محاربة التطرف في أوروبا.. تعزيز التعاون الأمني وسد الثغرات

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

تطلق أجهزة الاستخبارات الأوروبية تحذيرياتها من أن تهديد الهجمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي لا تزال مرتفعة، كما ظهر في الهجمات التي وقعت في  2015  أن الجماعات الإسلاموية “الجهادية” المتطرفة لا تزال تشكل تهديدًا كبيراً، وتسعى إلى تنفيذ عمليات هجمات إرهابية في أوروبا.

تبادلت ميركل مع ماكرون وقادة أوروبيين آخرين في قمة عبر الفيديو يوم 10 نوفمبر 2020 أفكار إجراءات جديدة لمحاربة الإرهاب.

وأكدت المستشارة الألمانية ضرورة اتحاد المجتمعات الأوروبية ككل لمواجهة “الإرهاب الإسلاموي”.دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى شن حرب دولية حازمة ضد “الإرهاب الإسلاموي”، غير أنها أشارت إلى أن الأمر “لا يتعلق بصراع بين الإسلام  والمسيحية”.

وجاءت تصريحات ميركل في أعقاب حضورها قمة مصغرة عبر الفيديو مع عدة مسؤولين أوروبيين.القمة  شارك فيها المستشار النمساوي سيباستيان كورتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روتي ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين من بروكسل.  وخصص القمة للنظر في تحسين التعاون لمكافحة الإرهاب.

وكشفت الحكومات الأوروبية  استغلال الدين كأداة لاستقطاب الشباب وتجنيدهم ، واستخدامه كوسيلة سياسية لفرض تفسير تفسير النصوص الدينية بما يخدم مصالحها، وشددت على الحاجة الملحة لمواجهة الفكر المتطرف باعتباره الأساس الذي تبرز به هذه الجماعات أعمالهم ،يمثل المتطرفون العائدون من مناطق القتال في سوريا والعراق ، تهديدا أمنيا للدول الأوروبية  .

تراهن لجماعات المتطرفة الإسلاموية على تنفيذ عمليات إرهابية خاصة في دول أوروبا، بعد خسارة تنظيم داعش معاقله في سوريا والعراق خلال عام 2017 و عام 2018.التحقيقات كشفت بان التنظيم طلب من أنصاره عدم الالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق، من اجل بقائهم في دول أوروبا والغرب لتنفيذ عمليات إرهابية.

بات المتطرفون الذين يتطرفون بأنفسهم على شبكة الإنترنت من خلال الدعاية والمحتوى المتطرف، خطراً أكبر على دول التكتل الأوروبي. بالرغم من الجهود التي بذلتها دول الاتحاد الأوروبي في مكافحة محاربة التطرف على الإنترنت. وكانت المفوضية قد تقدمت باقتراح يقضي بضرورة حذف أي محتوى إرهابي أو محرض على العنف خلال ساعة واحدة بعد ظهوره على شبكة الإنترنت.

“الجهاديون” – جهل فرائض الدين الإسلامي

كشفت إحدى الدراسات الألمانية، إلى أن المسلمين الشباب الذين ينضمون إلى المجموعات الإسلاموية المتطرفة المستعدة لممارسة العنف لا يفهمون في الدين الإسلامي، واعتمد الباحثون من جامعتي أوسنابروك وبيلفيلد، وكلتاهما في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، على البيانات المستمدة من التطبيقات التي يستخدمها المسلمون الشباب في ألمانيا في اتصالاتهم مع المجاميع الإسلامية المتطرفة، وظهر من تحليل هذه البيانات أن المنجذبين للدعاية المتطرفة ليسوا من مرتادي المساجد المنتظمين ولا من العارفين في شؤون الدين الإسلامي، بل إن فرائض الدين الإسلامي غير معروفة بالنسبة للكثير من هؤلاء الشباب.

وتشير دراسات ميدانية قام بها باحثون في السوسيولوجيا بجامعة أمستردام الهولندية في يناير 2015 إلى أن الجماعات الإسلاموية المتطرفة في هولندا تقوم بحسابات دقيقة في تحديد طبيعة تحركاتها واستغلال كافة الوسائل لتجنيد واستقطاب الشباب ، وأن تلك المنظمات المتطرفة لم تفتح المجال أمام الجاليات المسلمة للتعرف على حقيقة الشريعة الإسلامية المنفتحة، ولكنها احتكرت الحديث باسم الدين لتصور الإسلام كما تريده وتقدمه للشباب المغترب، فيعتقد أن أصوله الدينية هي تلك الصور التي يستهلكها وفي حقيقة الأمر، فإن المسألة مختلفة تماما.

وذكر ميشائيل كيفر، من معهد الدراسات الإسلامية في جامعة أوسنابروك، أن هؤلاء الشباب يكوّنون “إسلاماً خاصاً” بهم يستمدون تعاليمه من الإنترنت، وأن تصورهم عن الإسلام لا يجمعه جامع مع الإسلام الحقيقي. وترى ” شروتر “الخبيرة الألمانية أن الدين أصبح “يشكل معيارا للهوية عند الشباب في وقتنا الحاضر ودفع بالهوية العرقية إلى التراجع أمامه”، وأضافت شروتر أن الشروط والقوانين الدينية أصبحت أكثر تشددا، ولذلك ينشغل الكثير من الشباب المسلم في ألمانيا بالتفكير يوميا قبل أداء عمل ما والتساؤل عما إذا كان عمل هذا الشيء حلال أم حرام. 

تصدي دول أوروبا إلى الجماعات الإسلاموية “الجهادية”

مع تزايد الهجمات الإرهابية في الغرب، تحاول دول أوروبا، مجتمعة أو على مستوى وطني، باتخاذ خطوات جادة للتصدي لهذه الهجمات، ومواجهة التطرف. تشكل الجماعات الإسلاموية “الجهادية” خطرا على أمن و مجتمعات أوروبا، فقد أصبحت هذه الجماعات تستخدم أساليب جديدة و تقنيات معاصرة في نشر أفكارها.

النتائج

ـ التهديد بوقوع هجمات في عام 2020 لا يزال قائما، و ذلك بحسب تقرير جديد لشركة “غلوبال ريسك إنتل” الاستخباراتية حسب ما نشره موقع “الحرة واشنطن ” في 25 فبراير 2020. وقال التقرير إنه من غير المرجح أن يضمحل الإرهاب بشكل تام في المستقبل القريب، حيث لا تزال الظروف، التي تجعل مناطق معينة مواتية للإرهاب، قائمة ومهددة للاستقرار. وقد جدد المجلس الأوروبي في تقرير نشره موقع المجلس في 13 يناير 2020 ، ما يسمى بقائمة الاتحاد الأوروبي للجماعات الإرهابية، التي تحدد الأشخاص والجماعات والكيانات الخاضعة لتدابير تقييدية بهدف مكافحة الإرهاب.

ـ أدرك زعماء أوروبا، الحاجة إلى تعزيز التعاون الأمني ، وان تهديدات الجماعات المتطرفة ما زالت قائمة وأنها تحولت إلى تهديد داخلي اكثر ما تكون عابرة إلى الحدود. ويبدو أن دول أوروبا أيضًا شخصت الثغرات في سياساتها الأمنية، وكذلك “مواضع الفشل” في تتبع العناصر الخطرة أو العناصر والجماعات التي تنزح نحو التطرف من الداخل، وهي ثغرة أمنية وربما إخفاق أمني يتكرر بتورط عناصر موضوعة على قائمة الإرهاب والتطرف، بتنفيذ عمليات إرهابية.

ـ يبقى فضاء الشنغن ثغرة أمنية في جدار الاتحاد الأوروبي من الداخل، وذلك من خلال تنقل عناصر متطرفة بين فضاء الشنغن لتنفيذ عمليات إرهابية بعد الإفلات من الرصد والمراقبة ربما في مكان إقامتها.

ـ المفوضية الأوروبية سمحت للدول الأعضاء لفرض الرقابة على الحدود عند الضرورة، لمدة شهرين يمكن تمديدها لمرة واحدة، وكانت فرنسا من اكثر الدول التي استخدمت هذا الحق، والآن تحاول فرنسا إعادة نظام الشنغن، لكن التقديرات تقول إن جهود ماكرون سوف تواجه رفض المفوضية ودول أوروبا، كون الشنغن يعتبر “روح” الاتحاد الأوروبي وما يميزه.

ـ الإرهاب في أوروبا أصبح إرهاب غير مركزي، وبدون قيادة، يتم تنفيذ العمليات الإرهابية من وحي تنظيم داعش والقاعدة وعلى غرار الذئاب المنفردة، وهذا المشهد سوف يتكرر في أوروبا.

ـ إن الحكومات الأوروبية ملزمة بتعزيز القواعد والقوانين الصارمة من أجل منع انتشار وتوسع الأشكال الجديدة للإرهاب. 

ربما يعجبك أيضا