بعد مقتل سليماني .. هل تحول لبنان لفرع إيراني في العراق والمنطقة؟

يوسف بنده

رؤية

بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي كان يلعب دور مهندس العمليات الخارجية للحرس الثوري والنظام الإيراني في الخارج، والذي كان يمثل حلقة الوصل بين القيادة الإيرانية وأذرعها خارج الحدود، ظهر حزب الله اللبناني بشكل أكثر بروزاً للقيام بدور سليماني في المنطقة؛ ليتحور دور الحزب إلى مقر التدريب والقيادة والتوجيه لعمليات إيران الخارجية.

وحسب تقرير صحيفة “زا ليفانت” الإنجليزية، فنتيجة للخبرة الطويلة التي يملكها حزب الله وقياديه، والنشاط البارز في مختلف البلدان التي ساند فيها أذرع طهران المتناثرة، وما أتاحته له من ثقة لدى مليشيات إيران في المنطقة العربية عامة، وعلى رأسها المليشيات العراقية التي تعد الأقرب لطهران بعد حزب الله. ظهر دور جديد لحزب الله كمنسق لعمل تلك الميليشيات ريثما تضطلع قيادة فيلق القدس الجديدة بدورها هذا.

فبعد فترة وجيزة من مقتل سليماني في هجوم أمريكي بطائرة مسيّرة في العراق عقدت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران اجتماعات عاجلة مع قادة فصائل عراقية مسلحة وذلك لتوحيد صفوفها في مواجهة فراغ كبير خلفه مقتل مرشدهم القوي بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.

الاجتماعات استهدفت تنسيق الجهود السياسية للفصائل المسلحة العراقية التي تسودها انقسامات بعد مقتل سليماني و أبو مهدي المهندس، القائد العسكري العراقي الذي يقوم بدور توحيد تلك الجماعات. وتعد الفصائل المسلحة المدعومة من طهران مهمة لجهود إيران للحفاظ على سيطرتها على العراق الذي ما زالت الولايات المتحدة تحتفظ فيه بنحو 5000 عسكري.

ويمثل تدخل جماعة حزب الله اللبنانية دوراً جديداً تقوم بها، وتوسيعاً لدورها في المنطقة. فلطالما مثّل الحزب محور الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة منذ سنوات، وساعد سليماني في تدريب الميليشيات التابعة لبلاده في كل من العراق وسورية واليمن

الضغط لإخراج القوات الأمريكية

ما تزال طهران تضغط على الحكومة والبرلمان في العراق من أجل تفعيل المطالبة بإخراج القوات الأمريكية من هناك. وهو ما تعتبره طهران انتصارًا على الولايات المتحدة الأمريكية. فقد عد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، خروج القوات الأمريكية بالكامل من المنطقة، من أهم عوامل السلام فيها . وأشار شمخاني في تصريح، خلال استقباله وزير الدفاع جمعة عناد، في طهران أمس، إلى “التعاون الدفاعي والأمني الجيد والمؤثر بين إيران والعراق في مكافحة الإرهاب المنظم من قبل أمريكا وأذنابها في المنطقة والدعم اللامحدود من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية لإنقاذ مدن العراق من الاحتلال الداعشي”، على حد تعبيره.

كما جدد حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، خلال لقائه مع وزير الدفاع العراقي “جمعة عناد سعدون”، بعد ظهر الأحد، في مقر الأركان العامة لقوات الحرس الثوري، تأكيده على حتمية الانتقام لدم قاسم سليماني، وادّعى أن “إرادة الشعب العراقي العامة” هي إخراج القوات الأمريكية من البلاد.

وأضاف أن متابعة الإجراءات القانونية لقتل سليماني وأبومهدي المهندس لا علاقة لها بـ”هذا الانتقام”.

وبحسب وكالة “اسنا” الإيرانية، زعم قائد الحرس الثوري أنه “بالطبع نحن على يقين من أن أبناء الشعب العراقي العظيم سيثأرون لدماء أبو مهدي المهندس”.

جدير بالذكر أن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قُتل في غارة أمريكية بطائرة مُسيَّرة صباح 3 فبراير/ شباط 2020، إلى جانب أبو مهدي المهندس العضو البارز في الحشد الشعبي العراقي وثمانية آخرين أثناء مغادرتهم مطار بغداد الدولي.

وأعلن “البنتاجون” على الفور مسؤوليته عن الهجوم ووصفه بأنه تحرك دفاعي لحماية الأفراد الأمريكيين.

وقبل شهرين، عشية ذكرى الحرب الإيرانية العراقية، خاطب حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، الرئيس الأمريكي بنبرة تحذير، قائلًا: يجب على أولئك الذين لعبوا دورًا “بشكل مباشر وغير مباشر” في مقتل سليماني انتظار “انتقام مؤكد وجاد وحقيقي”.

وأعلن الحرس الثوري في بيان صدر في 8 يناير/ كانون الثاني 2020 أنه انتقم من قاعدتين عراقيتين كانت القوات الأمريكية موجودة فيهما.

اجتماع في بيروت

وقد كشفت صحيفة الجريدة الكويتية، نقلا عن مصادر مطلعة أن العاصمة اللبنانية بيروت ستستضيف اجتماعاً موسعاً للفصائل الموالية لإيران على مستوى القادة؛ لبحث أوضاعها بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومحاولة ترتيب أوراق «محور المقاومة» للمرحلة المقبلة، التي قد تتضمن تفاوضاً بين طهران وإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن المؤيد لإعادة العمل بالاتفاق النووي.

وقالت مصادر من «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري»، إنه منذ أسبوعين بدأت في بيروت جلسات استشارية لممثلي الفصائل، كما شهدت العاصمة العراقية بغداد بعض اللقاءات بحضور قائد «فيلق القدس» اللواء إسماعيل قآني، الذي انتقل من بغداد إلى بيروت أمس لحضور الاجتماع الموسع.

وأشارت إلى أن الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني حسن نصرالله سيحاول جمع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم «ائتلاف دولة القانون» القيادي في حزب «الدعوة» نوري المالكي، وإجراء مصالحة بينهما قبل الانتخابات العراقية التشريعية المقررة في يونيو المقبل.

وكانت مصادر في مطار بغداد أكدت للصحيفة الكويتية، أن الصدر والمالكي غادرا العراق متوجهين إلى بيروت.

في المقابل، استبعدت مصادر عراقية سياسية أن تتم المصالحة بين الرجلين، خصوصاً قبل الانتخابات، مضيفة أن طهران تحاول إعادة بناء تحالف شيعي، وضم الصدر إليه، ضد حراك «تشرين الاحتجاجي»، من خلال استغلال الشرخ بين التيار الصدري والحراك.

ربما يعجبك أيضا