اتفاق قره باغ.. رعاية روسية وإجبار مؤلم لأرمينيا

محمود رشدي
اشتباكات أذربيجان وأرمينيا

رؤية- محمود رشدي

وقعت كل من أذربيجان وأرمينيا على اتفاق ينهي الصراع المسلح الدائر حول إقليم ناغورنو قره باغ، ويأتي التوقيع على اتفاق السلام الأخير عقب ستة أسابيع من القتال بين القوات الآذرية من جهة والانفصاليين الأرمن في الإقليم من جهة أخرى. ومن المعروف أن إقليم ناغورنو قره باغ معترف به دوليا على أنه جزء من الأراضي الأذربيجانية، ولكنه يخضع لسيطرة الأرمن منذ عام 1994.

وقد أدت وساطات إلى الاتفاق على سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار منذ اندلاع القتال في سبتمبر الماضي، ولكن هذه الاتفاقات لم تصمد، وسرعان ما انهارت ليعود الجانبان إلى القتال من جديد، وتسبب الاتفاق الجديد في اندلاع موجة من الغضب في أرمينيا، إذ اقتحم محتجون مبنى البرلمان في العاصمة ييريفان، واعتدوا على رئيس البرلمان بالضرب ونهبوا محتويات مكتب رئيس الحكومة.

اتفاق مؤلم

أعلن رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، أنه وقع اتفاقا مع قادة روسيا وأذربيجان لإنهاء الحرب، وأضاف أنه سيلقي خطابا للأمة في الأيام المقبلة.

وكتب باشينيان على صفحته في فيسبوك «أعزائي المواطنين، الإخوة والأخوات، اتخذت بالنسبة لي شخصيا ولنا جميعا قرارا بالغ الصعوبة. لقد وقعت مع قادة روسيا وأذربيجان على بيان لإنهاء الحرب في ناغورني قره باغ يبدأ اعتبارا من الساعة الواحدة صباحا، مضيفاً: لقد اتخذت هذا القرار نتيجة لتحليل معمق للوضع العسكري وبناء على تقييم الأشخاص الذين يعرفون الوضع بشكل أفضل».

كذلك أكد أنه وقع على الاتفاق، استنادًا إلى الاعتقاد بأن هذا هو أفضل حل ممكن للوضع الحالي، بحسب تعبيره.

رعاية روسية

بدوره، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين توقف القوات الأذربيجانية والأرمينية عند مواقعها الحالية بعد توقيع اتفاق لإنهاء الحرب بين أرمينيا وأذربيجان.

وأضاف خلال بيان بشأن اتفاق إنهاء الحرب، أنه يعول على أن تنشئ الاتفاقات التي تم التوصل إليها ظروفا لتسوية طويلة الأمد للأزمة في كاراباخ بما يخدم مصالح الشعبين.

فيما كشفت وزارة الدفاع الروسية، أنها بدأت بإرسال 1960 جنديا إلى منطقة ناغورنو كاراباخ، مضيفة أن قوات حفظ السلام يتم نقلها جوا من روسيا عقب اتفاق لإحلال السلام بين الطرفين المتنازعين، منوهة بأن قوات حفظ سلام روسية ستنتشر في الإقليم على طول الممر الذي يربط المنطقة بأرمينيا وعلى طول خط التماس.

الاتفاق الجديد

وبموجب الاتفاق الجديد، ستحتفظ أذربيجان بالأراضي التي سيطرت عليها قواتها في ناغورنو قره باغ في القتال الأخير، كما وافقت أرمينيا على الانسحاب من مناطق مجاورة أخرى في غضون الأسابيع القليلة المقبلة.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب متلفز إن قوات روسية لحفظ السلام ستنشر في المنطقة لمراقبة سير تنفيذ الاتفاق على الخطوط الأمامية.

وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الذي شارك الرئيس الروسي في الخطاب الذي ألقاه، إن تركيا ستشارك أيضا في عملية حفظ السلام، وأكد بوتين إن الاتفاق يشمل تبادلا للأسرى، كما ينص على فتح كل الاتصالات الاقتصادية وسبل النقل.

ردود الفعل

قال الرئيس الأذربيجاني علييف إن للاتفاق الجديد أهمية تاريخية، وإنها يرقى إلى استسلام من جانب أرمينيا.

أما رئيس الحكومة الأرمينية باشينيان، فقال إن قراره الموافقة على الاتفاق اعتمد على تحليل معمق للموقف في جبهات القتال ونقاشات مع أفضل الخبراء في هذا المجال. وقال باشينيان، هذا ليس نصرا، ولكنه ليس هزيمة إلا إذا اعتبرنا أنفسنا مهزومين.

وقال الزعيم الأرميني في ناغورنو قره باغ، أرايك هاروتيونيان، إنه لا مفر من وقف إطلاق النار خصوصا بعد سقوط شوشا (التي يطلق عليها الأرمينيون اسم شوشي) ثانية كبريات مدن الإقليم بأيدي القوات الأذربيجانية.

وقال، في صفحته في فيسبوك، إن المعارك كانت تدور في ضواحي مدينة ستيبانيكيرت، كبرى مدن الإقليم، وفي حالة استمرار القتال، فسيسقط الإقليم بكامله. وأضاف: كانت خسائرنا ستكون أكبر بكثير.

وفي العاصمة الأرمينية ييريفان، تجمع حشد كبير للاحتجاج على الاتفاق حسب ما ذكر الإعلام المحلي، واقتحم المحتجون مبنى البرلمان ومباني حكومية أخرى وهم يهتفون «لن نتخلى عنها»، وهاجم المحتجون مقر إقامة رئيس الحكومة وعبثوا بمحتوياته، وقال باشينيان إنهم سرقوا حاسوبا وساعة وعطورا وإجازة قيادة وأشياء أخرى.

وعلى الرغم من الاحتفالات في باكو، عبّر بعض مواطني أذربيجان عن أسفهم لتوقف بلادهم عن القتال قبل الاستيلاء على ناغورني قره باغ بالكامل، كما عبروا عن قلقهم من وصول قوات حفظ السلام من روسيا، التي هيمنت على المنطقة في عهد السوفييت.

ربما يعجبك أيضا