الانتخابات الأمريكية 2020.. أي الخيارات تتخذها الصين؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

في ظل التوتر الذي يشوب العلاقات الصينية-الأمريكية، وتعدد أسباب هذا التوتر بدءاً من الحرب التجارية إلى فرض البلدين عقوبات على بعض مسؤوليهما بسبب الخلاف حول الاحتجاجات في هونج كونج، وقضية الإيغور في مقاطعة تشينجيانج؛ تأتي الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع عقدها في نوفمبر المقبل، لتصبح مجالًا جديدًا للتوتر بين البلدين.

تلتزم بكين الصمت والحرص والتحفظ الشديد تجاه تأييد أي من المرشحين. لكن هذا لا ينفي اهتمامها بالانتخابات الأمريكية ونتائجها، والتي ستُحدد مسار العلاقات الثنائية بين البلدين خلال السنوات الأربع المقبلة. حيث يدور في بكين نقاش وانقسام حاد بشأن المرشح الذي يمثل التهديد الأكبر للصين في المرحلة الدقيقة المقبلة.

ويوجد فريقان؛ يؤيد الفريق الأول صعود بايدن، في حين أن الفريق الثاني يؤيد إعادة انتخاب ترامب. وفيما يلي نستعرض أهم دوافع كلا الفريقين لدعم أي من المرشحين في الانتخابات الأمريكية المقبلة.

مؤيدو بايدن

قام الرئيس الصيني تشي جين بينغ عام 2013 بوصف جو بايدن بأنه صديق قديم. فقد كان بايدن من أوائل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الذين زاروا الصين في أبريل 1979، حيث التقى بالزعيم الصيني دنغ شياو بينغ بعد ثلاثة أشهر فقط من إقامة العلاقات الرسمية بين بكين وواشنطن.

وقد اعتاد بايدن على التباهي بعلاقته الوطيدة بالرئيس الصيني الحالي، حيث قال بايدن أمام اجتماع لمجلس العلاقات الخارجية في عام 2018: لقد قضيت وقتًا أطول في الاجتماعات الخاصة مع تشي جين بينغ أكثر من أي زعيم آخر. 

وعلى الرغم من أن بايدن يعد من أهم الساسة الأمريكيين المؤيدين لسياسة المشاركة الاستراتيجية مع الصين، والتي تم اتّباعها منذ إقامة العلاقات بين البلدين؛ إلا أنّه من غير المرجّح أن يتّبع السياسة نفسها مع بكين حال فوزه في الانتخابات المقبلة. ففي مناظرة أولية للحزب الديمقراطي، شجب بايدن ممارسات الصين في تشينجيانج، واعتبر الرئيس الصيني سفاحًا لاحتجازه مليون مسلم من عرقية الإيغور في معسكرات اعتقال.

فضلًا عن أن بايدن بدأ يستخدم خطابًا متشددًا في حملته الانتخابية تجاه الصين بعدما روج المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان في مارس الماضي أنه من المحتمل أن فيروس كورونا لم ينشأ في ووهان، بل إن الجيش الأمريكي هو من قام بنشره هناك.

وفي هذا السياق، لا يقوم مؤيدو وصول بايدن لسدة الرئاسة برسم سيناريو متفائل حول العلاقات الصينية-الأمريكية، ولكنهم -على أقل تقدير- يرون أن فوزه سيؤدي إلى استبدال خطاب ترامب الهجومي بخطاب يتسم بمزيد من التوازن والرغبة في العمل مع بكين بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. حسبما أوردت إيمان فخري في تقرير لها على منصة مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة.

ترامب ودعم صعود الصين

رغم أن العلاقات الصينية-الأمريكية شهدت تدهورًا حادًّا في عهد ترامب، وأنه قد يكون من البديهي ألا تدعم أو ترغب الصين في تولي ترامب لولاية رئاسية أخرى بالولايات المتحدة الأمريكية؛ إلا أن الواقع يشهد عكس ذلك، ويبدو أن معظم صنّاع السياسة الخارجية الصينية ينتمون إلى هذا الفريق، ويؤيدون استمرار ترامب في حكم الولايات المتحدة.

حيث يؤكد وانج يوي، مدير معهد الشؤون الدولية بجامعة رينمين الصينية، أن العديد من المواطنين الصينين يرغبون في فوز ترامب، وذلك لأنهم يعتقدون أن ترامب دمر النظام الأمريكي وتحالفاته، مما يعني أنه إذا استمر ترامب في انتهاج الأسلوب نفسه، فقد تكون هناك فرصة كبيرة للصين لتعزيز مكانتها الدولية.

ومما يدعم ذلك أن قطاعًا كبيرًا من مستخدمي الإنترنت في الصين يعبرون عن أن وجود ترامب في سدة السلطة وتعثره في إدارة الولايات المتحدة هو بمثابة نعمة ومصلحة كبيرة للدولة الصينية، وذلك لأن إدارة ترامب تتميز باتخاذها إجراءات أحادية الجانب ضد الصين، وهو ما يُتيح الفرصة للأخيرة للتأكيد على أن ترامب يتنمر ضدها ومنزعج بشأن حقها المشروع في النمو. ولكن بايدن قد صرح بأنه سيشكّل تحالفًا دوليًّا للضغط على الصين، وهو ما سيضع الصين في موقف صعب للغاية، ويهدد شرعية الحزب الشيوعي، مما سيعني إمكانية تقويض استقرار النظام الصيني. وهذا سببٌ كافٍ لجعل الصين لا تحبذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض.

ومما يؤكد غلبة الفريق المؤيد لإعادة انتخاب ترامب داخل دوائر السياسة الخارجية الصينية، هو قيام هو شيجين الصحفي الصيني البارز ومحرر صحيفة جلوبال تايمز الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، بالتغريد عبر موقع توتير في 24 يونيو الماضي لحث الشعب الأمريكي على إعادة انتخاب ترامب، وذلك لأن فريقه يضم العديد من الأعضاء المجانين مثل وزير الخارجية مايك بومبيو. وأشار إلى أن إدارة ترامب تساعد الصين في تعزيز التضامن والتماسك الداخلي بشكل مميز، وهو ما يُعد أمرًا حاسمًا لدعم صعود الصين، وأنهى تغريدته بتقديم الشكر لإدارة ترامب بصفته عضوًا في الحزب الشيوعي الصيني.

ربما يعجبك أيضا