كل يوم بفلسطين.. يمضي جورج فلويد دون أن يُلاحظ‎

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم

ذرف العالم أجمع دموع التعاطف عقب مقتل الشاب الأمريكي الأسود جورج فلويد، خنقا بعد أن ثبته شرطي أبيض بركبته على الأرض في الخامس والعشرين من مايو الماضي، أما الفتى الفلسطيني عامر النجار فلا أحد بكى عليه، بعد أن مضت قصة استشهاده بالضرب في أعقاب بنادق جنود الاحتلال قبل يومين دون أن يلاحظها أحد .

وقبيل انتصاف ليل الأحد الماضي، توقفت فجأة مركبة سوداء آتية من بعيد تعود للشاب صخر نجار بعد خلل حدث فيها فلا وقود والمركبة لم تعد تعمل، صخر كان عائدا إلى منزله في قرية يتما جنوب مدينة نابلس لكن خللا ما حدث في المركبة التي تعطلت قرب مفرق قرية ترمسعيا ليطلب المساعدة من صديقه عامر عبد الرحيم صنوبر لإصلاحها الذي قدم لمساعدته.

عامر وصخر وقد أرهقهما محاولة إصلاح المركبة التي باءت بالفشل، هبوا إلى شحن المركبة المعطلة من خلال مركبة خاصة أوصلتهم إلى كراج لتصليح المركبات يعرفونه في بلدة ترمسعيا والتي تقع في المنتصف بين محافظة رام الله ومحافظة نابلس، على إحدى الشوارع الرئيسية التي يسلكها المستوطنون حيث تكثر دوريات جيش الاحتلال.

ويقول صخر «ما إن وصلنا مفترق ترمسعيا حتى حاصرنا عناصر من وحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي في مركبة من نوع «جيمس» مسلحين بالعصي والهراوات، هرعوا إلينا مسرعين، ما دفعنا للهرب حيث تخفيت بين مجموعة من الأشجار، لأنجو من موت محقق على يد جنود الاحتلال، فيما انقض الجنود على صديقي عامر بالضرب المبرح وغير المبرر بالعصي والهراوات على كافة أنحاء جسده».

ويضيف صخر: «كانوا خمسة انهالوا على عامر بالضرب، بينما أمسكه جندي آخر من عنقه في محاولة لخنقه حتى فارق الحياة».

عقب ذلك اقتحمت قوات الاحتلال منزلا قريبا من شارع بلدة ترمسعيا الرئيسي، واستولت على كاميرات المراقبة المعلقة عليه، والتي كانت قريبة من حادثة استشهاد عامر، لمنع انتشار أي فيديو يوثق وحشية القتل بالضرب لفتى كان يصلح مركبة صديقه.

وعامر هو الابن الأكبر، ولديه شقيق واحد، وأربع شقيقات، وكان يعمل قبل استشهاده عاملا في ورش البناء، مع والده الذي يعمل في البناء.

وليس الفتى صنوبر الأول، ممن استشهدوا بالضرب على أيدي جنود الاحتلال، فقد سبقت وحشية جنود الاحتلال وأن طالت الشاب محمد الريماوي قبل حوالي العامين، وهو نائم في دفء فراشه في بيت ذويه، فقد فوجئ بجنود الاحتلال يفجرون باب غرفته ويقتحمون عليه فراشه وينهالون عليه بالضرب.

وقد وثقت شقيقته خالدة انذاك الجريمة، بالقول: “سمعت صراخه، فهرعت نحو غرفته التي لها مدخل منفصل عن باقي منزلنا، لأجد جنود الاحتلال يضربون رأسه بالحائط، ويسقط بعدها مغشيا عليه، بينما راح جسده ينتفض بسرعة، كأنما روحه تفارق جسده، وحوله يتجمع عدد كبير من الجنود”.

وما إن حضر والدا الشهيد إلى مسرح الجريمة التي امتدت لعشر دقائق من الضرب الوحشي، حتى وجدا أصغر أبنائهما محمد جثة هامدة، والجنود يحيطونه، وبدأت والدته تصرخ بالقتلة: “ماذا فعلتم به، لماذا لا يتحرك محمد”، ولدى محاولتها شق طريقها نحو ابنها، أشهر جنود الاحتلال السلاح في وجهها طالبين منها الابتعاد وإحضار بطاقة إثبات شخصية الشهيد.

وسبقهم أيضا استشهاد الأسير الفلسطيني، استشهاد الأسير وسام الشلالدة (28 عاماً) في عام 2018 نتيجة الضرب المبرح أثناء التحقيق معه، إضافة إلى استشهاد الأسير عزيز عويسات من القدس في تاريخ 19/5/ 2018 بعد أن تعرض لعملية تعذيب على يد قوات “النحشون” داخل معتقلات الاحتلال.

وطالبت طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس الإثنين، بإجراء تحقيق دولي في “جريمة إعدام” الشاب عامر صنوبر (18 عاما) على يد قوات إسرائيلية، داعية المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والحقوقية المختصة، بإدانة “الجريمة”، و”تشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على تفاصيلها ومحاسبة مرتكبيها”.

وطالبت الوزارة، محكمة الجنايات الدولية “بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني”.

وقالت إن ما حصل مع الشاب صنوبر يؤكد الحاجة الملحة لتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين، وهذه الجريمة لن تكون الأخيرة في ظل غياب إجراءات دولية تحاسب وتردع دولة الاحتلال عن الاستمرار بجرائمها”.

وفي وقت لاحق، ادعى جيش الاحتلال، أن الشاب الفلسطيني تعثر خلال مطاردته شمالي رام الله (وسط الضفة الغربية) وارتطمت رأسه بالأرض ما أدى إلى وفاته.

ربما يعجبك أيضا