العراق.. السنة يرفضون التلاعب بأوقافهم

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

غضب سني عارم في العراق شمل المرجعيات السنية والأحزاب السياسية، بعد الاتفاق الذي أبرمه الوقف السني مع نظيره الشيعي، وهو الذي سيمكن الأخير من الاستيلاء على الكثير من الأوقاف السنية ومنها المساجد والأراضي.

الساسة والعلماء السنة أكدوا أن رئيس الوقف السني بالوكالة غير مخول بالتوقيع على مثل هذا الاتفاق، كما أن المجلس الأعلى للأوقاف قد رفض كل الطلبات التي قدمت حول الاتفاق الذي وقعه رئيس الوقف السني وكالة بشكل منفرد، ما يثير الكثير من الشكوك والريبة حول تصرفه بمعزل عن الرأي الملزم للمجلس الأعلى للأوقاف.

كما عبر سكان مدينة الأعظمية في بغداد عن رفضهم المطلق لاتفاق تقاسم الأوقاف بين الوقفين السني والشيعي في العراق، وطالبوا بإعفاء سعد كمبش من منصب رئيس ديوان الوقف السني وكالة، مؤكدين عدم حرص كمبش على أملاك المسلمين، كما هدد سكان الأعظمية بالتصعيد واللجوء إلى جميع الخيارات المتاحة لإلغاء هذا الاتفاق المشبوه.

وقال الشيخ العراق حسين الدليمي نائب رئيس اتحاد الدعاة في العالم الإسلامي إن: “القاعدة الفقهية المعروفة (شرط الواقف كنص الشارع) ومقصودها أن شرط الواقف يعامل معاملة نص الشارع من وجوب العمل به وعدم جواز مخالفته وفي طريقة فهم المراد منه”، أما الدكتور والفقيه العراقي وليد الحسيني، فقال: “حكومة مؤقتة، تتفق مع وكيل أوقاف مؤقت، على أخطر قرار في تأريخ الأوقاف، تقسيم الأوقاف في العراق، ونقل الحجج الوقفية إلى وزارة الثقافة، مخالف للشرع ولكل الدساتير والأعراف”، أما النائب عن محافظة نينوى “عبد الرحيم الشمري” فاتهم رئيس ديوان الوقف الشيعي “علاء الموسوي” بالمحاولة المستمرة للهيمنة والسيطرة على الأوقاف التابعة لأهل السنة في المحافظة.

المجمع الفقهي العراقي

وعقدت الهيئة العليا للمجمع الفقهي العراقي اجتماعاً طارئاً في مقر المجمع في جامع الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وتم في الاجتماع الذي ترأسه الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه كبير علماء المجمع الفقهي مناقشة الاتفاق بين الوقفين السني والشيعي بشأن الأملاك الوقفية، واتفق المجتمعون على حرمة هذا الاتفاق، لأن الأوقاف يحكمها الشرع وليس الاتفاقات السياسية والمغالبة واستغلال النفوذ، وأن الإجحاف فيها له تداعيات على النسيج الوطني ويعزز الطائفية في المجتمع.

ودعا المجمع في بيان صدر عن الاجتماع إلى إلغاء هذا الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بطريقة مريبة وتم تجاوز صلاحيات المجلس الأعلى للأوقاف بشأن ذلك، وشدد في بيان صدر عن الاجتماع على ان القضايا المتنازع عنها ترتبط بالقضاء والمحاكم المختصة ولا تعالج بالاتفاقات السياسية التي تغلب المصلحة الفئوية والشخصية على أحكام الشرع والمصالح الوطنية، مؤكدا أن هذه أملاك “محبوسة لله تعالى بحجج وقفية لا يسمح لأحد بالتنازل عنها.. وتوقيع اية اتفاقية بهذه الطريقة المريبة وفي هذه الظروف يزيد من حدة النزاع ويهدد التعايش السلمي”.

وذكر البيان أن “مما يثير الريبة بشأن هذا الاتفاق عدم إطلاع أعلى سلطة في ديوان الوقف السني المتمثلة بمجلس الأوقاف الأعلى على تفاصيل هذا الاتفاق فضلا عن استحصال موافقته، وقانون ديوان الوقف السني ينص على أن ذلك من صلاحية مجلس الأوقاف الأعلى”، ورأى المجمع الفقهي “حرمة هذا الاتفاق لما فيه من تلاعب والتحكم بأوقاف محبوسة لله تعالى ومقيدة بشرط واقفها” مطالبا بالغاء الاتفاق، كما أشار إلى أن نقل الحجج الوقفية “الأرشيف” إلى وزارة الثقافة فيه مخالفة قانونية، لأنه يتعلق بأملاك وحجج وقفية خاصة وليس أرشيفا عاما لمؤسسة الدولة” وفي نقله خارج الوقف تعريض لها بالتلاعب أو التلف”، وطلب المجمع الفقهي من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الإسراع بحسم تسمية رئيس ديوان الوقف السني من قائمة المرشحين التي قدمها الى رئيس الوزراء على وفق الحق القانوني الوارد في قانون الوقف السني.

هيئة علماء المسلمين

فيما نددت هيئة علماء المسلمين بهذا “الاتفاق المشبوه” والذي يعزز الانقسام الطائفي في العراق في استمرار للنهج الذي شرعه الاحتلال الأمريكي لبث الفرقة بين أبناء البلد الواحد، وقالت: “إن موضوع الأوقاف في العراق وما تعرضت له من نهب وإهمال كبير، لم ينقطع منذ لحظة الاحتلال الأولى التي شهدت محاولات محمومة للسيطرة على مؤسسة الوقف ومواردها، وقد خضع (ديوان الوقف السني) للضغوط الحكومية وطلب رئيس الوزراء الحالي بحسم ملف المساجد والأوقاف، والتنازل عن كثير منها بطريقة أو أخرى.

جبهة الإنقاذ والتنمية

كما نددت جبهة الإنقاذ والتنمية بهذا الاتفاق المشبوه الذي يأتي في ظل حكومة طائفية لا تزال تسعى وتعمل على بث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد لخدمة مصالح حزبية مشبوهة، وأعلن رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية أسامة النجيفي عن احترامه الكبير لبيان المجمع الفقهي الذي أكد على حرمة هذا الاتفاق، والفتاوى الشرعية التي ستصدر حول حرمته، وبحث النجيفي مع رئيس المجمع الفقهي لكبار العلماء الشيخ أحمد حسن الطه، قرار مجلس الوزراء حول الاتفاق بين الوقفين الشيعي والسني، واتفقا على أن القرار والاتفاق الذي سبقه باطل شرعا وقانونا، وينبغي أن يُلغى حفاظا على أوقاف المسلمين، ومنعا لتداعيات يمكن أن تخلف أضرارا بالغة بوحدة الشعب العراقي.

عبدالملك السعدي

فيما أكد الشيخ عبد الملك السعدي أن ما جاء في محضر الاتفاق مخالف للأحكام الشرعية والقوانين المرعية ويتناقض مع الوحدة الوطنية، بل إن عنصر الجانب الطائفي واضح فيه، وأوضح السعدي في بيان بشأن موضوع الوقفين السني والشيعي أن نشأة مؤسسة الأوقاف في العراق كانت خاصة بأوقاف السنة، أيام كانت مديرية عامة يديرها المرحوم الشيخ بهجت الأثري ولم يكن لأي طائفة أخرى علاقة بهذه المديرية، ثم تحولت إلى ديوان أوقاف للسنة، في وقت كان للشيعة إدارة خاصة بهم للعتبات المقدسة بإشراف مراجعهم، وكذلك بالنسبة للطوائف الأخرى وكانت تدار من مراجعها.

وأضاف قامت الدولة العراقية قبل 2003 بجمع المكونات الدينية تحت عنوان (وزارة الأوقاف والشؤون الدينية) تضم ثلاثة أقسام هي قسم العتبات المقدسة في العراق ومعظمها للشيعة، وقسم الطوائف الدينية في العراق للأديان الأخرى، وقسم المساجد والمدارس الدينية والأملاك الوقفية للسنة، لأن الواقفين كلهم من السنة ولهم شروطهم في إدارتها وإنفاقها على قاعدة ( شرط الواقف كنص الشارع).

وتابع السعدي بالقول بعد احتلال العراق وإزالة حكومته ألغيت الوزارة وفرق الوقف إلى شيعي وسني، وتمت سيطرة الوقف الشيعي على عدد من الوقف السني من مساجد وأملاك وعقارات بطرق يطول شرعها، وأشار إلى أن الموضوع يعد دينيا فقهيا وليس سياسيا ، منوها إلى أن “السنة في العراق بعد 2003 تعودوا على هذا التهميش”، وشدد السعدي في نصيحة وجهها إلى الرئاسات الثلاث ومن دونهم من المسؤولين إلى ترك هذا الموضوع و”إلغاء هذا الاتفاق غير الشرعي وإعادة الحقوق إلى نصابها قبل عام 2003″.

ربما يعجبك أيضا