إيران أكبر «خزان» احتياطي لقيادة القاعدة من الخط الأول

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تقيم إيران والقاعدة علاقات مركبة ومزدوجة رغم اختلافهما الأيدلوجي والعقائدي لخدمة مصالحهما ويشتركا في عدائهما للولايات المتحدة. وهنالك أدلة عديدة لشراكة إيران والقاعدة وكانت هناك مئات الوثائق من قاعدة بيانات ( هارموني في وست بوينت ) والوثائق الملغاة سريتها قد تم نشرها في الإعلام الأمريكي وتناولتها عدد من وسائل الإعلام العربية، حيث ذكرت بان إيران تمثل بوابة الخروج والدخول لتنظيم القاعدة من خلال امتدادها الجغرافي بين العراق وأفغانستان وباكستان والبحر العربي.

فمنذ عام 1979 وإيران ترتبط بعلاقات مع التنظيمات المتطرفة، بكل أطيافها ومذاهبها، ومنها تنظيم القاعدة التي امتدت منذ منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، عندما اجتمع بن لادن مع  حسن الترابي وممثل إيران محمد باقر ذو القدر رئيس هيئة أركان الحرس الثوري آنذاك بتنسيق من القيادي في حزب الله عماد مغنية الذي قتل في عام 2008.

نقل تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية يوم 14 نوفمبر 2020 أن المسؤول الثاني في القاعدة ” محمد المصري” اغتيل غالباً على يد عملاء إسرائيليين في طهران، غير أن إيران نفت أن يكون المتهم بالتورط في تفجير سفارتين أمريكيتين موجوداً على أراضيها. ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن المسؤول الثاني في تنظيم القاعدة والذي وُجّه له الاتهام في الولايات المتحدة بشنّ هجمات على سفارات أميركية في شرق إفريقيا العام 1998، اغتيل سراً في إيران خلال شهر أغسطس2020 . يتهم القضاء الأميركي عبد الله أحمد عبد الله بالضلوع في الهجمات الإرهابية على سفارتيها في كينيا وتنزانيا عام 1998.

عملت إيران على نقل العديد من مقاتلي القاعدة بينهم قيادات الخط الأول والقيادات الوسطى من تنظيم القاعدة المركزي واس سست القاعدة في إيران عام 2002 مجلس إدارة تنظيمها بتكليف من بن لادن لدعم التنظيم في أفغانستان وباكستان . ويشمل أعضاء المجلس البارزين: عادل وسليمان أبوغيث وأبوالخير المصري وأبومحمد المصري وأبوحفص الموريتاني، وقد كان حرس الثورة الإيراني الجهة المسؤولة عن المجلس وعلى عملية لمّ شمل عوائلهم.

وما تملكه إيران من خزين بشري لمقاتلي القاعدة وقياداتها خاصة من الخط الأول دفع المراقبون أن يصفوها “بالاحتياطي ” الذي يسد استهلاك قيادات القاعدة في تلك الدول . والعلاقة بين القاعدة وإيران تأخذ المد والجزر وفقا لتطورات الملف النووي والتهديدات الأمريكية .

دلائل تورط إيران بالقاعدة

ـ أكد قيادي إسلامي في مدينة تورنتو الكندية لـCNN  يوم 23 ابريل 2013، أن “نصيحة” من أحد الأئمة المحليين، قادت الشرطة إلى إحباط ما وصفته ب مخطط إرهابي كبير، واعتقال كل من شهاب الصغير، ورائد جاسر، المشتبه بقيامهما بالتخطيط لاستهداف قطار ركاب في تورنتو الكبرى.. وبحسب الشرطة الكندية حصلا الإثنين على توجيه ودعم من عناصر تابعة لتنظيم القاعدة موجودة في إيران، رغم نفي الخارجية الإيرانية.

ـ  صفقة نقل عناصر تنظيم داعش من القلمون الغربي: نقل الدواعش في الحدود اللبنانية السورية، إلى مدينة دير الزور على الحدود العراقية السورية، في 29 من أغسطس 2017، والتي كانت بترتيب وإدارة حزب الله اللبناني وبإشراف إيران.

ـ ناصر الوحيشي من محتجز في إيران إلى زعيم القاعدة في اليمن : ومن بين قيادات القاعدة التي كانت محتجزة في إيران ناصر الوحيشي زعيم القاعدة السابق في اليمن والذي قتلته الولايات المتحدة في 12 يونيو 2015، وأكد ذلك أبوجندل الحارس الشخصي لبن لادن سابقاً في حوار مع قناة”العربية” وأضاف إن تنظيم القاعدة يقيم علاقة وصلات مع الحكومة الإيرانية لأن”عدوهما ” واحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية.

ـ  انطلاق ابو مصعب الزرقاوي من إيران إلى العراق :  وتحديداً جبال كردستان، كان مهبط “أبو مصعب الزرقاوي”.. في العام 2003. اختيار محطة “العراق” لم يكن استشرافاً سياسياً كما زعم سيف العدل، (المقيم حالياً في طهران) ومن تبنى “أبو مصعب الزرقاوي”، منذ قدومه إلى أفغانستان وموله بالمال والعتاد اللازم لتجهيز معسكره الخاص في “هيرات”، الواقع على الحدود الإيرانية – الأفغانية، لـ”تسهيل عبور المقاتلين من وإلى إيران”، بحسب ما أوضحه “سيف العدل”، في شهادته الخاصة عن “الزرقاوي” ضمن ما جاء في وثائق “أبوت آباد”.

ـ رسائل بن لادن : نشرت الولايات المتحدة 17 وثيقة من بين أكثر من ستة آلاف تم العثور عليها في منزل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في (أبوت آباد ) بباكستان أثناء العملية التي قتل فيها يوم 2 مايو 2011 ، وفي رسالة مؤرخة بتاريخ 17 رمضان 1431 هجرية ، كتب بن لادن إلى الشيخ محمود الليبي عطية عبد الرحمن، قائلا: “بخصوص ما ذكرتم في رسالة سابقة بأنه قد يذهب بعض الإخوة إلى إيران ضمن خطة المحافظة على الإخوة ؛ فإنني أرى أن إيران غير مناسبة “, بينما كان بن لادن في رسالة سابقة نشرتها الشرق الأوسط ، أرسل تعليمات إلى ابنيه محمد وعثمان بعدم مغادرة إيران للشريط القبلي بسبب غارات طائرات ( الدرون ) الأميركية من دون طيار التي استهدفت العشرات من عناصر ألقاعدة .

ـ “الحركة الإسلامية” في كردستان العراق:  التي أصبح اسمها حركة “الوحدة الإسلامية”، متمركزة على شريط القرى الممتدة بين حلبجة والقرى المتاخمة للحدود الإيرانية، أبرزها قرية “البيارة”، جماعة “أنصار الإسلام” أو  حركة الوحدة الإسلامية، تشكلت حركة “جماعة الإصلاح” التي تزعمها الكردي العراقي “الملا كريكار”، بدعم إيراني، وقد وفرت الحماية والتمويل لهم عند الحدود الايرانية العراقية نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي.

النتائج

ـ المراقب لتاريخ هذه العلاقة يلحظ أن إيران حرصت طول هذه السنين على عدم إعطاء أي دليل ضدها في تورطها مع تنظيم القاعدة والذي يعتبر انتهاك إلى قرارات الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب.توصف علاقة إيران بالقاعدة بأنها مزدوجة ومركبة حيث تشتركان في عدائهما للولايات المتحدة الأميركية وإفشال مشروعها في الشرق الأوسط ، من خلال الاشتباك المباشر معها على الأرض عسكريا واستخباريا وكذلك من خلال حلفائها من داخل دول النزاع.

ـ النفي الإيراني يأتي محاولة منها النأي بنفسها من التورط مع تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية. وتبقى تسريبات النيويورك تايمز هي الأكثر قبولا أمام الدعاية الإيرانية.

إن عملية اغتيال المصري، من شأنها  تفقد الثقة بين الاستخبارات الإيرانية وتنظيم القاعدة،في أعقاب مقتل المصري رغم ما يتمتع به من حماية أمنية من الحرس الثوري الإيراني مباشرة.

ـ إن وجود قيادات القاعدة في إيران من شأنه أن يفتح ملف جديد، مخالفة إيران إلى قرارات أممية خاصة بإيواء التنظيمات الإرهابية، وتسهيل حركتهم.

ربما يعجبك أيضا