خشية الرد الأمريكي.. إيران تنصح ميليشياتها بالتهدئة

يوسف بنده

رؤية

نشر موقع «اكسيوس» الأمريكي، أمس الأربعاء، تقريراً كتبه باراك رافيد المتخصص في أخبار السبق الصحافي، نقل فيه عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إنه تم توجيه وزارة الدفاع للتأهب لاحتمال توجيه ترامب ضربة ضد إيران، وأن تقوم الأخيرة بالرد باستهداف إسرائيل من سورية ولبنان وغزة.

ولفت التقرير إلى أن الحكومة أعطت توجيهاتها، ليس بناءً على معلومات استخبارية، بل لأن المرحلة حتى 20 يناير تبقى حساسة جداً.

وتزامنًا مع ذلك، غادر إسماعيل قاآني، بغداد، حاملاً تطمينات عراقية إلى أن قوات الاحتلال تتحضّر للانسحاب من البلاد، وهي «جادّة» في ذلك. تطميناتٌ قابلها تشديد، مع فصائل المقاومة، على رفع مستوى الجاهزية، تحسّباً لأيّ حماقة قد تُقدِم عليها إدارة دونالد ترامب.

وقد كشف مصدر سياسي مطلع، أمس الأربعاء، تفاصيل تتعلق بزيارة قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني الأخيرة للعراق وتقديمه طلبا يتعلق بالمصالح الأميركية في البلاد، فيما أشار المصدر إلى وجود خلافات في صفوف الميليشيات بهذا الشأن.

وحسب تقرير قناة الحرة الأمريكية، فقد قال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن قاآني وصل العراق بعد فترة وجيزة من استهداف السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد بسبعة صواريخ كاتيوشا الأسبوع الماضي، في هجوم هو الأول من نوعه منذ عدة أسابيع.

وأضاف المصدر أن قاآني اجتمع فور وصوله بعدد من قادة الفصائل المسلحة التابعة لإيران في منزل زعيم تحالف الفتح هادي العامري بمنطقة الجادرية المحاذية للمنطقة للخضراء، من بينهم زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، والقيادي البارز في ميليشيا كتائب حزب الله عبد العزيز المحمداوي الملقب أبو فدك.

وفقا للمصدر، فقد أبلغ قاآني قادة الفصائل العراقية بأهمية المضي قدما في الهدنة التي تم التوصل لها قبل عدة أسابيع والمتعلقة بوقف استهداف المصالح الأمريكية في العراق، لحين مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه بشكل رسمي في يناير المقبل.

المصدر السياسي الرفيع، أكد أن قاآني ذكر لقادة الميليشيات أن طهران تعتقد أن واشنطن قد تقدم على شن هجوم واسع ضد إيران وأذرعها في المنطقة في حال استمرت الهجمات الاستفزازية التي تقوم بها الميلشيات العراقية.

كما أشار إلى أن بعض قادة الميليشيات المسلحة تحفظت على طلب قاآني، وأبدت رغبتها في الاستمرار بعمليات القصف التي تستهدف السفارة الأمريكية في بغداد والمعسكرات العراقية التي تتواجد فيها قوات أمريكية.

وأعلنت الفصائل الموالية لإيران منتصف الشهر الماضي أنها وافقت على التوقف عن مهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد شرط أن تعلن واشنطن انسحاب قواتها بحلول نهاية العام الجاري، وفقا لوكالة فرانس برس.

وتعرضت المصالح الأمريكية في العراق خلال عام إلى نحو 90 هجوما استهدفت سفارة الولايات المتحدة في بغداد، وقواعد عراقية تضم جنودا أميركيين وقوافل لوجستية لمقاولين من الباطن عراقيين يعملون لصالح الجيش الأمريكي.

وتتهم واشنطن كتائب حزب الله الفصيل الأكثر تشددا وولاء لإيران في البلاد.، بالوقوف وراء تلك الهجمات.

ووقع الهجوم الأخير يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، بعد أن تم إطلاق سبعة صواريخ كاتيوشا باتجاه السفارة الأمريكية في بغداد، سقط أربعة منها في المنطقة الخضراء، مما تسبب بمقتل طفلة عراقية وإصابة خمسة أشخاص آخرين، وفقا لمصادر حكومية.

وتزامن هذا الهجوم مع إعلان واشنطن أنها ستسحب 500 من جنودها من العراق ليبقى فيه 2500 جنديا.

وأعلنت الولايات المتحدة، أنها أرسلت قاذفتي قنابل من طراز بي-52 إلى الشرق الأوسط في مهمة تهدف إلى “تحذير إيران” وإظهار قدرة الجيش الأميركي على النشر السريع لقواته “في أي مكان في العالم”.

وجاء نشر الجيش الأمريكي للقاذفتين الاستراتيجيتين بعيدتي المدى، بعد أيام من إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن سحب جزئي لقوات أمريكية من العراق وأفغانستان، بينما أوردت تقارير أنه ناقش مسألة توجيه ضربة عسكرية لإيران قبل مغادرته المحتملة للبيت الأبيض في يناير المقبل.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن أربعة مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، القول إن الرئيس الأميركي، طلب من كبار مستشاريه معرفة ما إذا كانت لديه خيارات لاتخاذ إجراء عسكري ضد موقع نطنز النووي، خلال الأسابيع المقبلة، وهو الموقع الذي قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا إنه يشهد نشاطا نوويا متزايدا.

وأبلغت المصادر الصحيفة أن ترامب وجه هذا الطلب خلال اجتماع بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض، غداة إعلان مفتشي الوكالة رصدهم زيادة كبيرة في مخزون إيران من المواد النووية. وبعد أيام من الاجتماع، أطقت ميليشيات عراقية موالية لإيران صواريخ سقطت بالقرب من السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.

دلالات

وحسب تقرير صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله، تنطوي زيارة قائد «قوّة القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، إسماعيل قاآني، الأخيرة للعاصمة العراقية بغداد، على دلالات عدّة، وخاصة بالنظر إلى سياقها الإقليمي والدولي. وفي خلفيات الزيارة، تلفت مصادر مطّلعة، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى عدّة نقاط:-

1- تسعى طهران إلى التأكّد من المعنيّين في بغداد من جدّية النيات الأميركية في الانسحاب من منطقة غرب آسيا، وتحديداً أفغانستان والعراق.

2- تسعى، كذلك، إلى التحقّق من جاهزية فصائل المقاومة العراقية إزاء أيّ حماقة أميركية قد تقدم عليها قيادة فريق الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، (قبيل موعد تسليم السلطة للفائز بالانتخابات الأخيرة، جو بايدن)، وخاصّةً أن وسائل إعلامية أمريكية عمدت طوال الأيام الماضية إلى تسريب معلومات عن نيّة واشنطن توجيه ضربة لإيران أو حلفائها في المنطقة.

3- إعراب حكومة مصطفى الكاظمي، غير مرّة، عن انزعاجها من «خروقات» التهدئة القائمة بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال الأمريكي، والتي أسفر آخرها عن سقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين، وهو ما دانته أيضاً فصائل المقاومة، في وقت لم تعلن فيه الجهات الأمنية عن هوية المنفّذ (راجع «الأخبار»، العدد 4203).

هذه «الدوافع» تُرجمت في لقاء قاآني ــــ الكاظمي، بتأكيد الأوّل دعم بلاده للأخير وحكومته. تفاهَم الرجلان على ضرورة «المضيّ قدماً في التهدئة القائمة»، وخصوصاً أن مبرّراتها لا تزال قائمة. وبحسب مصادر الكاظمي، فإن الأخير “جدّي وعازم” على التوصّل مع الجانب الأمريكي إلى جدول زمني ينظّم انسحاب قوّات الاحتلال. تضيف المصادر إن الحكومة مقبلة على تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة (حزيران/ يونيو 2021)، وعليه، فإن الاستحقاق المرتقب يفرض الحفاظ على الهدوء القائم حالياً. يضاف إلى ما تقدّم أن سلطات بغداد ترغب في تحييد نفسها عن الاشتباك بين معسكرَي واشنطن وطهران، على اعتبار أن الوضع الاقتصادي ــــ الاجتماعي آيلٌ إلى الانفجار، الذي قد يكون فتيله أمنياً هذه المرّة، وفق ما تدافع به عن خياراتها.

رفض فصائل المقاومة

حسب تقرير الأخبار اللبنانية، فقد أبدى الجانب الإيراني تفهّماً للموقف العراقي، مشدّداً على ضرورة «استمرار الهدنة وخفض التوتر، شرط التزام الجانب الأمريكي بمسألة النسحاب». على أنه بدا لافتاً ما قاله قاآني أمام مضيفيه العراقيّين، وتحديداً فصائل المقاومة، إن “علينا الالتزام بالهدنة، مع رفع جاهزيّتنا لمواجهة أيّ حماقةٍ قد تقع”، في ما يعكس الحذر الإيراني إزاء التعهّدات» الأميركية. أيضاً، برزت تصريحات الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الأسبوع الماضي (أثناء وجود قاآني في العراق)، حيث أعلن انتهاء «الهدنة» مع قوات الاحتلال، عازياً ذلك إلى «عدم تحقق شروطها…». كما لفت كشفه عن رسالة وَجّهها إلى قاآني (يُرجّح أن تكون خلال الزيارة)، قال فيها: «… نحن معنيّون بالموضوع، بغضّ النظر عن حسابات أخرى”، مضيفاً إنه «في حال تعرّض إيران لأيّ إحراجات وضغوط، فإن المقاومة العراقية لديها دوافعها الوطنية 100% للردّ على الأميركي». وفي ظلّ القراءات المتضاربة لتصريحات الخزعلي، رأى البعض أن الهدف منها «رفع منسوب الضغط على الاحتلال الأمريكي، للإسراع في الإعلان عن جدول زمني للانسحاب»، مضيفين إن «سياسة توزيع الأدوار المتبعة ترجمها الخزعلي: سكونٌ مقرونٌ بالتجهيز، في انتظار اللحظة المناسبة».

من جهته، يُعلّق مصدر قيادي في «الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية» على الزيارة وتداعياتها بالآتي:-

1- الجنرال قاآني ليس في وارد زيارة بغداد لأجل «تمديد الهدنة».

2- يبحث الجانب الأمريكي عن مخرجٍ مقنع للانسحاب، ومن الخيارات المتاحة الانسحاب أثناء الهدنة، مع الحصول على موافقات حكومية لإبقاء قوات محدودة المهام والعدد والانتشار.

3- ثمّة تضاربٌ داخل الحكومة العراقية بين مَن يؤكد الاتفاق على الانسحاب، ومَن ينفيه مؤكّداً البقاء، وهذا ما لن نقبله مطلقاً.

4- استهداف «قاعدة الحرير» في أربيل (إقليم كردستان) أربك الحسابات، بعدما كان التصوّر الأمريكي أن البقاء هناك، أو في «قاعدة عين الأسد» (غرب البلاد)، هو بقاء آمن.

5- لسنا مقتنعين بأن الأمريكيين لديهم قوات غير قتالية، مهما تعدّدت المسميات. وعليه، لن نقبل بوجود جندي أمريكي، وسنعامله معاملة احتلال، ولن نرضى بهيمنة السفارة الأمريكية على القرار السياسي، أو سيطرة الشركات الأمريكية على مقدراتنا الاقتصادية، وسنواجه ذلك بكلّ قوة وحزم.

6- إيران لم تفرض علينا يوماً موقفاً معيّناً، ولم تطلب منا في المقابل موقفاً معيناً أبداً، وقضية الاحتلال الأمريكي قضية عراقية، وكلّ الشكر لموقفها الداعم والمساند لنا.

وفي ختام حديثه، يؤكد المصدر أن «الهيئة التنسيقية» أبلغت قاآني أنها ترحّب بوجهة نظره، لكن القضية تفرض على الجميع الالتزام بالموقف الوطني الواجب، بعيداً من حسابات الاشتباك القائم في المنطقة. ويضيف المصدر، في حديثه، إن «الهيئة التنسيقية» أبلغت قاآني أن الضغوط على الجانب الإيراني لكبح اندفاع الفصائل «لم تعد تجدي نفعاً»، وبالتالي على طارقي أبواب طهران البقاء في بغداد وطرق أبواب «معروفة» للوصول إلى «حلول ترضي الجميع».

مخطط اغتيال

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد كشف مصدر مقرب من قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» اللواء إسماعيل قآني، أن حزب الله اللبناني تمكّن، الأسبوع الماضي، من كشف عملية واسعة، كانت إسرائيل قد جهزتها لاغتيال أمينه العام حسن نصرالله، وعدد كبير من زعماء الفصائل الموالية لإيران في سورية والعراق وفلسطين.

وقال المصدر، إن نصرالله أبلغ قآني هذه المعلومات خلال لقائهما في بيروت، كما أطلعه على تقديرات الحزب بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يلجأ إلى ما يسميه «الخطة باء»، التي تنص على أن تقوم إسرائيل بنفسها بشن ضربة ضد المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية ومقرات لحلفاء إيران بالمنطقة، قبل خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، إذا حالت التعقيدات السياسية والعسكرية دون أن تقوم واشنطن بها.

وأشار إلى أن نصرالله يعتقد أن هدف إسرائيل من هذه العملية إثارة اضطرابات، أو حتى إشعال فتيل حرب في المنطقة قبل تسلُّم الرئيس الأميركي المنتخب بايدن السلطة؛ لعرقلة أي اندفاعة تفاوضية بين الإدراة الأمريكية المقبلة مع طهران.

وذكر أن قآني عاد إلى طهران من جولة شملت العراق وسورية ولبنان، والتقى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وأبلغه أن حلفاء إيران متفقون على أنه إذا كان هناك خطر ضربة عسكرية تستهدف «محور المقاومة» فإنه لن يأتي من الولايات المتحدة بل من إسرائيل.

وأوضح أن القيادي العسكري الإيراني أبلغ خامنئي معلومات استخباراتية تفيد بأن واشنطن سلّمت لإسرائيل 500 قنبلة خارقة للترسانات تستطيع النفاذ إلى عمق 50 متراً في الأرض قبل الانفجار، مما يسمح لإسرائيل أن تستهدف العديد من المواقع النووية والعسكرية الإيرانية، وأنه إذا ما استطاع نتنياهو إقناع السعودية بفتح أجوائها للطائرات الإسرائيلية فسيكون من الصعب جداً، إذا لم نقل من المستحيل، على طهران تجنب الهجوم الإسرائيلي.

ربما يعجبك أيضا