التطرف العنيف في أوروبا.. تهديدات الجماعات الجهادية ما زالت قائمة

جاسم محمد
الشرطة الفرنسية

رؤية – جاسم محمد

حذرت أجهزة الاستخبارات الأوروبية من أن تهديد الهجمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي لا يزال مرتفعا جدا كما ظهر في الهجمات التي وقعت في 2017  وأن الجماعات الإسلاموية، «الجهادية» المتطرفة لا تزال تشكل تهديدا كبيراً، وتسعى إلى تنفيذ عمليات هجمات إرهابية في  أوروبا.

حذرت أجهزة الاستخبارات الأوروبية من استغلال الدين كأداة ومحفز لاستقطاب الشباب وتجنيدهم، كما يتم استخدامه كوسيلة سياسية لفرض تفسير معين للإسلام على الآخرين، وشددت على الحاجة الملحة لمواجهة الفكر المتطرف باعتباره الأساس الذي تبرز به هذه الجماعات أعمالهم، يمثل المتطرفون العائدون من مناطق القتال في سوريا والعراق، تهديدا أمنيا للدول الأوروبية لتظل تلك القضية هي الأولى على قائمة أجهزة الأمن الأوروبية.

بعد خسارة تنظيم داعش معاقله في سوريا والعراق خلال عام 2017 وعام 2018، بات التنظيم يراهن على تنفيذ عمليات إرهابية خاصة في دول أوروبا. التحقيقات كشفت أنن التنظيم طلب من أنصاره عدم الالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق، من أجل بقائهم في دول أوروبا والغرب لتنفيذ عمليات إرهابية.

بات المتطرفون الذين يتطرفون بأنفسهم على شبكة الإنترنت من خلال الدعاية والمحتوى المتطرف، خطراً أكبر على دول التكتل الأوروبي. بالرغم من الجهود التي بذلتها دول الاتحاد الأوروبي في مكافحة محاربة التطرف على الإنترنت. وكانت المفوضية قد تقدمت باقتراح يقضي بضرورة حذف أي محتوى إرهابي أو محرض على العنف خلال ساعة واحدة بعد ظهوره على شبكة الإنترنت.

التصدي للإرهاب محليا

مع تزايد الهجمات الإرهابية في الغرب، تحاول دول أوروبا، مجتمعة أو بشكل مفرد باتخاذ خطوات جادة للتصدي لهذه الهجمات، ومواجهة التطرف. تشكل الجماعات الإسلاموية “الجهادية” خطرا على أمن ومجتمعات أوروبا، فقد أصبحت هذه الجماعات تستخدم أساليب جديدة وتقنيات معاصرة في نشر أفكارها.

التهديد بوقوع هجمات في عام 2020 لا يزال قائما، و ذلك بحسب تقرير جديد لشركة “غلوبال ريسك إنتل” الاستخباراتية حسب ما نشره موقع “الحرة واشنطن ” في 25 فبراير 2020. وقال التقرير إنه من غير المرجح أن يضمحل الإرهاب بشكل تام في المستقبل القريب، حيث لا تزال الظروف، التي تجعل مناطق معينة مواتية للإرهاب، قائمة ومهددة للاستقرار.

وقد جدد المجلس الأوروبي في تقرير نشره موقع المجلس في 13 يناير 2020، ما يسمى بقائمة الاتحاد الأوروبي للجماعات الإرهابية، التي تحدد الأشخاص والجماعات والكيانات الخاضعة لتدابير تقييدية بهدف مكافحة الإرهاب.

فمن أجل الحد من مخاطر الإرهاب الإسلاموي “الجهادي” في أوروبا، فإن الحكومات الأوروبية ملزمة بشكل كبير وسريع بتعزيز القواعد و القوانين الصارمة من أجل منع انتشار وتوسع الأشكال الجديدة للإرهاب. كما أن الحكومات الأوروبية ملزمة بتعزيز وتكثيف عمليات المراقبة والتفتيش على الحدود الخارجية بشكل خاص.

وسائل لتجنيد واستقطاب الشباب

كشفت إحدى الدراسات الألمانية، أن المسلمين الشباب الذين ينضمون إلى المجموعات الإسلامية المتطرفة المستعدة لممارسة العنف لا يفهمون في الدين الإسلامي، واعتمد الباحثون من جامعتي أوسنابروك وبيلفيلد، وكلتاهما في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، على البيانات المستمدة من التطبيقات التي يستخدمها المسلمون الشباب في ألمانيا في اتصالاتهم مع المجاميع الإسلامية المتطرفة، وظهر من تحليل هذه البيانات أن المنجذبين للدعاية المتطرفة ليسوا من مرتادي المساجد المنتظمين ولا من العارفين في شؤون الدين الإسلامي، بل إن فرائض الدين الإسلامي غير معروفة بالنسبة للكثير من هؤلاء الشباب.

وتشير دراسات ميدانية قام بها باحثون في السوسيولوجيا بجامعة أمستردام الهولندية في يناير 2015 إلى أن الجماعات الإسلاموية المتطرفة في هولندا تقوم بحسابات دقيقة في تحديد طبيعة تحركاتها واستغلال كافة الوسائل لتجنيد واستقطاب الشباب، وأن تلك المنظمات المتطرفة لم تفتح المجال أمام الجاليات المسلمة للتعرف على حقيقة الشريعة الإسلامية المنفتحة، ولكنها احتكرت الحديث باسم الدين لتصور الإسلام كما تريده وتقدمه للشباب المغترب، فيعتقد أن أصوله الدينية هي تلك الصور التي يستهلكها وفي حقيقة الأمر، فإن المسألة مختلفة تماما.

وذكر ميشائيل كيفر، من معهد الدراسات الإسلامية في جامعة أوسنابروك، أن هؤلاء الشباب يكوّنون “إسلاماً خاصاً” بهم يستمدون تعاليمه من الإنترنت، وأن تصورهم عن الإسلام لا يجمعه جامع مع الإسلام الحقيقي.

وترى ”شروتر “الخبيرة الألمانية أن الدين أصبح “يشكل معيارا للهوية عند الشباب في وقتنا الحاضر ودفع بالهوية العرقية إلى التراجع أمامه”، وأضافت شروتر أن الشروط والقوانين الدينية أصبحت أكثر تشددا، ولذلك ينشغل الكثير من الشباب المسلم في ألمانيا بالتفكير يوميا قبل أداء عمل ما والتساؤل عما إذا كان عمل هذا الشيء حلال أم حرام.

الخلاصة

إن عدم وجود أي تركيب أو هيكلية تنظيمية أو اتصالات أو قيادة معروفة، بسبب التشظي وثقافة الإرهاب التي اكتسبتها بواسطة الإنترنت وسائل التواصل الاجتماعي والدعاية “الجهادية” وهو بات الأخطر، وتحول إلى تحد كبير أمام الاستخبارات، والتي اعترفت أن مثل هذه الأعمال لا يمكن إيقافها أبدا

إن استراتيجية تنظيم داعش الآن تقوم على التحول من مسك الأرض إلى منظمة سرية تنفذ عمليات انتحارية إرهابية في عواصم دولية وعربية بالاعتماد على الخلايا النائمة. فما عاد تنظيم داعش يحتاج إلى إرسال عناصره إلى أوروبا والغرب بقدر ما هو يراهن على أنصاره ومؤيديه في الداخل، وهنا يكمن التحدي لأجهزة الاستخبارات.

ربما يعجبك أيضا