بعد إعلان الحرب.. معارك ضارية بين الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير تيجراي

محمود سعيد
آبي أحمد- رئيس وزراء إثيوبيا

رؤية – محمود سعيد

أعلن الجيش الإثيوبي، أنه في حرب مع جبهة تحرير شعب التيجراي، وتدور اشتباكات ضارية في إقليم “تيجراي” الذي يطالب بالاستقلال، حيث تهدف القوات الحكومية للسيطرة على الإقليم الواقع شمال البلاد بعد مطالبته بالانفصال وتصاعد العمليات العسكرية التي استهدفت القوات الاتحادية الإثيوبية، وكذلك بعد مطالب ساسة الجبهة الانفصالية أن يستقيل رئيس الوزراء الآثيوبي مؤكدة أنه غير شرعي.

وقال الجنرال برهانو جولا، نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإثيوبي، عبر التليفزيون الحكومى: “بلادنا دخلت حربا غير متوقعة… الحرب لن تأتي إلى الوسط (حيث العاصمة أديس أبابا) بل ستنتهي هناك (في تيجراي بالشمال)”.

فيما رد دبرصيون جبراميكائيل، رئيس إقليم تيجراي، إن قواته أحبطت خطة للقوات الاتحادية لاستخدام المدفعية والأسلحة المخزنة هناك لمهاجمة الإقليم، وأضاف، عبر تليفزيون تيجراي: “سنستخدم المدفعية للدفاع عن تيجراي. سنستخدمها لصد أي هجوم من أي اتجاه”.

والحرب الأهلية في إثيوبيا إن امتدت وتوسعت، ستزعزع استقرار القرن الأفريقي، وكافة أقاليم إثيوبيا، فإثيوبيا أصلا على صفيح ساخن، وتعاني من مشكلات كبيرة سياسيا واقتصاديا، وإذا لم يستطع الجيش الإثيوبي حسم المعركة سريعا، فإن النزعة الانفصالية ستدلع لا محالة في أقاليم أخرى.

خلافات متصاعدة بسبب التهميش

و”جبهة تحرير شعب تيجراي”، أكبر حركة سياسية في الولاية، وتنظر لها الحكومة الإثيوبية على أنها فاسدة، غير قادرة على قبول خسارتها للسلطة في 2018 على خلفية موجة الاحتجاجات الضخمة.

إقليم تيجراي كذلك هيمن على السياسة الإثيوبية منذ إطاحة الشعب الإثيوبي بالديكتاتور الماركسي هايلي ماريام عام 1991، لكن وصول آبي أحمد للسلطة وهو من قومية الأورومو أدى لاشتعال الغضب بين مكونات إقليم التجراي، حيث انسحبت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي من الائتلاف الحاكم (الائتلاف مكون من أحزاب “أمهرا الديمقراطي”، “الحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا” وحزب “الأورومو الديمقراطي”.) في أديس أبابا العام الماضي، بل وقامت بإجراء انتخابات إقليمية في سبتمبر الماضي، وصفتها الحكومة بأنها غير قانونية.

آبي أحمد علي وحكومته اعتقلوا عدد كبير من كبار المسؤولين التيجراي كما أقالوا وهمشوا المئات أُقيلوا بحجة الحملة على الفساد، وهو ما عتبره سكان الإقليم حملة ممنهجة لتهميشهم وقمعهم.

ولا يشكل سكان تيجراي سوى خمسة بالمئة من عدد سكان إثيوبيا البالغ 109 ملايين نسمة، لكن الإقليم أشد ثراء، وتأثيرا من أقاليم أخرى كثيرة أكبر في البلاد.

إما الاستقالة وإما القتال

فيما ذكر تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، تشترط استقالة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد قبل بدء محادثات سلام مع الحكومة الفيدرالية، وأكد التقرير، أن المواجهة بين شعب تيجراي والعرقيات الأخرى، قد تؤدي إلى تمزيق الدولة الإثيوبية، خاصة بعد سماح الأحكام الفيدرالية بالتدخل العسكري في الإقليم.

وبينما قرر آبي أحمد تأجيل الانتخابات العامة في البلاد بحجة أزمة فيروس كورونا “كوفيد-19″، عقد إقليم تيجراي انتخابات وانتخب حاكما إقليميا، ما أحدث شرخا في النظام الإثيوبي، ويقول مسئولون: إن تيجراي ينظرون الآن إلى آبي أحمد كزعيم غير شرعي، نظرا لانتهاء ولايته التي تم تمديدها بسبب جائحة كورونا، وسبق أن أعلن المجلس الفيدرالي الإثيوبي قطع العلاقات بين أديس أبابا والحكومة المحلية لإقليم تيجراي، فضلا عن وقف التمويل. مؤكدا عدم اعترافه بنتيجة الانتخابات.

إطلاق عملية عسكرية

وأعلنت حكومة إثيوبيا، عن إطلاق عملية عسكرية في إقليم تيجراي المعارض الواقع عند حدود إريتريا والسودان، وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، أنه قرر فرض حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر، واتهم البيان الجبهة المعارضة بـ”اتخاذ خطوات تشكل خطرا على الدستور والنظام الدستوري وسلامة وأمن المجتمع، وتهدد خاصة سيادة البلاد”، مشيرا إلى أن الوضع “بلغ مستوى لا يمكن السيطرة عليه، إلا من خلال الآلية المنظمة لإنفاذ القانون”.

وفي بيان آخر، أمر مكتب رئيس الحكومة قوات الجيش باتخاذ إجراءات هجومية ضد “جبهة تحرير شعب تيغراي”، متهما إياها بمهاجمة مقر القيادة الشمالية لقوات الدفاع المتمركزة في مدينة ميكيلي، بهدف الإستيلاء على المدفعية والمعدات العسكرية المتواجدة هناك.

كما حمل البيان “جبهة التحرير” المسؤولية عن تسليح وتنظيم ميليشيات غير نظامية خارج الهيكل الدستوري، وتصنيع ملابس عسكرية تشبه تلك التي تستخدمها القوات الإريترية بهدف إلقاء اللوم على حكومة هذه البلاد، في الادعاءات المفبركة على سكان الإقليم.

وشدد البيان على أن “جبهة التحرير” بهجومها الأخير “تجاوزت الخط الأحمر”، ما أجبر الحكومة إلى الدخول في مواجهة عسكرية، وتابع: “لقد استخدمت الحكومة كل الوسائل لتفادي الاشتباك العسكري مع “جبهة تحرير تيغراي” ، إلا أنه لا يمكن تجنب الحرب بحسن نية وقرار من جانب واحد”، وأشار البيان إلى أن قوات الجيش تلقت أوامر بـ”تنفيذ مهمتها لإنقاذ البلاد والمنطقة من عدم الاستقرار”، فيما دعا أبي أحمد المواطنين إلى “التزام الهدوء واليقظة في المواجهة المحتملة والوقوف إلى جانب قوات الدفاع الوطني في هذه القضية الحاسمة”.

الموقف الدولي

بدوره، أعرب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن “القلق العميق بشأن الاشتباكات المسلحة المبلغ عنها في منطقة تجراي شمالي إثيوبيا”، داعيا لتهدئة التوتر وضمان حل سلمي للنزاع في إثيوبيا، جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، مع الصحفيين بمقر المنظمة الدولية في نيويورك، وقال دوجاريك إن الأمين العام يدعو إلى اتخاذ تدابير فورية لتهدئة التوترات وضمان حل سلمي للنزاع.

فيما حثت السفارة الأمريكية في إثيوبيا الجانبين على خفض التصعيد، بدورها أعلنت السلطات السودانية، إغلاق مناطق حدودية شرقي البلاد مع إثيوبيا حتى إشعار آخر، بسبب التوترات الأمنية التي يشهدها إقليم تجراي شمالي البلد الأخير.

ربما يعجبك أيضا