الانتخابات الأمريكية في مرمى قراصنة إيران وروسيا

يوسف بنده

رؤية

أعلن مدير الأمن القومي للولايات المتحدة، جون راتكليف، الأربعاء 21 أكتوبر/ تشرين الأول، أن إيران وروسيا حصلتا على معلومات الناخبين بهدف التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

كما قال مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI): إن إيران ترسل رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني لتخويف الناخبين الديمقراطيين في أربع ولايات أميركية.

وحذر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي كريستوفر راي؛ ومدير الأمن القومي الأميركي جون راتكليف، في مؤتمر صحافي، من أن أي دولة تتدخل في الانتخابات الأميركية ستدفع الثمن.

إلا أنهما شددا على أنه يمكن للناخبين التأكد من أن أصواتهم سيتم عدها بشكل صحيح، على الرغم من تصرفات روسيا وإيران.

وجاء هذا المؤتمر الصحافي في الوقت الذي تلقى فيه الناخبون الديمقراطيون رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني في أربع ولايات على الأقل، بما في ذلك فلوريدا وبنسلفانيا، حيث المنافسة بين دونالد ترامب وجو بايدن وشيكة.

وهذه الرسائل، التي تزعم كذبًا أنها من قبل مجموعة “براود بويز” المتطرفة، تحذر الناخبين الديمقراطيين إذا لم يصوّتوا لدونالد ترامب.

ووفقًا للتقرير، ربما تم الحصول على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالناخبين من معلومات مركز الانتخابات بالولاية، حيث يتم تسجيل معلومات الناخب في كل مركز معلومات تابع للولاية، بما في ذلك الانتماء الحزبي والهاتف وعنوان البريد الإلكتروني.

وقال جون راتكليف: إن إيران وروسيا حصلتا على معلومات عدد من الناخبين.

وصرح مدير الأمن القومي الأميركي بأن الغرض من هذا الإجراء هو تقديم معلومات كاذبة والتأثير على الرأي العام وتقويض ثقة الجمهور في الانتخابات.

وأضاف: “لقد رأينا إيران ترسل رسائل بريد إلكتروني مزيفة لترويع الناخبين والتحريض على الاضطرابات الاجتماعية وتضرب الرئيس ترامب”.

ووفقًا لـ”رويترز”، حذرت وكالات المخابرات الأميركية سابقًا من أنه “بينما من المرجح أن تتدخل إيران في الانتخابات الأميركية لضرب دونالد ترامب، فإن روسيا تسعى لإعادة انتخاب ترامب”.

وأضافت الوكالة أن معلومات الناخبين متاحة للجميع، ولم يحدد المسؤولون الأميركيون كيفية حصول إيران وروسيا على هذه المعلومات.

وستجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام. حيث يتنافس الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع المرشح الديمقراطي جو بايدن.

نفي إيراني

وفي هذا الصدد نفى المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أي تدخل لبلاده في الانتخابات الأميركية.

وقال علي رضا مير يوسفي، في بيان: “لا مصلحة لإيران في التدخل في الانتخابات الأميركية ولا تفضل أحدًا في نتائجها. يجب على الولايات المتحدة أن تضع حدًا لاتهاماتها الشريرة والخطيرة ضد إيران”.

كما استدعت إيران السفير السويسري في طهران (القائم برعاية المصالح الأميركية لديها)، ردًا على مزاعم مسؤولي الأمن الأميركيين بأن إيران “تتدخل” في انتخابات الرئاسة الأميركية.

وبحسب وكالة أنباء “إيسنا”، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن مساعد المدير العام لوزارة الخارجية الإيرانية في الشؤون الأميركية، استدعى السفير السويسري، باعتباره راعيًا للمصالح الأميركية، إلى وزارة الخارجية، صباح الخميس.

ونفى خطيب زاده مزاعم المسؤولين الأميركيين بأن إيران “تدخلت” في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ووصف هذه الاتهامات بأنها “متكررة وملفقة وخرقاء ومزورة”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: “بالنسبة لطهران، لا فرق في ذهاب أي من المرشحين الحاليين إلى البيت الأبيض”.

كما اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، أجهزة المخابرات الأميركية بالتآمر “لصرف انتباه الرأي العام والقيام باستفزازات مريبة في الفترة التي تسبق الانتخابات” من خلال إطلاق “مثل هذه السيناريوهات الطفولية”.

فرض عقوبات

وقد فرضت الولايات المتحدة يوم الخميس 22 أكتوبر/ تشرين الأول، عقوبات جديدة على الحرس الثوري الإيراني ووسائل إعلام إيرانية «لمحاولة التدخل» في الانتخابات الأمريكية.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، في تقرير: إن «النظام الإيراني استهدف العملية الانتخابية الأمريكية بمحاولات وقحة لبث الفتنة بين الناخبين من خلال نشر معلومات مضللة عبر الإنترنت وتنفيذ عمليات خبيثة لتضليلهم».

وأضاف أن «كيانات حكومية إيرانية متنكّرة في شكل إعلامي استهدفت الولايات المتحدة بهدف تقويض العملية الديمقراطية الأمريكية».

وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين: إن «النظام الإيراني يستخدم روايات كاذبة ومحتويات مضللة أخرى في محاولة للتأثير على الانتخابات الأمريكية»، من دون أن يضيف أي تفاصيل، متعهدا بمواصلة «مواجهة جهود أي جهة فاعلة أجنبية يمكن أن تهدد العملية الانتخابية».

والكيانات الخمسة المستهدفة هي الحرس الثوري ووحدة النخبة التابعة له للعمليات الخارجية فيلق القدس، وكل منهما فرضت عليه واشنطن عقوبات من قبل، ومعهد قدم على أنه «أداة دعائية» للحرس الثوري ويسمى «بيان رسانه كَستر»، وقالت وزارة الخزانة إنه «واجهة» للحملة الدعائية الإيرانية قادت تلك الأنشطة.

فضح القراصنة

وقد نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة قولها إن أجهزة الأمن الأميركية تمكنت، خلال أيام قليلة، من اكتشاف أن قراصنة إيرانيين كانوا يحاولون التأثير على الانتخابات الأميركية، عندما نشروا عن طريق الخطأ، مقطع فيديو أدى إلى كشف معلوماتهم.

وبحسب التقرير، فقد سمح هذا الخطأ للحكومة الأميركية بتحديد هذه العملية الإلكترونية في غضون أيام، العملية التي كان الكشف عنها يتطلب عدة أشهر.

وقال مسؤول بالحكومة الأميركية لـ”رويترز”:  “لقد ارتكبوا خطأ غبيًا أو أنهم أرادوا الكشف عن هويتهم”. وأكد أن الأدلة المتوفرة تظهر أن هذه الإجراءات اتخذتها إيران.

وبعد نشر الفيديو، الذي نشره قراصنة إيرانيون على أنهم مجموعة “براود بويز” اليمينية المتطرفة، قام خبراء أمنيون وخبراء من “جوجل” و”مايكروسوفت” بفحص كود الكمبيوتر الذي ظهر في الفيديو.

من جانبه، نفى المتحدث باسم “براود بويز” ، في حديث، لشبكة “سي إن إن” نفى ارتباط المجموعة بالفيديو.

ووفقًا لـ”رويترز”، فقد وجد محللون أمنيون أميركيون أن عنوان الـ IPالذي ظهر في الفيديو استضافته شركة خدمات الإنترنت، “وورد ستريم” ومقرها هولندا، والتي استخدمها أيضًا قراصنة إيرانيون في أنشطتهم السابقة.

هذا وقد أعلنت شركة “وورد ستريم” تعليق حساباتها عقب أنباء عملية القرصنة الإيرانية، مشيرة إلى أن المركز الوطني الهولندي للأمن السيبراني يحقق في الأمر.

كما أصدرت شركة “جوجل” بياناً، الأربعاء، قالت فيه إن العملية مرتبطة بإيران، وأكدت أن الشركة على اتصال مع الـ”إف بي آي” بهذا الصدد.

بايدن لا يختلف عن ترامب

يشار إلى أنه على الرغم من أن المسؤولين الإيرانيين قد صرحوا مرارًا وتكرارًا بأنهم لا يهتمون بنتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أنه نظرًا لارتفاع احتمال زيادة الضغط على طهران بعد بقاء دونالد ترامب في السلطة، يقول الخبراء إن إيران تأمل في نهاية الرئاسة الأميركية الحالية وتقليل الضغط عليها.

وقد أشارت صحيفة “اسكناس” إلى آخر مناظرة بين مرشح الديمقراطيين جو بايدن، ومرشح الجمهوريين الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب. واهتمت الصحيفة بتصريحات بايدن ومواقفه تجاه طهران، وذكرت جانبا مما جاء على لسان بايدن مثل: “لو فزت في الانتخابات فإن إيران سوف تدفع ثمنا باهظا”، وقوله: “سأرد على إيران بسبب تدخلها في الانتخابات الأميركية”.

كما أشارت الصحيفة إلى نتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها قناة “سي إن إن” الأميركية وذكرت أن 56 في المائة من أصوات الناخبين في المجال الاقتصادي توجهت نحو ترامب، فيما حصل بايدن على 44 في المائة من الأصوات.

كما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”، عن مصادر مطلعة، أن إدارة دونالد ترامب تخطط لفرض عقوبات قبل الانتخابات على إيران، لتعزيز سياسة الضغط الأقصى، ومنع المحاولات لجعلها غير فعّالة في المستقبل.

ووفقًا للتقرير، نظرًا إلى أن استطلاعات الرأي تشير إلى تفوق المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات، يشعر مسؤولو إدارة ترامب بالقلق من أن بايدن سيقلل الضغط الأقصى على إيران إذا فاز بالانتخابات، حيث يعتقد البيت الأبيض أن هذا الضغط ضروري للتوصل إلى اتفاق نووي وأمني مع إيران.

وأضافت “وول ستريت جورنال” أن المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين يعتقدون أنه حتى لو كان المستهدفون بالعقوبات الجديدة المحتملة، تم عقابهم سابقًا، فإن إعادة معاقبتهم فيما يتعلق بالإرهاب ستجعل أي محاولة لرفع الحظر عن هؤلاء الأفراد أكثر صعوبة. وبالتالي، فإن أي مسؤول يعتزم رفع هذه العقوبات سيواجه عملية سياسية معقدة للغاية.

ووفقًا لكريستين فانترنز، المدير السابق في قسم الخليج لمجلس الأمن القومي: “إذا وصل بايدن إلى السلطة، فقد يكون قادرًا على رفع بعض العقوبات عن إيران، كعلامة على حسن النية لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات، لكن بايدن لن يكون قادرًا على رفع العقوبات الرئيسية المتعلقة بالإرهاب.”

وصرح “بايدن” بأنه إذا أصبح رئيسًا، فسيعيد الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، شريطة أن تعود إيران إلى التزاماتها النووية.

وجاء في تقرير الصحيفة أنه ردًا على تحرك إدارة ترامب في عام 2018 لسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أنهت إيران بعض التزاماتها النووية وزادت مخزونها من اليورانيوم المخصب، لدرجة أن بعض الدبلوماسيين حذروا من أن إيران تحتاج الآن إلى وقت أقل لامتلاك سلاح نووي.

ووفقًا لمارك دوبويتز، مدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإن العقوبات الجديدة التي من المحتمل أن يفرضها ترامب على إيران ستجبر “عشرات الآلاف من الجهات الفاعلة الدولية” على إعادة النظر بجدية في علاقتها مع إيران.

ربما يعجبك أيضا