على طاولة «أبيك».. الصين ترفع راية الانفتاح في وجه «أمريكا أولا»

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

بدأت، اليوم الخميس، أعمال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ “أبيك”، بشكل افتراضي لأول مرة في تاريخ التكتل الاقتصادي العريق، نظرا للجائحة الصحية التي تعصف ببلدان العالم.

يضم هذا التكتل 21 دولة مطلة على المحيط الهادئ، بينها أكبر اقتصادين في العالم أمريكا والصين، وتمثل دول “أبيك” بشكل جماعي 38% من سكان العالم، و61% من الناتج الإجمالي العالمي و47% من حجم التجارة العالمية.

ومن المقرر أن يناقش المنتدى في قمته هذا العام – والتي تستضيفها ماليزيا- قضايا التعاون الدولي، والنمو الاقتصادي في ظل تداعيات فيروس كورونا، ويفترض أن يوجه رسائل قوية عن كيفية عودة الأمور تدريجيا إلى طبيعتها، لا سيما فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي.

تجدر الإشارة إلى أن ماليزيا رفضت مقترحات بإلغاء القمة بسبب جائحة كورونا، وفضلت عقدها عن بُعد، لاسيما وأن القمة لم تعقد العام الماضي بسبب الاحتجاجات التي هزت تشيلي – الدولة المنظمة وقتها- في نوفمبر 2019.

 الصين رائدة الانفتاح الاقتصادي

صباح اليوم، شارك الرئيس الصيني شي جين بينغ، في حوارات الرؤساء التنفيذيين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، وذلك قبيل القمة الـ27 لقادة التكتل التي تُعقد غدا الجمعة.

وقال شي جين – عبر دائرة فيديو مغلقة خاصة بالقمة- سنواصل النمو بجودة أعلى عبر نموذج التنمية الذي يستند إلى الابتكار التكنولوجي، وبلادنا ستبرم اتفاقات تجارة حرة مع المزيد من البلدان وستروج لمبادرة الحزام والطريق على نحو يتسم بجودة عالية، مؤكدا أن الصين ستكون رائدة الانفتاح الاقتصادي العالمي.

وأضاف: ستواصل الصين خفض رسومها الجمركية وستوسع واردات المنتجات والسلع المتطورة من جميع الدول، فالانفتاح يمكن أي دولة من المضي قدماً بينما العزلة تعيقها، إذ لا يمكن لأي دولة أن تتطوّر بإبقاء أبوابها مغلقة، محذّرا من مخاطر الحمائية في عالم يعاني من تحديات متعدّدة أبرزها حاليا جائحة كورونا.

وأكد أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ “الباسيفك” تعزز كل يوم دورها الريادي في قيادة النمو العالمي، وسط هذه التحديات.

تأتي هذه التصريحات القوية للرئيس الصيني عن الانفتاح الاقتصادي ورفض الحمائية، بعد نحو أربعة أيام من إعلان 15 دولة بقيادة بلاده عن توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة RCEP التي تعد أكبر اتفاقية للتجارة الحرة بالعالم، في خطوة شكلت ردا قويا على حرب الرسوم الجمركية التي أطلق شرورها الرئيس دونالد ترامب قبل ثلاثة أعوام.

ويبدو أن الرئيس الصيني بات أكثر إصرارا على توجيه رسائل قوية لواشنطن حتى بعد فوز الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة، فخلال مشاركته في قمة “البريكس” الـ12 أول أمس، أكد على ضرورة دعم التعددية والانفتاح والتعاون الدولي لمواجهة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا وخطر الكساد العالمي، ومن المنتظر أن يعيد التأكيد على هذه المبادئ خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين المقررة في 21 من نوفمبر الجاري.

واشنطن تتخلف عن الركب وبكين تعزز نفوذها

اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة RCEP التي وقعت الأسبوع الماضي خلال قمة لرابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان”، استبعدت واشنطن بناء على طلب الصين، ومواقف سابقة لإدارة ترامب تتعلق بالانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ عام 2017، وبالطبع حرب الرسوم التجارية ليست بعيدة عن هذا القرار.

غرفة التجارة الأمريكية عبرت الإثنين الماضي، عن قلقها من تراجع مكانة أمريكا على الساحة الاقتصادية العالمية، بعد استبعادها من هذه الاتفاقية التي تعزز النفوذ الصيني في حركة التجارة العالمية والإقليمية.

منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض خاض حربا اقتصادية شرسة ضد الصين، وفخخت العلاقات المتوترة بين البلدين قمم “أبيك”، حتى إنه في العام 2018 فشلت القمة لأول مرة في تاريخها في الخروج ببيان ختامي، بسبب مواجهات ساخنة تخللها تبادل للاتهامات بين الرئيس الصيني ونائب الرئيس الأمريكي مايك بنس.

وخلال عهد ترامب ونتيجة نهجه “أمريكا أولا” وحربه ضد التعددية السياسية والاقتصادية وانسحاباته المتتالية من اتفاقيات الشراكة الدولية والإقليمية التي لا تنسجم مع ميوله، تمكنت الصين من أن تعزز نفوذها على الساحة الدولية في تكتلات عدة مثل أبيك ورابطة آسيان وغيرها، لتؤمن اقتصادها من مخاطر الحمائية الأمريكية وأيضا لتسدد الضربات لواشنطن بهدوء تام.

حتى اللحظة لم يؤكد البيت الأبيض حضور ترامب لقمة زعماء أبيك غدا، إلا أن وكالة الأنباء الكورية الجنوبية “يونهاب” نقلت عن مسؤول بالرئاسة الكورية الجنوبية، تصريحات تؤكد مشاركة ترامب في القمة، وأيضا الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن.

كانت “رويترز” نقلت عن مسؤول بالإدارة الأمريكية أيضا، أن ترامب قد يقود وفد بلاده في قمة أبيك.

تمثل الولايات المتحدة إلى جانب أستراليا، وبروناي، وإندونيسيا، وكندا، وماليزيا، ونيوزيلندا، وسنغافورة، وتايلاند، والفلبين، وكوريا الجنوبية واليابان، مجموعة الدول المؤسسة لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ الذي خرج للنور عام 1989، فيما انضمت إليه الصين عام 1991.

ربما يعجبك أيضا