الخطة الخمسية الصينية الـ14.. الريادة العالمية والحياد الكربوني أولوية

كتب – حسام عيد

يصادف عام 2020 نهاية فترة الخطة الخمسية الـ13 للصين (2016-2020)، وبالرغم من التحديات الخارجية، وأبرزها التوترات التجارية والجيوسياسية المتصاعدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا الوبائية «كوفيد-19»، التزمت الصين بتحقيق الأهداف المحددة في الخطة بجهد شامل، لتنال إشادة الخبراء في جميع أنحاء العالم.

ويرأس الرئيس الصيني شي جين بينغ، اجتماعات الحزب الشيوعي هذا الأسبوع بهدف رسم معالم المرحلة المقبلة من التنمية الاقتصادية.

ومن المتوقع أن تركز الخطة الـ14 التي تبلغ مدتها خمس سنوات على الابتكار التكنولوجي والاستقلال الاقتصادي والبيئة النظيفة.

كما سيحدد المسؤولون أيضاً الأهداف للسنوات الخمس عشرة المقبلة، إذ يسعى الرئيس الصيني إلى الوفاء بوعده لتجديد الشباب الوطني من خلال اكتساب الريادة العالمية في التكنولوجيا والصناعات الاستراتيجية الأخرى.

هذا ويتوقع المحللون أن يتفوق الاقتصاد الصيني على نظيره الأميركي في غضون السنوات العشر المقبلة، وذلك في حال استطاع التمسك بالنمو الذي شهده في السنوات الأخيرة.

إنجازات الخطة الخمسية الـ13

من تحسن الهيكل الاقتصادي إلى إصلاح جانب العرض، ومن الانفتاح الموسع إلى ظروف معيشية أفضل للشعب، فإن الإنجازات المثمرة التي حققتها الصين خلال الخطة الخمسية الماضية مثيرة للإعجاب وملهمة.

وقد بلغ إجمالي الناتج المحلي للصين 99.1 تريليون يوان (حوالي 14.8 تريليون دولار أمريكي) في عام 2019، وهو ما يمثل 16% من الاقتصاد العالمي ويسهم بنحو 30% في النمو الاقتصادي العالمي، وفقًا للبيانات الرسمية.

وفي عام 2019، تجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد حاجز 10 آلاف دولار للمرة الأولى مع استمرار توسع حجم المجموعة المتوسطة الدخل.

وصرح روبرت لورانس كوهن، رئيس مؤسسة كوهن، أن الخطة الخمسية الـ13 “حفزت تحول الصين من النمو عالي السرعة إلى النمو عالي الجودة، وجعلت العلوم والتكنولوجيا على رأس الأولويات الوطنية”.

ولفت كوهن إلى أن الخطة “قللت من المخاطر المالية من خلال الإصلاح الهيكلي لجانب العرض وشرعت في تنشيط الريف لإعادة التوازن بين المناطق الريفية والحضرية”.

في السنوات الخمس الماضية، عززت الصين الانفتاح الشامل مع اتخاذ سياسات عملية من أجل بيئة أعمال أفضل واستمرار التعاون من خلال جميع المنصات، لا سيما مبادرة الحزام والطريق.

وتمكنت الخطة الخمسية الـ13 من مكافحة الفقر، فمن عام 2016 وحتى عام 2019، تغلب أكثر من 50 مليون فقير في المناطق الريفية الصينية على الفقر.

وفي الوقت نفسه، ارتفع صافي دخل الفرد من الفقراء من 3416 يوانًا (حوالي 510.9 دولار) في عام 2015 إلى 9808 يوانات (حوالي 1466.8 دولار) في عام 2019، بمتوسط نمو سنوي قدره 30.2%.

وقد تدفق الدعم المالي والموارد الطبية وكذا العناصر التكنولوجية إلى المناطق الريفية في البلاد، وهي جبهة المعركة التاريخية ضد الفقر.

وذكر بنك التنمية الصيني أنه حتى نهاية أغسطس، أصدر 1.5 تريليون يوان (حوالي 224.3 مليار دولار) في شكل قروض لدعم تخفيف حدة الفقر خلال السنوات الخمس الماضية.

الخطة الخمسية الـ14 وفلسفة التداول المزدوج

فيما بدأت القيادة الشيوعية في الصين يوم الإثنين الموافق 26 أكتوبر 2020 اجتماعًا يستمر أربعة أيام لوضع الخطة الاقتصادية الخمسية المقبلة وتحديد أهداف التنمية حتى عام 2035. والخطة ستكون الرابعة عشر منذ تأسيس الحكم الشيوعي في 1949.

ومن المقرر أن تركز الخطة الخمسية الرابعة عشرة للصين على الاعتماد على النفس في الاقتصاد والابتكار التكنولوجي وبيئة أنظف.

وتمضي بكين قدما في فلسفة “التداول المزدوج”، والتي تهدف إلى تعزيز الاعتماد على النفس في الاقتصاد مع الاستمرار في الاستفادة من العولمة.

ومن المقرر أن تستمر الجلسة الموسعة حتى يوم الخميس، لكن من المحتمل ألا يتم الإعلان عن القرارات المتخذة بها حتى الجلسة البرلمانية المقبلة، والتي عادة ما تعقد في مارس.

تعافي محفوف بالمخاطر

وتسارع التعافي الاقتصادي في الصين في الربع الثالث من عام 2020 الجاري مع تخلي المستهلكين عن الحذر حيال فيروس كورونا، لكن معدل النمو الرئيسي الذي جاء دون التوقعات ينبئ باستمرار المخاطر على واحد من المحركات القليلة للطلب العالمي.

وكشفت بيانات رسمية يوم الإثنين الموافق 26 أكتوبر نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.9% من يوليو حتى سبتمبر، أي أبطأ من توقعات المحللين في استطلاع والتي كانت لنمو 5.2% لكن أسرع من وتيرة النمو في الربع الثاني البالغة 3.2%.

وقال يوشيكيو شيماميني، كبير الاقتصاديين في معهد داي-إيتشي لايف للأبحاث في طوكيو “مازال اقتصاد الصين على مسار التعافي، مدفوعا بانتعاش الصادرات. الإنفاق الاستهلاكي يسير في الاتجاه الصحيح أيضا، لكن لا يمكن القول إنه تخفف كليًا من فيروس كورونا”.

وتابع “ثمة خطر من أن تضر عودة الإغلاقات في أوروبا وموجة إصابات جديدة في الولايات المتحدة بالإنفاق الاستهلاكي وتوقد شرارة المزيد من فقد الوظائف، مما سيؤثر سلبا على اقتصاد الصين”.

وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم نما 0.7% في الأشهر التسعة من العام مقارنة به قبل سنة.

وزادت استثمارات الأصول الثابتة 0.8% على أساس سنوي في الأشهر التسعة الأولى، لتسجل نموا منذ بداية العام للمرة الأولى في السنة الحالية.

وفي القطاع العقاري، نما الاستثمار 12% على أساس سنوي في سبتمبر، وهي أسرع وتيرة له في نحو عام ونصف، مما قدم دعما مهما للاستثمار عموما.

الحياد الكربوني أولوية

كما ستناقش القيادة الشيوعية الصينية تعهدات طموحة للرئيس شي جين بينغ بتحقيق الحياد الكربوني، فالأهداف المناخية للدولة التي تعد أكبر مصدر للتلوث في العالم والمتوقع أن تبلغ انبعاثاتها الذروة في 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بعد 30 سنة، هي أكثر تحرك بيئي ملموس أعلنته بكين حتى الآن، لكن تفاصيلها المعلنة قليلة.

وسيناقش اجتماع القيادة الخطة الخمسية للصين بدءا من 2021، والمتوقع أن تعرض الخطوات التي ستمكن دولة مسؤولة عن ربع انبعاثات غازات الدفيئة في الأرض، من إعادة هيكلة الاقتصاد ليحقق أهداف شي.

والوعد بالحياد الكربوني الذي أعلن الشهر الماضي في خطاب الرئيس شي جين بينغ أمام الأمم المتحدة، شكل مفاجأة نظرًا لأن الصين تعتمد بشدة على الفحم لتحفيز خروجها الاقتصادي من الفقر إلى أن صارت دولة كبرى، في العقود القليلة الماضية.

ربما يعجبك أيضا