العراق الغني بالنفط يعاني.. الاقتراض أو الإفلاس!

كتب – حسام عيد

على وقع أزمة اقتصادية متشعبة وخانقة جراء الفساد المستشري، وانهيار أسعار النفط، واللجوء للاقتراض من المؤسسات الدولية، قفز حجم ديون العراق الداخلية والخارجية إلى 160 مليار دولار، حسبما كشفت اللجنة المالية في مجلس النواب يوم الأحد الموافق 15 نوفمبر 2020.

والعراق ثاني أكبر الدول المنتجة للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مع 153 مليون برميل من احتياطي الخام المؤكد.

ويعتمد العراق على نحو 97% من الإيرادات المالية المتحققة من مبيعات النفط الخام شهريا، لسد متطلبات الموازنة الاتحادية سنويًا في ظل غياب نظام ضريبي، وفقدان السيطرة الحكومية على العوائد المالية في المنافذ الحدودية البرية والبحرية بعد 2003.

لكن نحو 8 ملايين عراقي يعيشون بأقل من 2.2 دولار يوميًا، بحسب الأمم المتحدة. ويقول العراق إنه يحتاج إلى 88 مليار دولار لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية التي دمرتها الحرب.

واليوم، يعجز العراق عن تأمين رواتب موظفي مؤسسات الدولة، ويخشى الإفلاس، وهذا ما حذرت منه اللجنة المالية النيابية.

أزمات اقتصادية متفاقمة

حين جاءت حكومة مصطفى الكاظمي عام 2020 نتيجة لضغط الاحتجاجات التي أزاحت عادل عبدالمهدي، كانت التركة التي تحملتها من الحكومة السابقة بالفعل ثقيلة، دولة بلا سلطة تقريبًا أمام المليشيات، قادة لا يأتمرون بأمر القائد العام، سلاح وأقضية بأكملها خارج نفوذ الدولة، لكن الأهم، ما ورثته حكومة الكاظمي من نظام اقتصادي يسير بلا شك نحو خيارين: إما الانهيار المالي وإما إجراءات لا تختلف في نتائجها كثيرًا عن الانهيار!.

المشكلة في الاقتصاد العراقي ليست كثرة الديون أو انخفاض النفط فحسب، إنما النظام المالي كله وطريق إدارته الذي حول الاقتصاد إلى أشبه ببالون لا بد من نفخه بالمتعينين الجدد في القطاع العام كل عام، لمنع طوفان الاحتجاجات المطالبة بالتعيين في القطاع الحكومي.

وعام بعد عام، كان رؤساء الوزارة المتعاقبون يحقنون الاقتصاد العراقي بإبر الاقتراض، لتغطية الزيادة الحاصلة في الجهاز البيروقراطي للدولة، عملية لن تفعل شيئًا إلا تأخير الموت السريري القادم لا محالة، في هذه الأثناء اقتصر عمل الدولة على بيع النفط وتوزيع عائداته على شكل رواتب للموظفين، أمر أصبحت تفعله بصعوبة بالغة وقد تعجز عن فعله قريبًا!.

الانهيار المالي

في تقرير له، قال معهد كارنيجي للدراسات إن العراق يواجه خطرًا حقيقيًا يهدده بالانهيار المالي إذا ظل الوضع على ما هو عليه.

وعلى مدى الحكومات المتعاقبة، نما حجم القطاع العام لدرجة أن العراق يحتاج إلى إنفاق أكثر من إجمالي إيراداته على المدفوعات الأساسية -رواتب القطاع العام والمعاشات التقاعدية والمساعدات الغذائية والرعاية الاجتماعية- لإبقاء غالبية سكان العراق خارج العوز.

ويعتمد العراق على النفط في 97% من موازنته عام 2020، بزيادة 8% عن العام السابق كمؤشر يعطي فكرة واضحة عن الفشل الكبير في الاقتصاد، وليست هذه المشكلة الوحيدة، فكيفية إدارة الثروات كانت كارثية منذ 17 عامًا، موازنة عام 2019 مثلًا بلغت 112 مليار دولار، وبلغت النفقات الجارية 82 مليار دولار “74%”، يُصرف منها 52 مليار كرواتب للموظفين والمتقاعدين وهو ما يعادل نصف الموازنة تقريبًا بزيادة 15% عن عام 2018، شكلت نسبة العجز فيها 20% غطتها الحكومة بالاقتراض.

بينما أقرت الحكومة مشروع الموازنة الجديد بقيمة 100 مليار دولار، بعجز بلغ 59% تقريبًا، بسبب انخفاض العائدات النفطية، وبنفس طريقة توزيع الموازنة السابقة -والموازنات الأخرى- الإنفاق على القطاع العام.

الاقتراض ومخاوف الإفلاس

ومن جانبه، قال عضو اللجنة المالية النيابية عبدالهادي موحان السعداوي، إن الديون الخارجية المترتبة بذمة العراق والمثبتة ضمن “نادي باريس وديون الكويت والحرب العراقية الإيرانية” بلغت أكثر من 136 مليار دولار.

وبين أن حجم الديون الكلي ارتفع عقب الزيادة في الاقتراض الخارجي بعد عام 2014 وحتى الآن، ليصل حجم الديون الكلي إلى أكثر من 160 مليار دولار أغلبها ديون خارجية، وتتضمن نسبة فوائد عالية جدًا.

الأرقام التي قدمتها اللجنة البرلمانية تشير إلى ارتفاع الديون خلال شهور قليلة، إذ أعلن محافظ البنك المركزي علي العلاق  في اذار 2020  أن ديون بلاده الخارجية تبلغ نحو 23 مليار دولار، في حين تبلغ الديون الداخلية نحو 40 تريليون دينار عراقي.

وقام العراق خلال الفترة الماضية خاصة مع انخفاض أسعار النفط عام 2014 بالاقتراض من منظمات مالية دولية ومن دول عديدة لتقليل العجز في موازنته المالية.

وسدد العراق في العام الماضي 2019، قروضا واجبة الدفع مع الفوائد بلغت نحو 14 تريليون دينار، وحذر السعداوي، من أن استمرار الدولة بالاقتراض الخارجي والداخلي سيؤدي إلى إعلان إفلاس البلاد بشكل كامل.

عضو اللجنة المالية لفت إلى أن البرلمان صوّت على قانون الاقتراض الأول الذي قدمته الحكومة للبرلمان على 5 مليارات دولار اقتراضًا خارجيًا و15 تريليون دينار اقتراضًا داخليًا، لتسديد رواتب الموظفين إلى نهاية العام.

وأضاف السعداوي، “إن الحكومة أنفقت مبالغ من الاقتراض الداخلي خارج الأطر القانونية، ونحتاج إلى بيانات من وزارة المالية توضح آليات ومنافذ الإنفاق، كما أن الاقتراض والإيرادات المحلية للدولة قسمت إلى قسـمين 80% للموازنة التشغيلية و20% للموازنة الاستثمارية”.

ربما يعجبك أيضا