تغييرات في خارطة النفوذ.. ما الذي يجري في سوريا ؟!

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

مع نهاية عام 2020م، تغيرت خارطة النفوذ والسيطرة السياسية والعسكرية على الأرض السورية، وحتى يومنا هذا تشهد بعض جبهات القتال معارك وحجم قصف هائل وذلك في البادية السورية وجبل الزاوية بريف إدلب محافظة إدلب، وقد حققت قوات الأسد والمليشيات الشيعية الإيرانية واللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية المتحالفة معها تقدمًا على الأرض وبالرغم منذ ذلك فما تزال ماحات شاسعة من الأراضي السورية خارج سيطرة النظام وإيران وروسيا.

وكانت المعارك الأبرز في 2020 ، معارك جنوب إدلب ، وخصوصا معرة النعمان وسراقب، “، أما الجنوب السوري فمازال يخضغ لإشراف مباشر من القوات الروسية عبر الفيلق الخامس الذي شكلته من فصائل الجيش السوري الحر سابقا، مع رفع علم النظام على مؤسسات الدولة، وشهدت مناطق درعا هذا العام مظاهرات تطالب بإسقاط النظام، كما شهدت حرب عصابات واغتيالات لعناصر النظام تؤكد أن النظام لم تعد لديه القدرة على السيطرة كما كان قبل 2011م خصوصا أن المصالحات في الجنوب السوري كانت برغبة إقليمية ودولية، وفي نهاية هذه العام اغتال مجهولون عدد من الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر سابقا وكان منهم أدهم الكراد.

وبالرغم من ذلك استطاعت الفصائل المقاتلة في الشمال السوري مدعومة بطائرات مسيرة من طرازي بيرقدار بتوجيه ضربات للمليشيات الإيرانية وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في تلال الكبينة بريف الساحل السوري وفي معارك جنوبي إدلب، كما تمكنت الفصائل من قصف قاعدة حميميم الروسية الروسية وتدمير طائرات روسية حربية باستخدام طائرات مسيرة دون طيار، وكذلك شنت عمليات نوعية داخل حلب وريف دمشق حيث انتهجت سياسة حرب العصابات لاستهداف مفاصل النظام والمليشيات الشيعية والقوات الروسية، كان آخرها سلسلة اغتيالات ضد قوات الأسد والمحسوبين على نظامه في حوران وكذلك شهدت مدينة حماة هجمات مماثلة.

وقد أعلنت روسيا وتركيا هدنة في الشمال السوري، رغم الخروقات المستمرة التي تراوحت بين القصف المدفعي والصاروخي والجوي ومحاولات اقتحام جبهات ريفي إدلب واللاذقية، كذلك زجت تركيا بالآلاف من جنودها ومدرعاتها ودباباتها وأنظمة الدفاع الجوي بشكل غير مسبوق في الأسابيع الماضية، كذلك ظهر الوجود العسكري التركي جليا عندما حاولت قوات نظام التقدم نحو مدينة سراقب وإدلب المدينة، تكبدت قوات النظام والمليشيات الموالية لإيران خسائر فادحة غير مسبوقة، كما دربت عشرات الآلاف من المعارضين السوريين وزودتهم بكافة أنواع الدعم.

وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن قواته العسكرية ستحمي حقول النفط والغاز في شرق الفرات وأن عائدها سيذهب لقسد، وأن قواته العسكرية كذلك ستبقى في منطقة التنف السورية.

ضربات للنظام

ضربات عدة تلقاها نظام الأسد في 2020، حيث ازداد تفعيل قانون قيصر الأمريكي من ناحية، وكذلك صدمة اقتصادية مصرفية قوية هزته من جهة لبنان وهي منع تمرير الحوالات المالية إلى سوريا بالقطع الأجنبي خصوصاً الدولار، ما يعني حرمانه من ملايين الدولارات شهرياً وبطريقة لا يمكن لمليشيات “حزب الله” الإرهابية أن تتدخل لمنعها رغم هيمنتها على مفاصل الدولة اللبنانية، وهو الأمر الذي دفع بشار الأسد لاتهام المصارف اللبنانية بالتسبب في الأزمة الاقتصادية في سوريا، حيث قال: “الأزمة الحالية بدأت قبل (قانون قيصر) وبدأت بعد الحصار بسنوات، هي المصاري اللي راحت (في البنوك اللبنانية)”.

الليرة السورية تنهار ووصل سعر صرف الدولار الواحد إلى ألف ليرة، 2770 للشراء مقابل 2800 ليرة للبيع،

كذلك تصاعد التوتر بين المليشيات المدعومة من إيران من جهة ومن روسيا من جهة أخرى في سوريا، حيث اندلعت عدة اشتباكات في عام 2020 لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في صراع النفوذ بين طهران وموسكو الذي ألقى بظلاله على المشهد العسكري في سوريا، وبات هناك رأي عام روسي يقول إنه من المستحيل إدارة سوريا كما كانت تدار قبل الحرب إلا بنظام حكم جديد.

أما الضربات الإسرائيلية لقوات الأسد والمليشيات الإيرانية فلم تتوقف فمن المختبرات إلى معامل الدفاع، ومن المطارات العسكرية إلى المواقع المتقدمة في القنيطرة، ومن دير الزور إلى دمشق وحماة وحمص ولم تفكر قوات النظام في الرد!.

وتتقاسم الجغرافيا السورية 5 قوى رئيسية يسيطر كل منها عسكريًا على أجزاء من البلاد ويمكننا أن نعرضها كالتالي:

1-  قوات النظام المدعومة بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس ومليشيا “حزب الله” اللبنانية ومليشيات النجباء والإمام وحزب الله العراقي والعصائب الشيعية العراقية ومليشيا “فاطميون” الأفغانية ومليشيا “زينبيون” الباكستانية ولواء القدس الفلسطيني و”جيش التحرير” و”الجبهة الشعبية القيادة العامة” برًا، أما جوًا فيتم دعمه عبر الطيران الحربي الروسي، كما قدمت إيران دعمًا جويًا للنظام عبر الطائرات بدون طيار، كذلك هناك قواعد عسكرية إيرانية وروسية في غالب مناطق سيطرة الأسد.

2- الكتائب الثورية المسلحة

أ‌-  الجيش الوطني السوري (الكتلة الشامية – كتلة السلطان مراد – جيش الإسلام – قوات درع الفرات – فيلق الرحمن – فرقة الحمزة)  والذي اندمجت في صفوفه قبل أشهر قليلة الجبهة الوطنية للتحرير (كتائب الجيش السوري الحر في إدلب  – أحرار الشام – فيلق الشام – نور الدين الزنكي – جيش إدلب الحر – صقور الشام) وهذا التشكيل العسكري بات أكبر كيان عسكري ضد النظام وفاق قوامه 150 ألف مقاتل، ويتواجد في مناطق شمالي شرق الفرات وإدلب وريفها وريف حلب الشمالي وعفرين وأجزاء من الساحل السوري، وتتواجد في الشمال السوري عشرات نقاط المراقبة التي أقامها الجيش التركي، كذلك يتواجد الآلاف من الجنود الأتراك في مناطق شمالي سوريا في غرب الفرات ومناطق اعزاز وجرابلس والباب والراعي ورأس العين وتل أبيض وإدلب وجبل الزاوية وعدد من المناطق الأخرى.

ب – قوات “مغاوير الثورة” التابعة للجيش السوري الحر، تسيطر على منطقة التنف مع انتشارعسكري أمريكي – بريطاني.

3- هيئة تحرير الشام، وهي تسيطر على بعض مدن وبلدات محافظة إدلب السورية، كما يقاتل في سوريا “الحزب الإسلامي التركستاني” الذي رفعته الولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام من قوائم الإرهاب.

4- تنظيم الدولة المعروف إعلاميًا باسم “داعش”، استمر في التمركز بعدد من المواقع في البادية السورية، وقد انتهج التنظيم سياسة حرب العصابات، حيث يشن هجمات دامية على النظام ومليشيات الإيرانية في محيط مدن السخنة وتدمر وعدد من القرى والبلدات في بادية حمص، وكذلك لديه خلايا نائمة في عدد من المدن السورية خصوصا في شرق نهر الفرات.

5- حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي pyd “جناحه المسلح “وحدات حماية الشعب الكردي” “ي ب ك” وهو بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني pkk في تركيا” وتطلق عليه وسائل الإعلام اسم “قسد” وهو اختصار “قوات سوريا الديمقراطية”، وهو يسيطر مع تحالف من الفصائل العربية على أجزاء من “شرق نهر الفرات” والطبقة وتل رفعت، وتنتشر قواعد أمريكية وفرنسية في مناطق سيطرته، وقد تظاهر ضد هذا الحزب العشائر العربية في الرقة والحسكة والقسم الواقع من دير الزور شرق الفرات احتجاجا على سياسات الحزب الذي اتهموه بالعنصرية ضد العرب.

وحتى الآن ما زال هناك مساحات واسعة في سوريا خارج سيطرة قوات الأسد والمليشيات الشيعية متعددة الجنسيات، بل إن كثير من المناطق الخاضعة له بدأت تخرج فيها المظاهرات كما حدث في بلدة كناكر ريف دمشق وبعض مدن حوران، كما أن مناطق شاسعة في حوران تخضع له اسميا ولكن لا يزال عناصر الجيش الحر السابقين ينتشرون فيها ، ويمنعون قوات النظام من دخولها، بل خرج القيادي السابق في الجيش السور الحر أحمد العودة المقرب من روسيا وتحدث عن تشكيل جيش يضم كامل أبناء حوران.

كذلك مناطق سيطرة النظام بها مناطق صحراوية ليس لها أهمية استراتيجية، ومنطقة كالبادية السورية وحدها تحتاج لمليون جندي لتأمينها لإنها عبارة عن مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية.

كذلك أصبح الشمال السوري معقلا لـ 150 الف من المسلحين المعارضين للنظام، وهذا يعني أن المعركة في سوريا مستمرة، ولن تنتهي إلا بحل سياسي لن يكون مرضي عنه غربيا إلى برحيل النظام، فالشروط الأمريكية واضحة وإنه لا لإعادة الإعمار مع وجود النظام الحالي، حاضنة في الساحل السوري في وضع مزري، كذلك خرجت الصراعات الداخلية إلى العلن بشكل غير مسبوق، وشهد هذه العام فشل مؤتمر اللاجئين الذي عقد في دمشق، خصوصا أن النظام الصحي السوري منهار وأن كورونا تنتشر بشكل كبير وهناك تعتيم رسمي شبه كامل.

ربما يعجبك أيضا