عنوانها الأخير «الرسوم المسيئة».. هل تتأزم العلاقات التركية الفرنسية إثر «حمائية» أردوغان؟

حسام السبكي

حسام السبكي

يبدو أن “حمائية” الرئيس التركي طيب أردوغان، والموجهة هذه المرة، ليست إلى الغرب بشكل عام، أو حتى الاتحاد الأوروبي، كما هو معهود، إنما انصبت هذه المرة تجاه فرنسا، ورئيسها إيمانويل ماكرون،ومن المرجح أن تؤدي لتأزم جديد، في العلاقات الدولية لتركيا، وتحديدًا على مستوى العلاقات التركية الفرنسية، خاصةً مع تصريحات “أردوغانية”، وصفت بالعدائية من قبل “الإليزيه”، ولا تبدو في الأفق أي بوادر لاحتواء التوتر الأخير، في ظل إقدام باريس على استدعاء سفيرها لدى أنقرة، ودعوات الأخيرة لمقاطعة فرنسية، على إثر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي أخذت “دفعة دبلوماسية وسياسية”، من قبل الرئيس الفرنسي، في أعقاب مقتل المعلم الفرنسي صامويل باتي.

هجوم غير مسبوق

فظاظة أردوغان كما تشبهها باريس تحدث توتر جديد بين البلدين
فظاظة أردوغان كما تشبهها باريس تحدث توتر جديد بين البلدين

هبة شرسة، شنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وجه نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قائلا إنه بحاجة لاختبار قدراته العقلية، في معرض تعليقه على تصريحات الأخير عن الإسلام وأزمة الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد.

وأضاف أردوغان -في مؤتمر صحفي مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم، السبت- “ماكرون لا يفهم حرية الإرادة والعقيدة، إنهم لا يعرفون عقائد الشعوب الأخرى، لا أعرف كيف أصف رئيس هذه الدولة، لا يسيطر على عقله، وغير قادر على استخدام هذا العقل”، وفقا لترجمة قناة “TRT عربي” التركية الرسمية.

وأوضح أردوغان: «بين الحين والآخر، يأتي (ماكرون) باسمي ولا توجد عنده أي مواضيع أخرى، لم يستطع فعل أي شيء لفرنسا، إنه لم يستطع فعل شيء ولا يستطيع السيطرة على عقله، وغير قادر على استخدام هذا العقل».

ووصف الرئيس التركي السياسات الأوروبية بأنها “غير مفهومة” و”معادية” للمسلمين والدين الإسلامي، قائلا: إنها «تزداد يومًا بعد آخر، يمكننا تسميتها بمعاداة الإسلام، وغير ذلك من إغلاق المساجد والجوامع الإسلامية، نحن لم نغلق معابد المسيحيين والأديان الأخرى، لأن هذه الأفكار غير موجودة في عقيدتنا».

وتابع أردوغان: «أنتم من تعتمدون الحملات “العارية” المعادية للإسلام، ما قامت به فرنسا من أفعال ضد النبي محمد لا أستطيع تفسيرها سوى بأنها “سفالة”».

استياء وإجراء عاجل

استياء فرنسي واستدعاء لسفير باريس في أنقرة
استياء فرنسي واستدعاء لسفير باريس في أنقرة

على الجانب الآخر، وفي ردٍ سريع على هجوم الرئيس التركي، أعلن قصر الإليزيه، السبت، عن استدعاء فرنسا لسفيرها في أنقرة.

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، نقلا عن بيان لقصر الإليزيه، القول: إن هذا “التجاوز” و”الفظاظة” من جانب أردوغان “أمر غير مقبول”، مشيرا إلى أن  تلك المرة هي الأولى التي يتم فيها استدعاء سفير لفرنسا من تركيا. وذكر البيان: «نطالب أردوغان بتغيير هذا المسار لسياسته لأنه خطير».

وقالت الرئاسة الفرنسية -في تعليق أوردته “وكالة الأنباء الفرنسية”- إنّ «تصريحات الرئيس أردوغان غير مقبولة. تصعيد اللهجة والبذاءة لا يمثلان نهجاً للتعامل. نطلب من أردوغان أن يغيّر مسار سياسته لأنّها خطيرة على كل الأصعدة. لن ندخل في سجالات عقيمة ولا نقبل الشتائم».

وفي انتقاداتها لتركيا أشارت الرئاسة الفرنسية أيضاً إلى «غياب رسائل التعزية والمساندة من الرئيس التركي عقب اغتيال صامويل باتي»، المدرّس الذي قتل بقطع الرأس قبل أسبوع في اعتداء نفذه إسلامي متطرف قرب مدرسته في الضاحية الباريسية.

كما لفت قصر الإليزيه إلى «تصريحات (أردوغان) الهجومية للغاية في الأيام الأخيرة، خاصة حول الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية».

جذور عميقة

جذور عميقة نسبيًا للعداء التركي الفرنسي
جذور عميقة نسبيًا للعداء التركي الفرنسي

الخلاف الدبلوماسي الأخير، بين أنقرة وباريس، له جذور عميقة بعض الشيء، فقبل أسبوعين، ندد الرئيس التركي أردوغان -الذي غالبا ما يدخل في مشادات لفظية مع ماكرون- بتصريحات الرئيس الفرنسي حول “الانعزالية الإسلامية” ووجوب “هيكلة الإسلام” في فرنسا، وتابع الإليزيه «منذ هجومه في سوريا، لم تكف فرنسا عن التنديد بسلوكيات الرئيس أردوغان، وأثبتت الأسابيع الأخيرة أننا على صواب».

وتتواجه باريس وأنقرة في عدد من الملفات، من التوتر السائد في شرق المتوسط والنزاع في ليبيا، مروراً بالاشتباكات في ناغورني قرة باغ، وطالب الاليزيه مجدداً السبت «أن تضع تركيا حداً لمغامراتها الخطيرة في المتوسط والمنطقة»، وندد بـ”السلوك غير المسؤول” لأنقرة في ناغورني قرة باغ.

وقالت الرئاسة الفرنسية بخصوص شرق المتوسط: “ثمة أمور ملحة مطروحة. لدى أردوغان شهران للرد. يجب إقرار إجراءات في نهاية هذا العام”.

تجدر الإشارة، وعلى ذكر العنوان الرئيسي للأزمة التركية الفرنسية الجديدة، إلى تزايد الدعوات لمقاطعة البضائع الفرنسية في الشرق الأوسط، وذلك في إطار ردود فعل غاضبة أثارتها تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون الذي تعهّد “عدم التخلي عن رسوم كاريكاتور” تجسّد النبي محمد.وكان ماكرون قد أعلن، الخميس الماضي، في مراسم تأبين المدرّس صامويل باتي الذي قتله إسلامي متطرف بقطع الرأس على خلفية عرضه على تلاميذه رسوما كاريكاتورية تجسّد النبي محمد خلال حصة حول حرية التعبير، أن القتيل “كان يجسّد الجمهورية”، وأكد أنّ بلاده لن تتخلى “عن رسوم الكاريكاتور”. 

ربما يعجبك أيضا