في الانتخابات المقبلة، مستذكرا الحملة الروسية للتأثير على نتائج انتخابات الـ2016، فبحسب تحقيقات الـ “سي آي أيه” قام قراصنة مدعومين من الكرملين بشن هجمات إلكترونية ونشر أخبار مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لتقويض الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون، وتعزيز أسهم ترامب.

وينفي ترامب أي تعاون بين حملته والروس عام 2016، ويتهم في المقابل حملة كلينتون بالترويج لهذه الادعاءات من أجل التعتيم على محاولاتها ومن ورائها إدارة باراك أوباما لتشويه حملته في الانتخابات السابقة والتغطية على الخطأ الذي ارتكبته كلينتون باستخدام بريدها الشخصي في مرسالات رسمية في الوقت الذي كانت تشغل فيه منصب وزيرة الخارجية.

فيما يتعلق بالتدخل الصيني، بحسب ترامب نفسه تأمل بكين في فوز بايدن، وخلال تجمع انتخابي منتصف الشهر الجاري قال الرئيس الأمريكي الطامح لولاية ثانية: إن فوز “جو النعسان” في الانتخابات سيكون فوزا للصين، مؤكدا أن فوزه هو يعني فوز الولايات المتحدة لمدة أربعة سنوات قادمة وضمان تفوقها على الصين.

وباعتبار أن إيران أيضا تضررت من سياسيات ترامب الخارجية، يفترض أنها تتطلع إلى فوز بايدن، حتى ولو كان ذلك وبحسب كثيرين لن يغير مجرى السياسة الأمريكية 180 درجة في تعاملها مع الملف الإيراني، إذ إنه لا يوجد خلاف كبير بين بايدن وترامب فيما يتعلق بهذا الملف سوى أن بايدن يعتقد أن الرئيس كان يهمش آراء مستشاريه ويجعلهم آخر من يعلم فيما يخص قرارت السياسية الخارجية عموما.

مدير المركز الوطني الأمريكي للأمن ومكافحة التجسس وليام إيفانينا، قال في بيان أصدره أغسطس الماضي: إن طهران تحاول تقويض المؤسسات الديمقراطية في أمريكا وترامب، كما تحاول الصين توسيع نفوذها لتشكيل بيئة السياسة في الولايات المتحدة ومنع ترامب من الفوز بولاية ثانية، في حين تحاول روسيا “تشويه سمعة” بايدن باعتباره معادياً لها.

من الطبيعي أن تكون هناك لعبة استخباراتية ترافق أهم انتخابات يشهدها العالم سترسم إلى حد ما مستقبل العلاقات الدولية لأربعة أعوام مقبلة، وتحرك الاستخبارات الأمريكية أمس، لفضح محاولات التأثير على نتائج الانتخابات، يفهم في إطار الرغبة في التأكيد على يقظة الأجهزة الأمريكية هذه المرة مقارنة بما حدث عام 2016، حيث استغرقت إدارة أوباما شهورا لتتهم موسكو بقرصنة البريد الإلكتروني لحملة هيلاري.

وما أشبه اليوم بالأمس، فكما كانت هيلاري متقدمة على ترامب حتى اللحظات الأخيرة، ما زالت حظوظ بايدن مرتفعة بفارق يتراوح بين 7% إلى 11%، وبحسب استطلاعات الرأي ارتفعت نسبة التصويت لصالحه من قبل المقترعين المشاركين في “الاقتراع المبكر” والبالغ عددهم 44 مليون ناخبا، وفق بيانات موقع “مشروع الانتخابات الأمريكية” التابع لجامعة فلوريدا.

ربما يعجبك أيضا