هل تتسبب الحرب بين الإسلاموفوبيا والإرهاب في تدمير القارة العجوز ؟

سحر رمزي

رؤية  – سحر رمزي

أمستردام – في الوقت الذي تعلن فيه العديد من دول أوروبا عن فشلها في مواجهة أزمة كورونا، وما تخلفه من أزمات سياسية واقتصادية وصحية واجتماعية، تأتي الحرب بين دعاة التطرف  والإرهاب من المتأسلمين، وبين دعاة اليميني المتطرف  الكاره للإسلام والأجانب، لإشعال الغضب في قلب سكان القارة العجوز، وبالتالي الدخول في أزمة أمنية وتهديدات على إثر أحداث إرهابية شهدتها القارة العجوز مؤخرا .

وللمصدقية الأزمة الحالية سببها ليس فقط بعض  تصريحات من الطرفين، لأن الجميع يتفهم اجندة كل منهما سواء اليمني المتطرف الذي يحارب من أجل التواجد و تشويه الاسلام سلاحه في الانتخابات لكسب أصوات الناخبين في بعض دول  أوروبا من جهة، ومن جهة أخري المتأسلمين و سلاحهم أيضا الإرهاب ومخططهم نشر الفوضى والدمار والخراب لتهديد دول العالم وليس القارة العجوز فقط، بل العالم كله .

وقد أعلنت الدول العربية والإسلامية والرموز الدينية  إدانتها لكل الأحداث الإرهابية سواء ما حدث بالنمسا أو أحداث فرنسا، بل وأى حادث إرهابي، ولكن مع توضيح أنه يجب التفرقة بين الإسلاميين المتشددين وبين المسلم والإسلام الوسطي المعتدل، ورفض المجتمع الإسلامي تسمية رئيس فرنسا بالإسلام الإرهابي

فرنسا

تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثارت جدل وغضب الجالية الإسلامية، لأنه بدلا من أن يدين الإرهاب والإرهابيين والمتطرفين وصف الإسلام بالإرهاب وحسب ما نشرته الصحف العالمية، ومنها إيطاليا نيوز، حيث  قال الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في تصريحات نقلتها وكالة الانباء عن”رويترز”: “قتل مواطن اليوم، لأنه كان معلما ولأنه كان يُدرس التلاميذ حرية التعبير”. وأكمل الرئيس الفرنسي قائلا “هذا الهجوم ضمن إرهاب الإسلاميين”، واستدرك «ماكرون» “البلاد بأكملها تقف مع المعلمين، وهؤلاء الإرهابيون لن يقسموا فرنسا… الظلامية لن تنتصر”. وقال الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، إن بلاده لن تتخلى عن “الرسوم الكاريكاتورية” (المسيئة للإسلام والنبي محمد)، ما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.

هل دافع العدوان على مسلمتين بفرنسا الإسلاموفوبيا؟

وقعت حادثة اعتداء من شخصين وكلبهما على سيدتين  من أصل جزائري ترتدين الحجاب،  الإعلام الفرنسي أكد أن السيدتان كنزة وأمل لم يذكر شيء عن الحجاب. لذلك لم يؤكد أو ينفيا أن الدافع وراء الهجوم هو كراهية الإسلام. ومع ذلك، تحدثا عن إساءة عنصرية. وبحسب تصريحات المصدر ذاته الإيطالية نيوز، فقد عوملت المرأتان على أنهما “عربيات قذرات”. على ما يبدو، تجرأ المعتدون على مطالبتهم بالرحيل إلى بلدهما، مع القول: ؛ “عدا إلى بلدكما” أى الجزائر.

لكن هذا ليس كل شيء، أخذ أحد المهاجمين حريته في نزع وشاح إحدى المرأتين. ومع ذلك، وعلى الرغم من الشهادات العديدة؛ تنفي الشرطة وجود دوافع معادية للإسلام. وهي تعتقد أن الوقت ما زال مبكرا استخلاص أي استنتاجات أو تعليق على موضوع الإنترنت المثير للجدل. ووفقًا لمصدر آخر على الموقع الناطق بالفرنسية، فإن الشجار نشب بسبب كلب كان غير مقيد. بالتفصيل، تجاهل المعتدون خيار وضع الكلب في مقيدا. وهكذا تصاعد التوتر بسرعة.

وبحسب أحد أفراد عائلة الضحيتين، تم “استخدام الشتائم”، مما يؤكد العنصرية في القضية. علاوة على ذلك، وبحسب وسائل الإعلام الفرنسية؛ تلقت المرأة الصغرى عدة ضربات وخضعت لعملية جراحية على يدها. مثل هذا الضرب جعل أمل في إجازة مرضية لمدة شهرين. أما كنزة البالغ عمرها 49 سنة، أصيب بستة طعنات وعانت من ثقب في الرئة. لحسن الحظ، حالتها ليست حرجة في الوقت الحالي. لكن إذا لم يودي الاعتداء العنيف بحياة هؤلاء الضحيتين، فإنه تسبب لهما بالتأكيد في حالة صدمة.

وفي المقابل وفي نفس  اليوم قال الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في تصريحات نقلتها وكالة “رويترز”: “قتل مواطن اليوم، لأنه كان معلما ولأنه كان يُدرس التلاميذ حرية التعبير”. وأكمل الرئيس الفرنسي قائلا “هذا الهجوم ضمن إرهاب الإسلاميين”، أين العدل.

واستدرك «ماكرون» “البلاد بأكملها تقف مع المعلمين، وهؤلاء الإرهابيون لن يقسموا فرنسا… الظلامية لن تنتصر”.

بلجيكا

أوقفت إدارة مدرسة بلدية في منطقة مولينبيك سان-جان بالعاصمة البلجيكية بروكسل مدرسا عن العمل، بعد أن عرض على تلاميذه رسوما مسيئة للنبي محمد.ونقلت صحيفة أه دي الهولندية عن صحف بلجيكية  ، أن أسر التلاميذ ذكروا، استنادا إلى ما قاله أطفالهم بعد الدروس، أن المدرس قدم لهم حاسوبا لوحيا أظهر عبره الصور واقترح على هؤلاء الذين لم يريدوا رؤيتها النظر في الأرض أو أي طرف آخر. وأوضحت الصحيفة أن المدرس كان يعطي دروس المواطنة في صف يبلغ فيه متوسط عمر الأطفال 11 عاما.

وقال مسؤول بلدي محلي بلجيكي معني بشؤون التعليم: “المدرس خرج عن نطاق برنامج المدارس الخاص بحرية التعبير ولم يمهد الأطفال لمتابعة مثل هذه الرسوم الكاريكاتورية وكان عليه ألا يعرض صورا لشخصيات عارية”.وأفاد المسؤول بأنه تم إيقاف المدرس عن العمل مع فتح “عملية تأديبية” بحقه على خلفية الحادث، وقالت الصحيفة العقاب جاء لأنه قدم صور عارية للأطفال وهو ممنوع، ولكن ليس لأنه عرض صور مسيئة للنبي محمد لأنها تخص حرية التعبير ولا يحاكم على ذلك.

هولندا

أدانت  هولندا الحوادث الإرهابية التي تشهدها المنطقة وأعلنت دعمها لدول أوروبا في حربها ضد الإرهاب، وبشدة أدان مارك روتا حادث النمسا الإرهابي ووصفه بـ المروع، ورفض كل أنواع العنف والتطرف، وأكد على إدانته للإرهاب بكافة أنواعه.

ومن جانبه نشر خيرت فيلدرز صور مسيئة للرسول الكريم وكتب عليها أنها خاصة بحرية التعبير، مما زاد من غضب الجالية المسلمة.

 الجالية الإسلامية ترد

الجالية المسلمة بهولندا رفضت تصريحاته وكل ما يحاول به تشويه الإسلام، وانتهاز الفرص للاساءة للإسلام ورسول المسلمين صلى الله عليه وسلم، ولذلك قامت بحملة كبيرة،  تحشد من خلالها لتجمع توقيعات للمطالبة بمعاقبة من نشر رسوم مسيئة للرسول  قانونا، باعتبار ذلك يؤجج مشاعر الكراهية بين المسلمين وغير المسلمين بهولندا، ويذكر أن الجالية المسلمة في هولندا تعيش حالة من القلق والغضب على أثر أفعال العنصري المتطرف خيرت فيلدرز وتؤكد أن حديثه يستهدف المسلمين، ويؤثر على مستقبل شباب المسلمين في هولندا.

النمسا

ذكرت صحيفة “كرونين تسايتونغ”، إحدى الصحف النمساوية البارزة، الخبر لأول مرة وأعلنت أنه كان هجومًا إرهابيًا. على الرغم من أن شرطة فيينا لم تؤكد رسميًا بعد طبيعة الاعتداء، إلا أنها تأمر المواطنين بالابتعاد عن وسط المدينة ووسائل النقل العام. وقال «أوسكار دويتش»، زعيم الجالية اليهودية في فيينا ، إن إطلاق النار وقع خارج الكنيس الرئيسي بالمدينة، لكن لم يتضح ما إذا كان مكان العبادة قد استُهدف. الكنيس كان مغلقا بالفعل عندما بدأ العنف.

في غضون ذلك، انتشرت لقطات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لرجل يحمل بندقية هجومية وهو يجري في الشوارع بينما يطلق النار من سلاحه الناري، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان المسلح الذي تبحث عنه الشرطة. قال الصحفي النمساوي «توماس مايار» ، نقلاً عن وزارة الداخلية  

أسفر الهجوم الإرهابي الذي وقع الليلة الماضية في وسط فيينا عن مقتل أربعة مدنيين، رجلين وامرأتين. كما قُتل أحد المهاجمين، والذي تبين أنه متطرف إسلامي، برصاص الشرطة. تعتقد السلطات أن عدة منفذين متورطين في الهجوم. وتم اعتقال أحد المشتبه بهم.

تم إطلاق النار في ستة مواقع، بما في ذلك بالقرب من كنيس يهودي كان مغلقاً في ذلك الوقت. في المجموع، أصيب سبعة عشر شخصًا، سبعة منهم حالتهم حرجة وفقاً للصحافة النمساوية. أعلن وزير الداخلية نيهامر، صباح اليوم، أن الهجوم نفذه منفذ واحد على الأقل، وهو إرهابي إسلامي مدجج بالسلاح كان من أنصار تنظيم داعش الإرهابي. المهاجم هو نمساوي ويبلغ من العمر 20 عاماً من أصل ألباني. وذكرت الأسبوعية النمساوية فالتر أن الشرطة تمكنت في السابق من منع هذا الرجل من السفر إلى سوريا.

وذكرت شرطة فيينا بعد وقت قصير من المؤتمر الصحفي لنيهامر أن الحزام المتفجر الذي كان يرتديه المهاجم كان مزيفاً.

العنصرية في النمسا

الجدير بالذكر أن الإعلام  الغربي، أكد على أن النمسا في السنوات الاخيرة، تشهد تحولا سياسيا خطيرا  يدفع ثمنه المهاجرون، وذلك بعد نجاح حزب عدو المهاجرين “سيباستيان كورتز”، الذي يعد أصغر مستشارا في تاريخ النمسا والاتحاد الأوروبي، و منذ تولي حكومة اليمين المتطرف مقاليد الحكم ، تشهد البلاد  سياسات معادية للمسلمين واللاجئين.وتتبع الحكومة النمساوية إجراءات من شأنها هز أسس العيش المشترك في البلاد، من خلال اتهامها المسلمين والمهاجرين بالوقوف وراء كافة المشاكل التي تعانيها، وإصدارها قرارات من شأنها إقصائهم وتهميشهم.ويروج الاتجاه اليميني المتطرف لادعاءات عدة حول المسلمين واللاجئين، مفادها بأنهم مجموعات تتمتع بـ “الميل لارتكاب الجرائم بشكل كبير”، و”استغلال النظام الاجتماعي للبلاد بشكل سيئ.

ألمانيا

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وبين المستخدمين الناطقين باللغة العربية تحديدا، مقطع فيديو للمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، تتحدث فيه عن حرية التعبير عن الرأي، مقارنين بين موقفها وموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

مقطع الفيديو الذي انتشر على صفحات عديدة على منصتي “فيسبوك” و”تويتر” وحظي بإعجاب ومشاركة الآلاف، تم توصيفه تحت عنوان “الفرق بين القائد والسياسي المأزوم”، في إشارة إلى موقف ميركل مقارنة بتصريحات ماكرون التي أغضبت مئات الملايين من المسلمين الذين اعتبروها تأييدا للإساءة للنبي (محمد).

وقالت ميركل، في وصفها للتمييز بين “الخطاب المتطرف” وحرية التعبير، إن حرية التعبير يجب أن “تكون لها حدود”، مضيفة أنه من دون معارضة الخطاب المتطرف، “لن يكون مجتمعنا هو المجتمع الحر كما كان”.

وتابعت في كلمتها: “لدينا حرية التعبير في بلادنا. بالنسبة إلى كل من يزعم أنه لم يعد بإمكانه التعبير عن آرائه، أقول لهم: إذا عبرت عن رأي واضح، يجب أن تكون قادرا على التعايش مع حقيقة أنك سوف تعارض. إبداء الرأي لا يأتي دون تكلفة. لكن حرية التعبير لها حدودها”.

ربما يعجبك أيضا