بعد اتهامها بدعم متمردي إثيوبيا.. «الصحة العالمية» في مرمى النيران

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

دخلت العملية العسكرية المثيرة للجدل بين قوات الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير شعب تيجراي أسبوعها الثالث، وسط أزمة إنسانية كبرى خرجت عن الحدود وامتدت نيرانها إلى إريتريا والسودان، مع تزايد القلق الدولي من غياب سيناريوهات الحل.

واليوم الخميس، هاجم الجيش الإثيوبي، مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، وهو أبرز الشخصيات العالمية المتحدّرة من تيجراي، واتهمه بالضغط لصالح الإقليم المتمرّد ومساعدة سلطاته في الحصول على الأسلحة.

وقال قائد الجيش برهان جولا خلال مؤتمر صحفي «عمل غيبرييسوس في دول مجاورة لإدانة الحرب، عمل لصالحهم للحصول على الأسلحة»، وأشار إلى أنه لم يوفر جهدا لمساعدة جبهة تحرير شعب تيجراي، الحزب الذي يقول رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إنه يستهدفه في حملته العسكرية على المنطقة.

وأضاف برهان في معرض حديثه عن تيدروس، الذي كان وزيرا للصحة في عهد الحكومة السابقة، «إنه جزء من هذا الفريق «جبهة تحرير شعب تيجراي»، ماذا تتوقعون منه؟ لا نتوقع منه بأن يقف إلى جانب الشعب الإثيوبي ويدين أعضاء الجبهة».

وعمل تيدروس (55 عاما) الإثيوبي المنحدر من تيجراي، وزيرا للصحة ووزيرا للخارجية في حكومة ائتلافية سابقة بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي من 2005 إلى 2016.

وفي مايو 2017 اختير ليصبح أول مدير عام أفريقي للمنظمة، وبرز دوره على المستوى العالمي خلال جائحة كوفيد-19.

ويتّهم أبي، الحائز على جائزة نوبل للسلام العام الماضي، الجبهة التي هيمنت على السلطة لثلاثة عقود قبل توليه منصبه في 2018، بالسعي لزعزعة حكومته.

وحكمت الجبهة البلاد لعشرات السنين بوصفها أقوى تكتل في الائتلاف إلى أن تولي رئيس الوزراء آبي أحمد منصبه قبل عامين.

أسفرت العملية العسكرية عن مقتل المئات ودفعت بالآلاف للفرار عبر الحدود إلى السودان، بينما يصر أبي على أنها ضرورية لإعادة القانون والنظام إلى البلاد،.

وتقول الأمم المتحدة، إن أعداد اللاجئين الإثيوبيين الذين فروا من تيجراي، منذ اندلاع القتال، تجاوز حاجز الـ40 ألف لاجئ، غالبتهم من النساء والأطفال.

وتشير المنظمة إلى أن «معسكر القرية 8» في منطقة «ودالحليو» القريبة من مدينة القضارف، والذي يبعد بنحو 25 كيلومترا من مناطق القتال يشهد تدفقات هائلة ويؤوي حاليا نحو 14 ألف لاجئ.

في غضون ذلك، يستعد برنامج الغذاء العالمي لفتح جسر إغاثة جوي لتقديم المساعدات للاجئين الموزعين في نحو 4 معسكرات في شرق السودان.

سجل غير نظيف

لم يكن اتهام إثيوبيا هو الأول من نوعه، ففي أبريل الماضي، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انتقادات حادة لمنظمة الصحّة العالمية، متهما إياها بالتقرب من الصين وبسوء إدارة أزمة وباء كورونا، قائلا: «إن منظمة الصحة العالمية أخفقت، والغريب أنها (المنظمة) مموّلة بشكل كبير من الولايات المتحدة لكنّ تركيزها منصبّ على الصين».

ونتيجة لهذا الانحياز قرّر ترامب في 14 إبريل، أن يقطع التمويل عن المنظمة بشكل تام ويحرم المنظمة من التمويلات الأمريكية، أكبر مصدر تمويل لها في ميزانيتها المعلنة.

وفي ذلك الوقت طرحت أزمة ترامب مع المنظمة عددا من الأسئلة، أهمها: ما الذي يعنيه مراعاة مصالح الصين أو الولايات المتحدة في قضية الصحة العامة؟ إذ ألا يُفترض بالصحة العامة أن تكون مسألة إنسانية لا تُفضِّل أحدا على أحد؟ والأهم من ذلك: هل وقعت المنظمة في براثن الاستغلال السياسي والاقتصادي لبرامجها وتمويلاتها وتوصياتها؟ وفقًا لـ«فرانس برس».

ولم يكن ترامب الوحيد الذي ربط قرارات المنظمة بمصالح اقتصادية وسياسية على حساب الاهتمام بصحة شعوب العالم، ففي عام 2000م نشر الفرنسيان، الصحفي برتنار ديفو والأستاذ بعلم الاقتصاد برتنار ليمينسي، كتابًا بعنوان «منظمة الصحة العالمية: المركب الغارقة للصحة العامة؛ انحرافات وإخفاقات الأمم المتحدة».

وعرض الفرنسيان في كتابهما العديد من قضايا الفساد التي تُثبت تورُّط منظمة الصحة العالمية في الانحياز لمصالح اقتصادية وسياسية تتعارض مع مصلحة الصحة العامة.

وفي عام 2004م مع انفجار أزمة إنفلونزا الطيور بدأت الأصوات الناقدة للمنظمة في الظهور علانية وعبر منابر إعلامية متعددة، ثم مع قدوم إنفلونزا الخنازير عام 2009م تحوّلت الأصوات الناقدة إلى نداءات عامة بإصلاحات عاجلة ومحاكمات في حق المسؤولين وتحقيقات في البرلمانات الأوروبية.

ومع تفشي فيروس كورونا هاجم الرئيس الأمريكي المنظمة معلنا تعليق الدعم المالي كليا.

ربما يعجبك أيضا