لبنان يهرب من أزماته.. «التربص» بالودائع!

كتب – حسام عيد

تحت ضغط تفاقم أزمات الاقتصاد، وحالة التدهور غير المسبوق التي يعاني منها اللبنانيون كافة اليوم، في أعمالهم ومستوى معيشتهم، في ظل استمرار سياسة المحاصصة، وضبابية الأفق التي بلغت حد نفاد موارد النقد الأجنبي واللازمة لاستيراد السلع الأساسية والضرورية، قد يلجأ المصرف المركزي إلى خفض الاحتياطي الإلزامي، وهو الأمر الذي يراه سياسيون واقتصاديون في لبنان هروبًا من معالجة المشكلة بدلًا من مواجهتها.

خفض الاحتياطي الإلزامي وترشيد الإنفاق

في وقت سابق من يوم الأربعاء الموافق 25 نوفمبر 2020، أفاد مصدر لبناني رسمي -بحسب “رويترز”- أن المصرف المركزي يدرس خفض مستوى احتياطي النقد الأجنبي الإلزامي من أجل مواصلة دعم واردات أساسية العام المقبل مع تضاؤل الاحتياطيات المنخفضة بالفعل.

وأضاف المصدر، أن رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي اجتمع مع الوزراء المعنيين في حكومة تصريف الأعمال الثلاثاء 24 نوفمبر وكان أحد الخيارات قيد الدراسة خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 15% إلى نحو 12% أو 10%.

وتابع المصدر أن احتياطيات النقد الأجنبي تبلغ حاليا حوالي 17.9 مليار ولم يتبق سوى 800 مليون دولار لدعم واردات الوقود والقمح والأدوية حتى نهاية العام الجاري.

يذكر أنه في 27 أغسطس الماضي قدر سلامة احتياطي النقد الاجنبي عند 19.5 مليار دولار والاحتياطيات الإلزامية عند 17.5 مليار دولار.

وقال المصدر “يحتاج لبنان إلى خطة اعتبارا من عام 2021. ستعقد عدة اجتماعات. أحد الخيارات خفض نسبة الاحتياطي من 15% إلى 12 أو 10% إلى جانب ترشيد الإنفاق على الدعم. لم يتخذ قرار بعد”.

أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية

وينوء لبنان تحت ثقل الديون المتراكمة ويواجه أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990 التي قوضت العملة وقادت لزيادة كبيرة للأسعار. ولم يحرز تقدم في محادثات لتشكيل حكومة جديدة عقب استقالة الحكومة الحالية في أغسطس آب إثر انفجار هائل في مرفأ بيروت.

وانزلق الكثير من اللبنانيين إلى الفقر ويعتمدون بشكل متزايد على المواد الغذائية المدعومة. ويهدد خفض الدعم بتأجيج حالة الغضب الشعبي في دولة عصفت بها احتجاجات مع ظهور الأزمة المالية على السطح في أكتوبر 2019.

ومع توقف تدفقات الدولار، يوفر المصرف المركزي العملة الصعبة للواردات من الوقود والقمح والعقاقير بالسعر الرسمي عند 1507.5 ليرة لبنانية للدولار وهو يقل كثيرًا عن السعر المتداول في الشارع الذي يتجاوز ثمانية آلاف ليرة اليوم.

وقال المصدر إن بعض السلع رفعت بالفعل من سلة المواد الغذائية المدعومة. وتابع أن الاجتماعات ستناقش إمكانية رفع أسعار الوقود مضيفا أن واردات المعدات الطبية والأدوية الضرورية سوف تستمر.

وجمدت البنوك المحلية مدخرات المودعين بالدولار ومنعت إلى حد بعيد التحويلات للخارج من خلال قيود غير رسمية على رأس المال منذ أواخر العام الماضي بسبب الأزمة التي أدت للتخلف عن سداد دين سيادي.

خطر يحدق بالودائع

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب سبق وأن أبلغ سأل حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة بشكل محدد ما إذا كان قادرًا على استخدام الاحتياطي الإلزامي لتغطية دعم المواد الأساسية كالقمح والدواء والنفط، فكان جواب الأخير أنّه أمر متاح ولا خشية أو موانع من استخدام “آخر دولارات الاحتياطي”.

وهنا يتردد أن المجلس المركزي لمصرف لبنان قد يسمح بخفض الاحتياطي الإلزامي من 15% الى 12% من قيمة الودائع لكي يتمكن من سد حاجات الدعم بشكل يسمح بالاحتفاظ بهذه الوتيرة حتى نهاية العام 2021.

وحتى الآن لا تأكيدات رسمية تطمئن إلى إمكانية سلوك هذا المسار، مع أنّ المس بالاحتياطي الإلزامي يعني تبخّر آخر ما تبقى من الودائع في دعم يضيع بعضه هدرًا او فسادًا.

وكان النائب اللبناني ميشال ضاهر تطرق إلى هذا الأمر في تغريدة له على “تويتر”، قائلًا: ” إن استمرارية الدعم من مصرف لبنان عبر تخفيض الاحتياطي الإلزامي، هو استمرار في الهروب من معالجة المشكلة بدلا من مواجهتها”.

وأضاف: “هذا مؤشر على أن هذه الطبقة السياسية لا قدرة لها لوضع خطة إنقاذية وقد استسلمت للإفلاس الحتمي ليس للدولة فقط بل للمصارف والمودعين. وختم ضاهر: “السيناريو الفنزويلي يطرق أبوابنا”.

فيما يجزم كثيرون أنّ مصرف لبنان بدأ فعلاً في استخدام أموال الاحتياطي الإلزامي للمصارف، وهي السيولة بالعملة الأجنبية المقدّرة بحوالي 17 مليار دولار، والتي وضعتها المصارف العاملة في السوق المحلية لدى البنك المركزي، تحسبًا لأي مخاطر قد تواجهها، وذلك بالرغم من تأكيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في سبتمبر الماضي، أنّه لن يلجأ لاستخدام الاحتياطي النقدي الإلزامي لتوفير السيولة وإدارة الأزمة النقدية والمالية في البلاد، مشدّداً على أنّ هذا الاحتياطي سيبقى دون مساس.

ومن المعيب وغير المحقّ لمصرف لبنان أو الحكومة أن تستخدمها او تفكر في استخدامها، لمواصلة سياسة دعم استيراد السلع الاساسية القائمة حاليا، وفقاً للرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود.

ربما يعجبك أيضا