الجفاف يزيد فاتورة واردات غذاء المغرب.. والأمل في المطر!

كتب – حسام عيد

تراجع كبير في المياه تشهده المناطق الرطبة بالأطلس المتوسط رغم كونها أكبر خزان مائي على الصعيد الوطني المغربي، وكذلك الأطلس الكبير وجنوب البلاد، فحتى وقت قريب كانت المياه تغطي مساحات شاسعة من تلك المناطق، لكن واقع الحال اليوم يظهر العكس تمامًا.

جفاف البحيرات يعزوه المختصون إلى نوعية الخزان المائي، وإلى العجز في التساقطات الثلجية والمطرية خلال السنوات الأخيرة.

وتمتد الانعكاسات السلبية للكلفة البيئية لظاهرة جفاف البحيرات في المملكة المغربية إلى التنوع البيولوجي بالمنطقة.

عامان من الجفاف

واستنزف عامان من الجفاف مخزونات المياه في جنوب المغرب، مما يهدد المحاصيل التي تعتمد عليها المنطقة ويتسبب في قطع المياه ليلا عن الملايين من قاطنيها.

وتتفاقم في كل عام المشاكل الناجمة عن اضطراب معدلات هطول الأمطار ونضوب المياه الجوفية في بلد يعتمد على الزراعة في 40% من الوظائف و14% من الناتج المحلي الإجمالي.

ففي الكردان الغنية بزراعة الحمضيات، والممتدة شرقا من مدينة أغادير بجنوب البلاد، يعتمد أكثر من نصف المزارعين على سدين في منطقة جبال أولوز الواقعة على بعد 126 كيلومترا لري أشجارهم.

لكن المياه جرى تحويلها إلى المركز السياحي أغادير، حيث تُقلص إمدادات المياه الحكومية إلى المناطق السكنية كل ليلة منذ الثالث من أكتوبر لضمان عدم انقطاعها عن الأسر تماما.

وقال وزير الزراعة عزيز أخنوش أمام البرلمان في الأسبوع الثاني من أكتوبر إن الأولوية يجب أن تكون لمياه الشرب.

وفي الكردان، قال يوسف الجبهة إن محصوله من أحد أنواع الحمضيات يتعرض للخطر بسبب انخفاض إمدادات المياه الذي يؤثر على كل من جودة الفاكهة وحجم المحصول.

وقال الجبهة الذي يرأس رابطة مزارعين محلية “المياه الجوفية المتاحة لا تكفي الأشجار”.

وأضاف بالهاتف “إنقاذ أغادير يجب ألا يكون على حساب مزارعي الكردان”.

أدنى مستوى للمخزون المائي السطحي

السنة الهيدرولوجية 2019-2020 سجلت ما مجموعه 93 ملم مقارنة مع المعدل السنوي العادي المقدر بـ230 ملم، وهذا هذا التراجع الكبير في التساقطات المطرية كان له، بالضرورة، تأثير سلبي مباشر على المخزون المائي بالحوض سواء على مستوى المياه السطحية أو الجوفية.

وعلى مستوى المخزون المائي السطحي، انخفضت حقينة السدود الثمانية المتواجدة على مستوى حوض سوسة إلى أدنى مستوياتها منذ إنشائها، حيث بلغت نسبة الملء الإجمالية لهذه السدود 12% إلى حدود 25 شتنبر 2020، ولم تتجاوز الواردات المائية الإجمالية التي استقبلتها هذه السدود 30 مليون متر مكعب برسم السنة الهيدرولوجية 2019-2020 مقارنة مع الواردات السنوية العادية المقدرة بـ 476.5 مليون متر مكعب، أي بعجز يناهز 94%.

وعلى مستوى المخزون المائي الجوفي، فقد تأثرت الفرشات المائية هي الأخرى بشح التساقطات المطرية وضعف الواردات المائية وتراجع سيلان الأودية التي تشكل المزود الرئيسي لها، وانخفض مستوى منسوب المياه بها بشكل كبير، حيث وصلت إلى درجة النضوب شبه الكامل في بعض المناطق.

الآمال معلقة بهطول الأمطار

وكان محصول المغرب من الحبوب هذا العام أقل من نصف مستوى 2019، وهو ما يعني تكاليف استيراد إضافية بمئات ملايين الدولارات.

ورغم انخفاض الإنتاج، ارتفعت صادرات المغرب من المنتجات الزراعية الطازجة هذا العام ثمانية بالمئة. ويشبه منتقدون لسياسة الحكومة الزراعية تلك المبيعات بتصدير المياه نفسها، لأن المحاصيل تستنزف الموارد.

وحذر تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب، وهو جهة استشارية رسمية، من أن أربعة أخماس موارد البلاد من المياه قد تختفي على مدار 25 عاما مقبلة.

وحذر أيضا من المخاطر على السلم الاجتماعي بسبب شح المياه. وفي 2017، اعتُقل 23 شخصا بعد احتجاجات على نقص المياه في مدينة زاكورة بجنوب شرق البلاد.

وقالت الحكومة في يناير إنها ستنفق 12 مليار دولار على زيادة إمدادات المياه على مدار الأعوام السبعة المقبلة عن طريق بناء سدود جديدة ومحطات لتحلية المياه.

ومن المتوقع أن تبدأ محطة بتكلفة 480 مليون دولار وطاقة يومية 400 ألف متر مكعب الضخ في مارس آذار، مقسمة بين المناطق السكنية والمزارع.

وقال وزير الزراعة في البرلمان إن الأمل حتى ذلك الحين هو في نزول الأمطار.

وفي الكردان، يحفر المزارعون بحثا عن المياه. وتدور تكلفة البئر الجديدة بين 20 و30 ألف دولار. لكن أحمد بونعمة، أحد المزارعين، يقول إن العثور على المياه ليس مضمونا بسبب نضوب المخزونات الجوفية.

الحاجة لاستيراد الغذاء تتزايد

وارتفعت الفاتورة الغذائية للمغرب خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري إلى 7.54 مليار درهم، حيث كلفت المواد الغذائية التي استوردها المغرب من الخارج خلال هذه الفترة أزيد من 39 مليار درهم، عوض 31.6 ملیار درهم المُسجّلة خلال نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة فاق معدّلها 23.8 في المئة.

وتسبّبت موجة الجفاف التي ضربت المغرب للعام الثاني على التوالي، في ارتفاع حاجيات المغرب من الأغذية المستوردة مدفوعة بضعف الإنتاج المحلي، كما عرفت معظم المواد الغذائية التي اقتناها المغرب من الخارج ارتفاعا ملحوظا سواء من حيث القيمة أو من حيث الحجم.

وكشفت بيانات مكتب الصرف الصادرة في شهر أغسطس 2020، أن واردات القمح وحدها ارتفعت بأزيد من 51.8%، وكلفت المغرب 9.7 مليار درهم، بزيادة فاقت 3.3 مليار درهم مقارنة مع أغسطس من العام الماضي، بينما كلفت مشتريات الشعير أكثر من 1.9 مليار درهم، وأكثر من 1.5 مليار درهم مقارنة مع واردات نفس الفترة من العام الماضي.

ويُتوقّع خلال الشهور القامة أن ترتفع حاجيات المغرب من الأغذية، لاسيما الحبوب التي تأثر إنتاجها المحلي سلبا بفعل شح التساقطات.

ربما يعجبك أيضا