«لواء فاطميون».. ذراع إيران في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي

يوسف بنده

رؤية

فبراير الماضي، أعلن مسؤولون أمريكيون وأفغان أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو سيسحبون قواتهم من أفغانستان خلال 14 شهراً، في حال إيفاء حركة طالبان بالتزاماتها بموجب اتفاق تم توقيعه في العاصمة القطرية الدوحة.

وحسب تقرير صحيفة عكاظ السعودية، فالانسحاب الأمريكي الكامل المرتقب من أفغانستان في الربع الأول من عام ٢٠٢١ يجب أن يكون محسوبا بدقة متناهية، مشروطا بضرورة اكتمال تنفيذ الاتفاق بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية أو على الأقل تنفيذ البنود التي تتعلق بالجوانب الأمنية؛ تحسبا من الدخول في انهيارات أمنية مفاجئة وحالة عدم الاستقرار الأمني، الأمر الذي يعني العودة مجددا للمربع الصفر، خصوصا أن الدول المجاورة لأفغانستان، وتحديدا إيران، التي تعتبر من الدول الفاعلة في أفغانستان، وتسعى لاستمرار تغلغلها الطائفي لممارسة نفوذها بعد انسحاب الولايات المتحدة، إذ تحرص طهران على تعزيز حضورها مع القوى الأخرى التي تشارك في أفغانستان، مثل الهند وروسيا والصين.

وتختلف معطيات عام ٢٠٢٠ عن عام ٢٠٠١ كون التعاون بين الولايات المتحدة وإيران في أفغانستان في مرحلة ما قبل وما بعد الإطاحة بطالبان في عام 2001، إذ كانت المصالح في تلك الفترة متقاربة في أفغانستان، خصوصا منع طالبان من الحكم.

ومن الجانب الأفغاني، تعكس زيارة رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الأفغانية عبدالله عبدالله إلى إيران، في 19 أكتوبر الجاري، توجسا لدى سلطات كابول من تداعيات السلام المحتمل مع حركة طالبان على الداخل الأفغاني الذي تؤثر الدول الإقليمية بقوة على سلوكياته. وتثير المواجهة المفتوحة بين طهران وواشنطن مخاوف كابول الساعية إلى تحييد أراضيها عن ذلك الصراع.

وقد نسجت إيران على مدى عقود علاقات متشابكة داخل أفغانستان جمعتها بحركة طالبان السنية وأقلية الهزارة الشيعية، ما يسمح لها بالتأثير المباشر على مجريات الأحداث في بلد يعاني من انعدام الاستقرار الأمني وضعف أجهزة الدولة المركزية التي يرجح مراقبون انهيارها عقب انسحاب القوات الأميركية من كابول دون ضمانات حقيقية.

وتتوجس الحكومة المركزية، التي انخرطت في مفاوضات مع متمردي طالبان برعاية أميركية، من اتفاق سلام يدفع بها إلى الهامش ويضع البلاد تحت حكم إسلامي تقاتل لأجله الحركة المتمردة منذ عقود.

ويخشى الأفغان من محاولة طهران استغلال تأثيرها على أفغانستان بطريقة غير مباشرة، لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة خاصة بعد مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة أمريكية جوية في العراق.

وحسب تقرير صحيفة العرب اللندنية، ستحاول إيران استخدام ‘لواء فاطميون’ الذي شكله سليماني من الشباب الأفغان ضد الولايات المتحدة، كما ستحاول استغلال علاقاتها الجيدة مع حركة طالبان.

لواء فاطميون

تأسس “لواء فاطميون”، المعروف أيضا باسم “حزب الله الأفغاني”، عام 2013 كجزء من فيلق القدس المسؤول عن العمليات الخارجية بالحرس الثوري الإيراني، ويتكون من ميليشيات معظمها من المهاجرين الأفغان المنتمين إلى أقلية الهزارة الشيعية.

ولعب “لواء فاطميون” دوراً فعّالاً في الحرب في سوريا، كما حارب في العراق وإلى جانب الحوثيين في اليمن، ولا يزال القسم الأكبر من عناصره في سوريا، إلا أن البعض منهم عادوا إلى أفغانستان بعد أن مالت كفة الحرب في سوريا لصالح نظام الأسد.

وكثيرا ما تعبر الإدارة الأفغانية عن انزعاجها من استغلال المواطنين الأفغان في الحرب داخل دولة أخرى وفقاً للأهداف الأيديولوجية لطهران، ويمكن لإيران استخدام لواء فاطميون في إطار إستراتيجية التمدد الشيعي التي تتبعها.

وفي يناير 2019، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية إدراج فيلقي فاطميون وزينبيون إلى قائمة العقوبات الأميركية.

ويتكون فيلق فاطميون من مهاجرين أفغان، وفيلق زينبيون من عناصر ميليشيات باكستانية لجأوا إلى إيران.

ويقوم الحرس الثوري الإيراني بتجنيدهم وزجّهم في مقدمة الاشتباكات الدائرة في سوريا إلى جانب قوات النظام السوري.

واستدعت طهران الكثير منهم للمشاركة في قمع احتجاجات نوفمبر الماضي، كما نقلت قسما آخر إلى داخل أفغانستان لتنفيذ أجندة الحرس الثوري هناك.

ذراع إيراني

ويشير تقرير صحيفة عكاظ، إلى أن إيران تمهد من زمن لاستخدام مليشيا فاطميون كذراع لها في أفغانستان. وتقول الصحيفة أن إيران حافظت على بناء علاقات وثيقة مع الطاجيك والهزارة في أفغانستان لكسب النفوذ القبلي وحماية مصالحها بعد الانسحاب الأمريكي وتعزيز بناء نفوذها في مجالي التعليم الطائفي ووسائل الإعلام المختلفة.

وظلت إيران تبني وتدعم المدارس والمساجد والمراكز الإعلامية الموالية لنظام ولاية الفقيه في شمال وغرب أفغانستان، إضافة إلى كابول، خصوصا أن المدارس الأفغانية تتلقى آلاف الكتب الطائفية.

وأكد المراقبون أن النفوذ الطائفي الإيراني في أفغانستان بعد رحيل القوات الأمريكية من أفغانستان سيتعاظم؛ مثلها مثل روسيا والصين، إلا أن نظام خامنئي المتغلغل أصلا في أفغانستان سيعمل على ملء الفراغ الذي يتسبب به تضاؤل النفوذ الأمريكي في أفغانستان، لتعزيز موطئ أقدامه من خلال تعضيد الدعم لمليشيات فاطميون في أفغانستان، و«زينبيون» في باكستان، التابعين للحرس الثوري الإيراني؛ بالسلاح والمال وتوفير التدريب المليشياتي، وتجنيد المزيد من اللاجئين من داخل إيران من الأفغان من أجل الانضمام إلى صفوف المليشيات الطائفية.

ربما يعجبك أيضا