في مواجهة كورونا واحتجاج الجنود.. رئيس أركان جيش الاحتلال يقرر عودة المناورات

محمد عبد الدايم

كتب – د محمد عبدالدايم

رغم فرض الاحترازات الصحية، وتوصيات المسئولين عن الصحة بإسرائيل، فإن رئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي قد أصدر قرارا بتنفيذ تدريبات عسكرية لقوات الجيش، وهي التدريبات التي كانت ضمن خطط عمل كوخافي لرفع جاهزية قوات الجيش، وتم تأجيلها مع إعلان حالة الحظر تجنبا لتفشي فيروس كورونا.

جلسات استماع مع ضباط الاحتياط

قبل إعلان العودة إلى جدول التدريبات العسكرية، نقل مكتب رئيس الأركان أنه أجرى مجموعة من المناقشات للتحضير لهذه التدريبات، وكذلك مناقشة الآثار المترتبة عليها، بالنسبة لجاهزية القوات، أو احتمالات حدوث حالات إصابة بكورونا، وترأس كوخافي جلسات استماع مع مجموعات من جنود الاحتياط بالجيش لمناقشتهم في مخاوفهم من تفشي الفيروس بين الجنود والضباط المشاركين في التدريبات.

استعادة جاهزية الجيش

في اجتماعات مغلقة مع قادة أسلحة الجيش، برر كوخافي موقفه، بالعدول عن قرار إلغاء التدريبات، بأن الجيش الإسرائيلي لم يجري تدريبات شاملة منذ فترة طويلة تقترب من العام، لذا كان قراره بإجراء التدريبات، بمشاركة عدد أقل مما كان مخططًا له من قبل، على أن تكون خاضعة للرقابة الصحية والتطبيق الدقيق للاحتياطات المُعلن عنها للوقاية من الإصابة بكورونا.

فيما نقل المتحدث باسم هيئة الأركان أن قرار البدء في التدريبات يأتي لأن الجيش يجب أن “يحافظ على جاهزيته للعمليات، واستعداده للحرب في أي وقت، حتى على حساب إدارة المخاطر في زمن الكورونا”.

وفي إطار الحرص على تقليل الإصابات، أوضح كوخافي أن التدريب الذي ستقوم به الفرقة 162 مدرعات، التابعة للمنطقة الجنوبية، والمعروفة باسم “تشكيل الصُلب”، سيقتصر على بضعة أيام فقط، مع تقليل عدد المشاركين فيه إلى الثلث  تقريبا.

تأجيل تشغيل قوات الاحتياط

وفي غضون ذلك، تقرر أن تُقيم قيادة الأركان الوضع مرة أخرى، قبيل التشغيل العملياتي لقوات الاحتياط في ديسمبر المقبل، وكان كوخافي قد أعلن في سبتمبر الماضي عن إلغاء معظم عمليات توظيف جنود الاحتياط في أكتوبر الحالي، على أن تُستبدل بتعيين جنود نظاميين بالجيش، لأنه من المعروف أن عناصر الاحتياط يعودون إلى حياتهم وأسرهم بعد انتهاء عمليات الجيش والتدريبات، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، وكذلك ينقلون الوباء على نطاق واسع داخل المجتمع الإسرائيلي.

غضب قوات الاحتياط من خطة رئيس الأركان

المثير أن كوخافي في حديثه مع ضباط الاحتياط قد تطرق إلى احتمالية إصابة أفراد من الجيش بكورونا أثناء فعاليات التدريبات، وقدّر أن الجيش يمكنه أن يتحمل عدد إصابات يصل إلى 100 حالة، وأثار حديثه حفيظة الضباط، حيث اعتبروا حديثه عن قابلية إصابة الجنود بالكورونا، وتقديره بمثابة عدم اهتمام، وكان من المفترض أن يصبغ حديثه معهم بأسلوب مختلف يعبر فيه عن اهتمام قيادة الجيش بالجنود، وسعيها لمنع الإصابة بالفيروس أو تفشيه داخل وحدات الجيش.

2977553 46

وفقا لمصدر عسكري؛ فإن جنود الاحتياط يتخوفون من المشاركة في التدريبات، بسبب عدم وضوح رؤية قيادة الجيش، خصوصا أن تدريبات موسوعة بهذا الشكل سينتج عنها في الغالب عدد من الإصابات بالفيروس، ولا يريد أحد من جنود الاحتياط أن يبقى في العزل بعد انتهاء التدريبات، وفي حالة عودة هؤلاء لبيوتهم سيكون عليهم التعامل مع الاختلاط بأسرهم وأبنائهم، دون التأكد من عدم إصابتهم بكورونا، مما جعلهم قلقين على صحة عائلاتهم.

لهذا، ووفقا لضابط في قوات الاحتياط، هناك عدد غير قليل من الضباط والجنود في قوات الاحتياط قد أعلنوا أنهم يرفضون الانخراط في التدريبات، ونقل بعضهم هذا الرد شفهيا، فيما أقدم البعض الآخر على إرسال رسائل مكتوبة يعلنون فيها رفضهم التدريبات في هذه الظروف.

احتجاج أهالي الجنود على العزل الجماعي

 قبل قرار كوخافي بعودة التدريبات خرجت انتقادات شديدة من أهالي الجنود والضباط من قوات الجيش، بسبب تطبيق إجراء “العزل الجماعي” لمن يتم تشخيص حالتهم بالإصابة، وهو الإجراء الذي لم يحقق نتائج إيجابية أعطت مؤشرًا على شفاء الجنود المعزولين، بل استمر منحنى الإصابة مرتفعًا، مع حدوث أزمات نفسية حادة للمعزولين.

ففي  خلال الأسابيع الأخيرة احتج أهالي الجنود في قاعدة التجنيد نيتسانيم (معسكر يهوشوع)، ومعسكر التدريب 80 من إجراءات العزل الصحي بعد حدوث تفشي واسع للفيروس بالقاعدتين، حيث زعم الأهالي أن الإجراءات كانت غير فعالة بالمرة، بل وساعدت على زيادة حالات الإصابة، فالعزل شمل الجنود ممن ظهرت عليهم أعراض كورونا أو لم تظهر، إضافة إلى استخدام حمامات ومراحيض مشتركة، وتأخر أخذ عينات التحاليل من المصابين،  كما اعترض الأهالي على عدم وجود عدد كاف من الأطباء في عنابر العزل، فقد كانت تحاليل الفيروس تُجرى على أيدي مسعفين وليس أطباء، مع وجود نقص شديد في أدوات الكشف والعناية، حتى أن المجندين كانوا يتناوبون على أجهزة قياس الحرارة القليلة جدًا، وفي النهاية لم يحدث فرز لإبعاد المصابين فعليا وحاملين للفيروس عن غير المصابين، أو من تحولت نتائجهم من إيجابية إلى سلبية.

بؤر كورونا داخل الجيش الإسرائيلي

قرار رئيس هيئة الأركان بالعودة إلى التدريبات، يأتي بعد أيام قليلة من احتجاج أهالي الجنود، ومع ظهور عدة بؤر للإصابة بكورونا داخل قواعد الجيش، منها أكاديمية ضباط الجيش الإسرائيلي، وأكاديمية الكوماندوز، ووحدة الجوالة التابعة للفرقة 98 مظلات، ووحدة التدريب باللواء 900 المعروف باسم كفير، والسرب 253 المعروف باسم سرب النقب، ووحدة موران بسلاح المدفعية، كل هذا بالطبع بخلاف قاعدة التجنيد نيتسانيم، ومعسكر التدريب 80، اللذين برز اسميهما بعد احتجاجات الأهالي، ورغم إعلان السيطرة على حالة التفشي في قاعدة نيتسانيم، فإن عدد الحالات في المعسكر 80 وصلت إلى 106 حالة إصابة بالكورونا.

وبحسب التقييمات المستجدة لقيادات الجيش، بعد الانتقادات الشديدة، تقرر تعديل إجراءات العزل الصحي للمصابين، وفقًا لأحد الخيارات الثلاثة: عزل الجندي أو الضابط بالمنزل، على أن تكون البيئة المنزلية مناسبة للعزل، أو العزل داخل الوحدة العسكرية، أو العزل داخل إحدى منشآت شعبة القوى البشرية التابعة لهيئة الأركان العامة.

خلال الأيام المقبلة سيكون أمام رئيس الأركان كوخافي تحدٍ كبير لإثبات جدارته، مع ارتفاع حدة الغضب لدى أهالي الجنود، ورفض عدد كبير من قوات الاحتياط المشاركة في التدريبات العسكرية، في وقت وصل عدد المصابين بكورونا داخل الجيش إلى أكثر من 5000 جندي وضابط.

3072469 46



ربما يعجبك أيضا