مستشار أردوغان.. «ورقة التوت الكاشفة» لديكتاتورية تركيا

كتب – حسام عيد

عُرف في البلاط التركي الحاكم بالحليف التاريخي لـ«رجب طيب أردوغان»، لكن حينما حاول انتقاد الرئيس ولو بالتعبير عن رأيه الشخصي مثلما زعمت الرئاسة التركية، تعرض لهجوم عنيف من أردوغان دفعه للاستقالة.. إنه بولنت أرينتش عضو اللجنة الاستشارية العليا بالرئاسة الذي أعلن استقالته من منصبه يوم الثلاثاء الموافق 24 نوفمبر 2020.

وتأتي الاستقالة بعد أن لاقت مطالبته بالإفراج عن معتقلي الرأي والفكر انزعاجا من الرئيس رجب أردوغان، حيث اتهمه بشكل غير مباشر بإشعال نيران الفتنة.

انتقاد سياسة الاعتقالات

بداية انقلاب أردوغان على رفيق دربه أرينتش بدأت حينما عبر الأخير في مقابلة متلفزة مع قناة “خبر ترك” عن صدمته من استمرار احتجاز صلاح الدين دميرتاش، الرئيس المشارك الأسبق لحزب “الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد، وعثمان كافالا رجل الأعمال والناشط الحقوقي التركي الذي يحظى باحترام كبير في أوساط المجتمع المدني في بلاده.

والخميس الموافق 19 نوفمبر، طالب أرينتش، بضرورة إخلاء سبيل دميرتاش وكافالا المعتقلين منذ 4 سنوات على خلفية اتهامها بالتبعية لتنظيم “فتح الله غولن”.

واعتقل دميرتاش عام 2016 عندما كان رئيسًا لحزب الشعوب الديمقراطي، ومعه الرئيسة المشاركة للحزب، فيجان يوكسك داغ، على خلفية ملف التحقيقات المتعلق بعدة قضايا، منها أحداث شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2014 الدامية التي وقع فيها قتلى كانوا يتظاهرون ضد عدم اتخاذ نظام أردوغان موقفًا واضحًا ضد تنظيم داعش عند احتلاله مدينة عين العرب (كوباني) ذات الأغلبية الكردية في سوريا.

غضب الحزب الحليف لأردوغان

وكانت تصريحات أرينتش قد أثارت غضب حزب الحركة القومية حليف أردوغان في الحكم.

ووجه دولت بهتشلي رئيس حزب الحركة القومية التركي إهانات إلى أرينتش، خلال كلمته في اجتماع مجموعة نواب الحزب قائلًا “بولنت أرينتش ماذا أنت بفاعل؟ وإلى ما تريد الوصول؟ ما الذي يجعلك تنظر بشفقة وتعاطف إلى الإرهابيين؟”.

ويتبنى حزب الحركة القومية سياسة متشددة تجاه القضية الكردية، ويعارض منح الحقوق الثقافية للأكراد في البث والإعلام والتعليم، والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بأي ثمن.

ولتهدئة الأجواء حاولت الرئاسة التركية التنصل من تبني هذه التصريحات، حيث أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إبراهيم قالن الأحد 22 نوفمبر، أن “أرينتش يعبر عن آرائه الشخصية ولا يتحدث بالنيابة عن الرئاسة”، موضحا “الرئيس يستمع إلى هذه الآراء لكن تطبيقها يتم بعد بحثها ومناقشتها وهو شيء يتم برغبة وإرادة الرئيس”.

أردوغان ومزاعم وأد نيران الفتنة

ويبدو أن تطمينات قالن لم تكن كافية لإرضاء الحركة القومية، ليخرج أردوغان للتأكيد أن تصريحات أرينتش “شخصية ولا تعبر عنه أو عن الحزب (العدالة والتنمية) أو الرئاسة ولا يمكن أن تمثله حتى وإن كان من أطلقها قد عمل معه بالسابق”، محذرا من “فتنة” في إشارة إلى تخريب التحالف مع الحركة القومية الذي أشاد به، واعتبر أنه “يسير بمتانة في الاتجاه الصحيح”، وذلك خشية من تفكك التحالف الحكومي.

وقال أردوغان “لا يمكن ربط تصريحات أحد بحزبنا وحكومتنا حتى ولو كنا قد عملنا معًا في السابق. موقفنا واضح وصريح ولم تحدث أية تغييرات في وجهتنا”.

وأشار أردوغان إلى رجل الأعمال المعتقل، عثمان كافالا، ضمن قضية أحداث حديقة “جيزي” بإسطنبول، قائلًا “نهاية من يشتكون تركيا بالخارج ويتنصلون من تصريحاتهم السابقة ستكون مخيبة للآمال”.

وأردف قائلًا “لن ندافع عمن قاموا بتمويل أحداث حديقة جيزيلم ولن نصبح أبدا مدافعين عن ممولي أحداث حديقة جيزي”.

وفي اعتراف مثير منه، قال أردوغان “بدون شك ارتكبنا أخطاء وكانت لدينا جوانب نقص خلال كل تلك السنوات، لكن لا يمكن لأحد التشكيك في إخلاصنا وخدماتنا ورؤيتنا”.

الإطاحة بحليف تاريخي

وأطلق أرينتش نداء إطلاق سراح دميرتاش وكافالا بعد أن كثّف إردوغان وعوده منذ أسبوعين، بتنفيذ إصلاحات قضائية لتعزيز دولة القانون، في سياق صعوبات اقتصادية تضعف شعبيته.

وقوبلت تصريحات الرئيس التركي بمزيج من الشكّ والأمل بمرونة أكبر، بعد سنوات عدة من القمع خصوصاً منذ محاولة الانقلاب عام 2016 التي تلتها حملات تطهير واسعة النطاق.

وقال أرينتش الثلاثاء الموافق 24 نوفمبر “تركيا بحاجة إلى إصلاحات في القضاء والاقتصاد ومجالات أخرى، هذا واضح” مندداً بـ”الكراهية” و”الإهانات” التي يقول إنها تستهدفه.

وأضاف “هناك حاجة إلى تهدئة بلدنا وإيجاد حل لمخاوف مواطنينا”.

وسبق أن أثار أرينتش الاستياء عام 2015 عندما ندّد بحصر متزايد للصلاحيات بيد إردوغان. وقال حينها “كنا +نحن+ وأصبحنا +أنا+”.

ووافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على استقالة بولنت آرينتش، كبير مستشاريه في المجلس الاستشاري الأعلى للرئاسة.

واستقال بولنت أرينتش، نائب رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان البالغ 72 عامًا، من منصبه في المجلس الاستشاري الأعلى للرئاسة، وهو هيئة مؤلفة من كبار المسؤولين السابقين مسؤولة عن تقديم توصيات إلى إردوغان.

ولم يذكر ما إذا كان سيترك أيضاً حزب الرئيس، حزب العدالة والتنمية، الذي شارك في تأسيسه إلى جانب إردوغان في العام 2001.

ربما يعجبك أيضا