كامالا هاريس تتعرض لحملة عنصرية.. وفيسبوك يذر الرماد في العيون

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

تعرضت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن خلال الأيام القليلة الماضية لحملة عنصرية سامة على موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك”، إذ انخرطت ثلاث صفحات في بث منشورات وتعليقات عنصرية ومعادية للمرأة لاستهداف هاريس ذات الأصول العرقية المختلطة.

من جانبها قامت إدارة “فيسبوك”، أمس الثلاثاء، بحجب جزء كبير من هذه المنشورات العنصرية، بعد تحذير من “بي بي سي نيوز” حددت خلاله ثلاث مجموعات تقوم باستهداف هاريس بانتظام عبر مواد تحرض على الكراهية.

هاريس رمز لـ”الحلم الأمريكي” الزائف

أكدت “فيسبوك” أنها أزالت نحو 90% من خطاب الكراهية ضد هاريس قبل الإبلاغ عنه من قبل “بي بي سي”، لكنها أوضحت أنها حجبت المنشورات المخالفة لسياساتها فقط ولن تتخذ أي إجراء بشأن المجموعات أو الصفحات المسؤولة عن نشرها!

المنشورات التي جرى حذفها تضمنت إساءات عنصرية لـ”هاريس” تتحدث عن أصولها غير الأمريكية وبشرتها السمراء، وتطالبها في ضوء ذلك بالرحيل لأنها لا تمثل الأمريكيين، من هذه المنشورات تعليق بغيض وصفها بأنها لم تكن “سوداء بما يكفي” بالنسبة للديمقراطيين، فيما قال أخر “هذه الهندية يجب أن ترحل”، فضلا عن مئات التعليقات التي تسخر من أسمها ولون بشرتها وتصفها بأنها ليست مواطنة أمريكية، ورسائل أخرى تحض على كراهية المرأة عموما وتطال أشخاصا أخرين بسموم العنصرية.

هاريس 56 عاما هي أول امرأة من أصول أفرو آسيوية تنتخب لمنصب نائب الرئيس بأمريكا، وهي ابنة لاثنين من الأكاديميين المهاجرين، أم هندية وأب من جامايكا، قدمت أسرتها إلى الولايات المتحدة عام 1960، لكن كامالا تقدم نفسها كأمريكية بالدرجة الأولى ودائما ما تثير أعجاب الأخرين بالحديث عن أسرتها متعددة الجنسيات، وهذا ما أكده فوزها بالانتخابات.

اختيار بايدن لهاريس كان محل تقدير وترحيب العديد من الأمريكيين، المؤرخ والمؤلف إبرام إكس كيندي علق على الأمر قائلا في أغسطس الماضي: لا نقول أن “الديمقراطي” قد سحق العنصرية والتمييز على أساس الجنس بهذا الاختيار، لكنها مجرد بداية موفقة.

الحملة التي تعرضت لها كامالا هاريس تعري جزء يسير من واقع العنصرية في المجتمع الأمريكي، فإلى جانب الملايين الذين صوتوا من أجل بايدن وهاريس هناك العديد من الأصوات اليمنية المتطرفة التي تنادي بتفوق “العرق الأبيض” وتعادي كل ما هو ليس أمريكيا خالصا، وعلى رأس هذه الأصوات الرئيس دونالد ترامب نفسه، ونذكر جميعا كيف وصف “السود” بأبشع العبارات وحرض ضدهم بشكل مباشر للرد على حملة “حياة السود مهمة”، كما أنه وصف هاريس بـ”البغيضة للغاية” عندما وقع اختيار بايدن عليها.

الولايات المتحدة تعاني من آفة العنصرية إلى حد ما شهدناه في مايو الماضي عندما قتل جورج فلويد صاحب الأصول الأفريقية بوحشية من شرطي “أبيض”، وبحسب التقرير السنوي لمكتب التحقيقات الفيدرالي الصادر أمس، ارتفعت جرائم الكراهية – وهي الجرائم التي تقع على أساس العرق أو الدين أو الجنس- في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها منذ 10 أعوام، وفي 2019 وحدها وقعت نحو 7314 جريمة كراهية بزيادة قدرها 200 جريمة عن 2018.

“فيسبوك” يذر الرماد في العيون

تعيد الحملة صد هاريس أزمة خطاب الكراهية على منصات “فيسبوك” إلى الواجهة مرة أخرى، إذا سبق وأن انتقدت العديد من منظمات المجتمع المدني والجماعات الحقوقية طريقة تعاطي الشركة مع هذه الأزمة، معتبرة أنها لا تقوم بالجهد الكافي لمواجهة خطاب الكراهية والتحريض على العنف الذي تعج به صفحات التواصل الاجتماعي.

في يونيو الماضي قررت مئات الشركات وقف إعلاناتها على منصات “فسيبوك” لمدة 6 أشهر، احتجاجا على هذا التخاذل في التعامل مع خطاب الكراهية، في استجابة لحملة أطلقتها جماعات حقوقية تحت عنوان “لا للكراهية من أجل الربح”.

وقال الناشط بالحملة ريشاد روبنسون لـ”بي بي سي”: إن فيسبوك أنشأ مجموعة من الخوارزميات تحفّز الناس على نشر خطاب الكراهية، عوضا عن محاولته وقف هذا الخطاب التحريضي.

أنجيلو كاروسون، رئيس شركة “ميديا ماترز” اعتبر إن إزالة فيسبوك للمنشورات المسيئة بعد الإبلاغ عنها من جانب “بي بي سي”، دليل واضح على أن القواعد التي تضعها الشركة للحد من خطاب الكراهية جوفاء، وأنها تبذل القليل من الجهد في عمليات الكشف عن المنشورات العنصرية السامة، مؤكدا أن مثل هذه المنشورات من السهل الوصول إليها وحذفها بشكل فوري.

كان تقرير مستقل للتدقيق في الحقوق المدنية اعتبر في يوليو الماضي أن “فيسبوك” لم تبذل الجهد الكافي لحماية مستخدمين منصاتها من التمييز العنصر وخطاب الكراهية والأخبار الكاذبة والتحريض على العنف.

الملياردير مارك زوكربيرج تعهد مرارا وتكرارا بأن شركته “فيسبوك” ستغير سياساتها لمكافحة خطاب الكراهية، إذ ستعمل على حظر الإعلانات التي تحرض ضد الأشخاص على أساس العرق أو القومية أو الجنس، كما ستبذل المزيد لحماية المهاجرين واللاجئين من الإعلانات التي تعبر عن ازدراء أو نبذ لهم.. لكن يبدو أن الأمر يثير بالعكس وأن أدوات فيسبوك عاجزة عن رصد المحتوى التحريضي بل ربما هي نفسها متورطة في الترويج له.

ربما يعجبك أيضا