«قناعة الأوروبي».. تركيا وإرهاب المتأسلمين وجهان لعملة واحدة!

سحر رمزي

رؤية -سحر رمزي

تعاني الحركات الإسلامية في أوروبا حاليا حالة من الرفض المجتمعي غير المسبوق على مستوى كافة  دول القارة العجوز، ولا شك بشاعة الحوادث الإرهابية الأخيرة سبب من أسباب ذلك، ولكنها ليست الوحيدة، والبعض يعتقد أن التصريحات الأخيرة  للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبب وراء موجة الكراهية ضد المسلمين، ولكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 18 فبراير الماضي  كشف للاتحاد الأوروبي، عن حملة حكومته ضد ما وصفه بـ الانفصالية الإسلامية لحركات الإسلام السياسي، التي لا تتوافق مع الحرية والمساواة، كما قال إنها تتعارض مع الجمهورية التي لا تتجزأ، والوحدة الضرورية للأمة.

وعاد وأكد بخطاب في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول)، خطة وطنية شاملة للتصدي لتلك الجماعات الانفصالية. أضف إلى ذلك  العديد من التقارير التي يناقشها الاتحاد الأوروبي منذ فترة، وتؤكد خطورة الإسلام السياسي على أمن القارة الأوروبية، وأيضا خطورة المؤسسات والحركات الإسلامية للمتشددين والمتطرفين على المجتمع الأوروبي وحريته، وأيضا أكدت خطورة سيطرة تركيا على المدارس الإسلامية بأوروبا.

 وفي هولندا أكد أعضاء البرلمان على أن تدخل تركيا وتمويلها للعديد من المدارس الإسلامية وأيضا تعليم الطلاب اللغة التركية شيء غير مرحب به، وهناك أعضاء من البرلمان أدانوا عدم سيطرة الدولة على المساجد والمدارس الإسلامية وما يعرف بمدارس نهاية الأسبوع، وطالبوا بوضع كاميرات وأجهزة تصنت في مساجد السلفيين لمعرفة ما يدور بالمساجد.

ومن جانبه قال مارك روتا رئيس وزراء هولندا في وقت سابق، سيكون هناك تحقيق في مدارس عطلة نهاية الأسبوع التركية. وأوضح انه يشعر بشعور غير مريح من المدارس التي تمولها الحكومة التركية. يعتقد الأتراك أن المخاوف غير مبررة: فهم يعتقدون أن الدروس مفيدة بالفعل للاندماج. في هولندا ، وفقًا للأرقام الصادرة عن الحكومة ، هناك اثنتا عشرة مدرسة في عطلة نهاية الأسبوع تمولها تركيا. يذهب الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 17 عامًا إلى المدارس في عطلات نهاية الأسبوع. وفقًا للحكومة التركية ، الهدف الرئيسي هو تعليم الهولنديين الأتراك اللغة التركية.

الدعم المادي من تركيا للمدارس بهولندا مرفوض

تقدم مدارس نهاية الأسبوع الاثني عشر 32 إلى 40 أسبوعًا من الدروس سنويًا ، يوم السبت أو الأحد. تتراوح الإعانات المقدمة من تركيا من 8000 إلى 16500 يورو لفئة واحدة إلى ثلاث فئات. لا يمكن للحكومة حظر مدارس نهاية الأسبوع فقط في هولندا، يُسمح للجميع بتحديد الدورات التدريبية أو الدورات التدريبية التي يتم اتباعها. ولكن يرى مجلس الوزراء أنه من غير المرغوب فيه أن تجعل مثل هذه الدورات والدروس الاندماج أكثر صعوبة أو تتعارض مع الديمقراطية وسيادة القانون.

لقد أعرب النواب بالفعل عن مخاوفهم: فهم يخشون أن يكون هناك من خلال المدارس المدعمة ماديا من تركيا سيطرة أكبر للدولة التركية على الأتراك في هولندا. كما أعرب رئيس الوزراء روته عن مخاوفه من ذلك. وقال رئيس الوزراء لا توجد ملفات تعريف بما يحدث في هذه المراس ومدى تأثير الدولة التركية عليها. وحاليا يشارك وزير الشؤون الاجتماعية مخاوف النواب ، ولذلك فهو يعد تحقيق حول مدارس نهاية الأسبوع.

الدعم التركي للسيطرة على المدارس

تريد الحكومة أن تعرف كيف ولماذا تدفع دول مثل تركيا مقابل هذا النوع من التعليم. بالإضافة إلى ذلك ، يتم التحقيق في عدد الطلاب الذين يتلقون دروسًا غير رسمية وما هو المنهج لهذه الدورات.

علاوة على ذلك ، يجب توضيح ما يمكن أن تفعله الحكومة للسيطرة بشكل أفضل على التدريب غير الرسمي إذا تبين أنه يؤدي إلى سلوك إشكالي. يتم البحث من قبل وكالة مستقلة

وفي برنامج تلفزيوني وصف البعض مدارس ومساجد المتشددين من السلفيين. بانهم يزرعون الكراهية والحقد على الكفار والمرتدين وهذه جريمة في حق قانون  الحريات بالبلاد

 الإسلام السياسي غير ديمقراطي بالمرة حسب الأوروبي

في سبتمبر (أيلول) 2007 ناقش المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية بعض القضايا المرتبطة بالإسلام السياسي في أوروبا، وطرح في ورشة عمل بالتعاون مع معهد الولايات المتحدة للسلام أسئلة عدة تتعلق بأهمية الفاعلين الإسلاميين في الانتقال السلمي للسلطة، أو الصراعات في حالات مثل السودان أو الصومال، والدروس المستفادة من ضم الإسلاميين إلى الديمقراطيات ذات الغالبية المسلمة مثل تركيا. وعلى الرغم من رصد الأوساط الأكاديمية ومؤسسات الفكر إدراج الإسلاميين مناهج الترويج للديمقراطية في الولايات المتحدة، فإنهم سجلوا أيضاً أنها لم تنعكس كثيراً على السياسات الأوروبية.

ولم تمض سنوات طويلة حتى اشتعلت موجة من الثورات الشعبية التي أطاحت أنظمة سياسية عدة في بلدان المنطقة العربية، ووصل الإسلاميون إلى الحكم في مصر وتونس بدعم غربي واسع لجماعات الإسلام السياسي، بخاصة جماعة الإخوان المسلمين، بينما لا يزالون يواصلون الصراع على السلطة في دول أخرى. ومنذ 2011 وحتى اليوم، تكشّف الكثير حول حقيقة الممارسة الديمقراطية لهذه الحركات، بما في ذلك تركيا التي بدأت تتحول تدريجياً إلى نظام الحزب الواحد في ظل هيمنة حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان، الذي يواجه انتقادات أوروبية متواصلة بسبب سياساته.

بداية الصحوة الأوروبية

في مارس (آذار) 2019، استضاف الاتحاد الأوروبي مؤتمراً بعنوان الإسلام السياسي بين الإصلاح والراديكالية بهدف دعوة الدول الأوروبية إلى اتخاذ قرارات عملية لاقتلاع منابع الإرهاب ومعاقبة الدول التي تدعمه وتغذي خلاياه، كما أوصى بالدعم السياسي والاقتصادي للدول المعتدلة المعروفة بجهودها في نشر قيم التعايش والتسامح، وتشجيع الحوار بين الأديان والحضارات.

وتحدثت خلال المؤتمر الناشطة في مجال حقوق الإنسان التونسية الأصل منال المسلمي عن الانتخابات التركية، التي لعب فيها الشتات التركي بأوروبا دوراً كبيراً في فوز أردوغان، على عكس المواطنين الأتراك الذين يريدون الحفاظ على العلمانية و يشعرون بخيبة أمل من الحزب الإسلامي الحاكم ومن أردوغان، الذي سجن كثيراً من المعارضين، بما في ذلك أكاديميون وصحفيون ومثقفون. كما أشارت إلى حزب النهضة التونسي الذي صوت ضد مشروع المساواة بين الجنسين، مما يدل على أنه ليس إصلاحياً، وضد المساواة بين الجنسين والأقليات والمثليين، بحسب قولها. وتطرقت إلى السياسية البارزة ورئيسة الحزب الدستوري في تونس عبير موسي، ودفاعها عن الدولة العلمانية.

في هذا الصدد، سلط السياسي الألماني وعضو البرلمان الأوروبي السابق يورغن كلوت، الضوء على مشكلة التمويل الخارجي للجماعات الإسلامية والمساجد في أوروبا، مشيراً إلى أن غالبية الجاليات المسلمة في ألمانيا من أصول تركية، وتمول الدولة التركية الأئمة والمساجد، وتحاول التأثير السياسي في المواطنين الألمان من ذوي الجذور التركية، وبعد محاولة الانقلاب التركية في يوليو (تموز) 2016، كانت هذه قضية مثار جدل في ألمانيا.

ماكرون يقود أوروبا

كما كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 18 فبراير الماضي عن حملة حكومته ضد ما وصفه بـ الانفصالية الإسلامية لحركات الإسلام السياسي، التي لا تتوافق مع الحرية والمساواة، كما قال إنها تتعارض مع الجمهورية التي لا تتجزأ، والوحدة الضرورية للأمة. ثم عاد وأكد بخطاب في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول)، خطة وطنية شاملة للتصدي لتلك الجماعات الانفصالية.

وأعقبت الخطاب حوادث إرهابية عدة، بدءاً بقطع رأس مدرس تاريخ على يد شاب لاجئ من الشيشان، بدعوى الدفاع عن الإسلام بعد أن عرض الأول رسوماً مسيئة للنبي محمد خلال درس عن حرية التعبير، ثم قتل ثلاثة مواطنين فرنسيين بكنيسة في نيس، بينهم امرأة تم قطع رأسها. وتبعت ذلك حملة اعتقالات طالت عشرات الأشخاص من تيار الإسلام السياسي، وعمليات دهم لجمعيات تابعة لتلك الحركات، فضلاً عن حل جمعيتي أحمد ياسين الإخوانية، والذئاب الرمادية القومية التركية، التي وصفها وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، بأنها تحرض على التمييز والكراهية ومتورطة في أعمال عنف، حين قامت بتظاهرات مسلحة ضد الأرمن في مدينة ديجون الفرنسية.

وبعد أيام قليلة، شهدت فيينا أول هجوم إرهابي كبير على الأراضي النمساوية منذ العام 1985، تبنى تنظيم داعش تنفيذه، وأودى بحياة أربعة أشخاص وإصابة أكثر من 15، وقتلت الشرطة المهاجم كوستيم فيض الله (20 سنة)، بعد إطلاقه النار على المارة والحانات.

وبعد الهجوم، أكد مستشار النمسا سيباستيان كورتس عزمه محاربة الإسلام السياسي، معتبراً أنه عقيدة تشكل خطراً على النموذج الأوروبي للحياة. وبعد أربعة أيام من الهجوم أمرت الحكومة النمساوية بإغلاق المساجد المتطرفة

أكدت الهيئة الدينية الإسلامية في النمسا، أكبر منظمة تمثل المسلمين وتدير 360 مسجداً هناك، في بيان، أنها أغلقت مكاناً للعبادة يخالف عقيدتها. وقال رئيسها أوميت فورال، إن الحرية رصيد ثمين في بلدنا، ويجب علينا حمايته من الانتهاكات، خصوصاً عندما تخرج من صفوفنا.

وفي تضامنها مع النمسا ومن قبلها فرنسا، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، المعروفة بسياستها المعتدلة والداعمة للاجئين، نحن الألمان نتعاطف مع أصدقائنا النمساويين ونتضامن معهم. مكافحة التيارات المتطرفة هو كفاحنا المشترك.

السياسيون بأوروبا هناك فرق بين المسلمين وجماعات الإسلام السياسي

 أبدى القادة الأوروبيون حذراً لافتاً في التفريق بين المواطنين المسلمين في أوروبا، وجماعات الإسلام السياسي التي تسعى لفرض الانعزال على المسلمين في الدول الغربية، وبث خطاب متطرف من خلال المدارس والمساجد المستقلة التي يتم تمويلها من الخارج.

جبهة موحدة

فكرة تشكيل جبهة أوروبية مشتركة ضد الإسلام السياسي التي طرحها الرئيس الفرنسي أولاً، بات يتبناها قادة أوروبيون آخرون، بما فيهم وزير الخارجية الإيطالي الذي قال إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتبنى نسخة من قانون باتريوت الأميركي، الذي يمنح سلطات أمنية أكبر لمراقبة المشتبه فيهم.

وقال كورتس إنه سيضع قضية الإسلام السياسي على جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي المقررة في وقت لاحق هذا الشهر، مشيراً إلى أنه تحدث مع ماكرون وعدد من قادة الحكومات الآخرين، حتى نتمكن من التنسيق بشكل أوثق داخل الاتحاد الأوروبي.

ويصف مدير برنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن ومؤلف كتاب الدائرة المغلقة: الانضمام وترك جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، لورينزو فيدينو، هذه الدعوات بأنها تيقظ القادة المعتدلين تجاه التهديد الذي يشكله تيار الإسلام السياسي.

وأشار فيدينو خلال مقالة كتبها لمجلة فورين بوليسي، إلى تقرير صدر العام 2018 عن أجهزة الأمن في ولاية شمال الراين وستفاليا بألمانيا، يشير إلى أنه على المدى الطويل، فإن التهديد الذي تشكله الإسلاموية الشرعية أو حركات الإسلام السياسي تجاه النظام الديمقراطي الليبرالي أكبر من التهديد المتطرف. إنهم يطمحون إلى نظام إسلامي، لكنهم مستعدون للسماح بعناصر ديمقراطية معينة ضمن هذا الإطار، وذلك حسب إندبندنت، ولهذا السبب بالكاد يمكن التعرف على تطرفهم للوهلة الأولى.

ربما يعجبك أيضا