الاتهامات المتبادلة تعود إلى مسلسل المصالحة الفلسطينية‎

محمود

رؤية – محمد عبدالكريم

رام الله – لم تكن خيبة الأمل كبيرة في الشارع الفلسطيني، على أثر عودة الاتهامات المتبادلة بتحميل “فتح” و”حماس” كل منهما للطرف الآخر المسؤولية بتعثر جهود المصالحة، فالشعب أصلا لم يعقد آمالا كبيرة على التصريحات الثنائية المبشرة بقرب إنهاء الانقسام، عقب اجتماعات “اسطنبول” قبل شهرين تقريبا.

الحركتيا أكدتا الإثنين الماضي على استمرار الحوارات بينهما لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ 13 عاما، خاصة أمين سر اللجنة المركزية لفتح اللواء جبريل الرجوب في بيان صحفي، إن “بناء الشراكة الوطنية خيار استراتيجي لا عودة عنه، وجميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني توافقت عليه بقناعة وإيمان مطلق كمسار وخيار لحماية مشروعنا الوطني، ونحن في طريقنا إلى الاتفاق من خلال حواراتنا الثنائية مع الإخوان في حركة حماس، للخروج من حالة الانقسام”، مشددا على التزام الحركتين بما تم الاتفاق عليه.

فيما أكد نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري على “استمرار الحوار الإيجابي والبناء مع حركة فتح والفصائل كافة، للوصول إلى اتفاق وطني على خريطة وطنية تحقق الشراكة الوطنية المنشودة، وتزيد من قدرة شعبنا على مواجهة التحديات والمؤامرات”.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد ترأس في الثالث من سبتمبر الماضي اجتماعا هو الأول منذ سنوات ضم الأمناء العامين لـ 14 فصيلا عقد بشكل مشترك بين رام الله والعاصمة اللبنانية بيروت عبر الإنترنت.

إلا أن رائحة فشل كافة الجهود لانهاء الانقسام تزكم الانوف، خاصة بعد خلافات واسعة داخل حركة  “فتح”.

أسابيع مرّت على التوافق على مبدأ الانتخابات بالتوافق والمشاركة دون المغالبة، لتعود الخلافات داخل «فتح» وتعيق المسار. تقول مصادر في الحركة،إن خلافات نشبت داخل «اللجنة المركزية» أدّت إلى توقف المصالحة على رغم استمرار الحوارات مع «حماس»، وخاصة بعد معارضة رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، ومسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد، خطوات القيادي جبريل الرجوب الأخيرة.

الخلافات بين القيادات «الفتحاوية» مردّها اعتبار البعض أن المصالحة ستؤدّي إلى تسليم جزء لا يستهان به من السلطة و«منظمة التحرير» لـ«حماس»، فضلاً عن أن التصالح مع الحركة حالياً، وبالطريقة التي جرت في إسطنبول الشهر الماضي، يُغضب المصريين الذين لدى «فتح» مصلحة كبيرة حالياً في علاقة جيدة معهم، وخاصة أن «القاهرة هي الداعم الأهمّ للسلطة»، وفقاً لفرج.

مع ذلك، تقول المصادر: إن السبب الأهمّ في هذه الخلافات هو قضية خلافة رئيس السلطة، محمود عباس؛ إذ يرى رئيس المخابرات أن المصالحة التي يقودها الرجوب ستعزّز فرص الأخير في خلافة عباس، بل إمكانية قبول «حماس» إيّاه مرشّحاً عن «فتح» بعد عباس، كما أن المصالحة ستقوّض مساعي فرج في أن يكون القيادي الأول في الحركة بعد «أبو مازن»، تقريباً كما كانت حال الأخير في الأيام الأخيرة للرئيس الراحل ياسر عرفات.

هذه الخلافات انتقلت خلال اليومين الماضيين إلى وسائل الإعلام، ففي الوقت الذي حمّل فيه الأحمد «حماس» مسؤولية تعطيل المصالحة، متّهماً إياها بأنها لم ترسل ردّها في شأن الانتخابات، أقرّ الرجوب بوجود «عوائق في طريق المصالحة»، مستدركاً: «سنتجاوز هذه العوائق، ثمّ سيكون هناك حوار شامل بين الفصائل كافة لصياغة المستقبل».

لكن طبقاً لمصدر في «حماس»، تتلخّص عقدة المصالحة الأخيرة في أن الحركتين توافقتا خلال «تفاهمات إسطنبول» على تجهيز اتفاق شامل حول مختلف القضايا، ثمّ الذهاب إلى الانتخابات كبوّابة لإنهاء الانقسام، وأن يُعرض هذا الاتفاق على الفصائل، ومعه تَصدر مراسيم بالانتخابات، لكن «تغيّراً في موقف بعض قادة اللجنة المركزية لفتح دفعهم إلى المطالبة بإرسال موافقة حماس على الانتخابات قبل عرض ما اتُّفق عليه على الأمناء العامين».

ما تزال «فتح»تصرّ على إرسال «حماس» كتاباً باسمها إلى عباس لإصدار مراسيم الانتخابات، وهو ما ترفضه الأخيرة حتى اللحظة، قائلة -على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع- «نحن ننتظر انعقاد مؤتمر الأمناء العامين للفصائل لوضع الحوارات على الطاولة والاتفاق على ما تمّ التفاهم عليه في حوارات إسطنبول مع فتح».

القيادي في فتح روحي فتوح اتهم حماس وأردف بأن فكرة المصالحة لم تنضج عند البعض؛ خصوصاً في غزة، وممكن أن يكون هناك متضرر من المصالحة وسيفقد الكثير إذا تحققت. ولدينا تحليل: أنه ربما يعيق البعض عملية المصالحة لمصالح شخصية.

وردت حركة «حماس»، فوراً، بأنها مستمرة في الحوار الإيجابي والبناء مع حركة «فتح». وقال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»: «سنعمل للوصول إلى اتفاق وطني على خريطة وطنية تحقق الشراكة الوطنية المنشودة، وتزيد من قدرة شعبنا على مواجهة التحديات والمؤامرات».

من جهته، أكد أمين سر حركة «فتح»، جبريل الرجوب، أن «بناء الشراكة الوطنية خيار استراتيجي لا عودة عنه»، مضيفاً في تصريح لدحض وجود العقبات: «ما تم الاتفاق عليه بين الفصائل لم يظهر أي خروج عنه أو تجاوز له». وأردف: «نحن في طريقنا إلى الاتفاق من خلال حواراتنا الثنائية مع الإخوان في (حماس) للخروج من حالة الانقسام التي استمرت لأكثر من 13 عاماً».

وإذا أرسلت «حماس» رداً إيجابياً، فيفترض أن يجري الفلسطينيون أولاً انتخابات تشريعية يتلوها الرئاسية، ثم انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير. ويذكر أن آخر انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني أجريت في عام 2006 بعد انتخابات جرت في عام 1996. كما جرت انتخابات رئاسية في عام 2005 ثم توقف كل شيء بعد ذلك، بسبب سيطرة «حماس» على قطاع غزة عام 2007.

كما تصرّ «حماس» على التوافق على تفاصيل الانتخابات كافة وترتيب البيت الداخلي عبر اتفاق شامل، قبل الانتخابات. وهي تريد، أيضاً، الاتفاق على الأساس الذي ستقوم عليه الانتخابات، والجدول الزمني لها، والبدائل المطروحة منها في حال محاولة الاحتلال إعاقتها، إلى جانب التوصّل إلى صيغ تقاسم ومشاركة دون مغالبة بين الفصائل. كذلك، تطالب الحركة، «فتح»، بتهيئة الأجواء للمصالحة، وذلك بخطوات من قبيل وقف العقوبات على قطاع غزة، وخاصة على الموظفين، وإنهاء التمييز بين غزة والضفة.

مصر وافقت على استضافة الحوارات الفلسطينية

قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح»، جبريل الرجوب: إن مصر وافقت على استضافة الحوارات الفلسطينية – الفلسطينية، (لقاء الأمناء العامين للفصائل)، الذي يُفترض أن يُعقد بعد إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مرسوم الانتخابات.

وبددت تصريحات الرجوب تقارير حول رفض مصر استضافة هذا الحوارات، بسبب غضبها من عقد لقاء المصالحة في إسطنبول. وكانت مصر ودول إقليمية أخرى، قد تحفظت على إعلان المصالحة الفلسطينية من إسطنبول في تركيا، بعد أن رعت القاهرة لسنوات طويلة مباحثات واتفاقات لا حصر لها من أجل المصالحة.

وأكد الرجوب أنه تمت تسوية الأمر، وذهبنا لجميع من عتب علينا وشرحنا لهم الموقف وموقفنا ثابت من كل المحاور المختلفة في الوطن العربي والإقليم، ولن نكون ضد أي طرف من أطراف المحاور المختلفة، لأننا جزء من عمقنا العربي والإسلامي».

وأردف: «وفد (فتح) ذهب إلى كل التناقضات في الإقليم للحديث عن القضية والمصالحة، وكانت قراراتنا نابعة من إرادتنا.

ميدل إيست آي: تعثر تحديد موعد الانتخابات الفلسطينية ربما يتعلق بغضب مصر

قال موقع “ميدل إيست آي” البريطاني (Middle East Eye) إن مصر غاضبة من تولي تركيا دورا مركزيا في المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وتعتبر نجاح المباحثات التي جرت في إسطنبول بين حركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) انتهاكا لدورها التاريخي في القضية الفلسطينية.

وأوضح التقرير أن مصر، التي كانت الوسيط الرئيسي والمضيف التقليدي لمحادثات المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس منذ 2007، لم تصدر أي رد رسمي سلبي على نتائج اجتماع إسطنبول، لكن واقع الحال يشير إلى أن انخراط تركيا في المصالحة، لا يُرضي مصر التي تعتبر مثل هذه التحركات انتهاكا لدورها التاريخي في القضية الفلسطينية.

ونسب الموقع لعبد الله عبد الله عضو المجلس الثوري لحركة فتح قوله  كفلسطينيين مهتمون بعلاقات جيدة مع الجميع، ونرفض الانحياز لمحاور المنطقة، ولا يمكن الاستغناء عن دور القاهرة تماما كما لا تستطيع مصر التخلي تماما عن دورها في القضية الفلسطينية لصالح خصومها الأتراك.

ويرى مراقبون ان تجاهل التفاهمات وضع انفصال قطاع غزة على رأس جدول الأعمال، يستوجب تدارك الأمر ووضع مسألة تشكيل حكومة وحدة أو وفاق وطني على رأس جدول الأعمال للتحضير لإجراء الانتخابات، وتوفير أجواء الثقة والحقوق والحريات، ومعالجة آثار الانقسام، والشروع في توحيد المؤسسات المدنية والأمنية، وضمان حرية الانتخابات ونزاهتها واحترام نتائجها، وأن تكون الجدار الحامي في حال قيام الاحتلال بمنع إجراء الانتخابات. فما دام هناك اتفاق على تشكيل حكومة وحدة بعد الانتخابات، فالأولى والأجدى تشكيلها قبل إجرائها.

إضافة إلى أن عدم التزامن بين إجراء الانتخابات التشريعية مع الرئاسية والوطني، ضمن حل الرزمة الشاملة التي تُطبّق بالتوازي والتزامن، نقطة ضعف في التفاهمات، ومصدر لعدم الثقة وعدم الاطمئنان.

ربما يعجبك أيضا