محاولات بائسة لـ«ترامب» للبقاء.. و«الأرض المحروقة» رسالته لـ «بايدن»

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

وسط محاولات بائسة لفريق ترامب لتجاهل نتائج الانتخابات الأمريكية والالتفاف على أصوات الناخبين، تمارس إدارة ترامب “سياسة الأرض المحروقة” بتضييق الخناق أمام خلفه الرئيس المنتخب جو بايدن في حال القضايا العالقة، فضلًا عن إبداء الدعم اللامحدود لإسرائيل وهو ما كرسته زيارة بومبيو الأخيرة في الشرق الأوسط، باعثًا رسالة لخلفه بأن أمريكا لن تعود كسابق عهدها بعد كورونا وحقبة ترامب.

الأمل البائس لترامب

ما كان مجرّد إجراء شكلي خلال الانتخابات العادية، المصادقة من الحزبين على أصوات الولاية، أصبح أحدث ساحة معركة في محاولات الرئيس ترامب للحفاظ على السلطة خلال السنوات الأربع المقبلة.

بعد سلسلة من الهزائم القضائية في جهوده للطعن في نتائج الانتخابات، يأمل فريق ترامب في إقناع المجالس التشريعية التي يسيطر عليها زملائه الجمهوريون في الولايات الرئيسية بتجاهل النتيجة وإعلان فوز ترامب، وفقاً للعديد من وسائل الإعلام الأمريكية.

وحتى الآن أخفقت محاولاته في المحاكم لإجهاض عمليات التصديق على النتائج بولايات جورجيا وميشيغان وأريزونا.

وقد يبدو احتمال فوز ترامبا بعيد المنال، لأنه من الصعب للغاية إثباته، ولم يظهر أي دليل على وجود تزوير انتخابي، ومن المحتمل أن يؤدي حرمان تمثيل ملايين الناخبين إلى إثارة احتجاجات وطنية.

ومن أجل البقاء في منصبه، سيحتاج ترامب بطريقة ما إلى قلب نتائج الانتخابات في ثلاث ولايات كبيرة على الأقل، وهو ما لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة.

من جانبه، استنكر الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن رفض دونالد ترامب قبول الهزيمة في الانتخابات الرئاسية، قائلاً إنّ ذلك يبعث للعالم “رسالة مروعة عمن قد نكونه كدولة”.

سياسة الأرض المحروق

ومع إخفاق محاولات ترامب لتغيير النتائج لصالح، بدأ يمارس “سياسة الأرض المحروقة” وتعني إصرار “دونالد ترامب” على “عرقلة انتقال السلطة إلى خلفه “جو بايدن”.

يأتي ذلك في سياق سعي الرئيس الحالي لتضييق هامش تحرك خلفه جو بايدن على الصعيد الدبلوماسي ، وهو السيناريو الأسوأ الذي سيزيد الفوضى من العالم المتوتر أصلًا ، وهو ما أشارت إليه صحيفة “لوفيجارو الفرنسية”.

وتتجلى سياسة الأرض المحروقة، في قرارات ترامب التي يسارع في اتخاذها طيلة المهلة التي أمامه قبل تنصيب بايدن رئيسًا، والمتمثلة في:

 انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والتي قد تجعل كابول قاب قوسين أو أدن بيد طالبان في ظل تأزم المفاوضات بين الحكومة والحركة.

وفرض عقوبات على إيران والتحضير لضربة استباقية بالتنسيق مع إسرائيل والتي قد يستحيل معها العودة للاتفاق النووي

جولات التأكيد على ملف التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل وهو ما بدا واضحًا في جولة وزير الخارجية مايك بومبيو الأخيرة لتكريس سياسة ترامب.

بومبيو يكرس إرث ترامب

يأتي سعي إدارة ترامب في تكريس سياسته من خلال جولة وزير خارجيته مايك بومبيو على الجولان ومستوطنة  “بساغوت” في الضفة الغربية المحتلة كـ “تكريس لإرث دونالد ترامب ودعمه الثابت لإسرائيل”.

وتعد هذه الخطوة بمثابة اعتراف أمريكي ضمني بـ “الضم الإسرائيلي الفعلي” لجزء كبير من الضفة الغربية، بحسب الصحفي الإسرائيلي البارز باراك رافيد. كما خلقت عقبة أخرى أمام الرئيس المنتخب جو بايدن إذا قرر التراجع عن السياسة التي ينتهجها ترامب إزاء الاستيطان.

وتأكيدا لسياسة ترامب أكد بومبيو في مقابلة له لـ”العربية” أن هناك دولا عربية ستنضم لاتفاقيات السلام مع إسرائيل، والتي تأتي في سياق جولته لكلا من الإمارات والسودان والبحرين.

جولة بومبيو الأخيرة في الشرق الأوسط لا تعد فقط محاولة أخيرة لزيادة الضغط على إيران بقدر ما يتعلق الأمر بإبداء أقصى درجات الدعم لليمين الإسرائيلي.

ففي وقت أثار البعض من خارج تلك الدائرة، مخاوف من احتمال أن يكون ذلك جزء من محاولة الرئيس دونالد ترامب التمسك بالسلطة، يرى كثيرون في الداخل أن الدافع وراء ذلك هو رغبة الرئيس الشخصية في الانتقام وما يمثل المرحلة الأخيرة من الصراع الذي طبع بسماته مرحلة رئاسة دونالد ترامب.

أمريكا ما بعد كورونا وترامب

وبحسب “لوفيجارو” فلن يكون هناك عودة إلى الوراء في فترة ما بعد ترامب، ولن تكون هناك عودة إلى الليبرالية، ” ذلك أن “عالم ما بعد كوفيد-19 هو عالم الأمم والحدود المقفلة وهو يتلاءم مع عالم ترامب أكثر مما يتلاءم مع عالم ما بعد الانهيار السوفياتي” .

يرى المراقبون أن أزمة كورونا كانت وراء الإطاحة بشعبية ترامب بسبب طريقة تعامله مع الجائحة، التي حملت في بدايتها إنكارًا واستهتارًا، ومحاولات للتقليل من خطورة الفيروس، ورفضا للإغلاق الكامل للاقتصاد، وغلق المدارس للحيلولة دون انتشار الوباء.

وبدلا من التصدي للفيروس دخل في حرب كلامية مع الصين وأدى بالاقتصاد الأمريكي إلى الهاوية بسبب تفاقم الإصابات التي بلغت 12 مليونًا حتى الآن ، ليبعد ترامب عن أهم إنجازاته خلال سنوات حكمه الثلاث الأولى، ما ساهم في ارتفاع حظوظ بايدن بحسب استطلاعات الرأي.

واليوم باتت أبرز التحديات أمام الرئيس المنتخب جو بايدن، ما سيخلفه إرث ترامب من قضايا وملفات عالقة واتفاقيات وعقوبات سعى ترامب لتكريسها خلال فترة حكمه والتي قد تمتد لسنوات وينعكس أثرها على السياسة الخارجية لإدارة بايدن الجديدة.

ربما يعجبك أيضا