استنزاف مقدرات الشعوب.. تركيا وقطر نموذجًا!

كتب – حسام عيد

أزمات اقتصادية متفاقمة لا أفق لحدوث انفراجة وشيكة بها على المدى القريب، بداية من انهيار العملة المحلية “الليرة”، مرورًا بقفزات متتالية في التضخم وأوضاع معيشية صعبة، ووصولًا إلى عجز قياسي بالموازنة والميزان التجاري وديون ضخمة، جعلت تركيا لا حول لها ولا قوة، اليوم، مع رئيسها رجب طيب أردوغان، بسبب مغامراته وسياساته الخارجية المتطرفة، والتي لا تحمل سوى العداء والأطماع تجاه دول المنطقة، والخراب والأزمات تجاه الشعب التركي.

أمور جميعها دفعت أردوغان إلى البحث عن “كنز سحري” يخرجه من أزماته التي ربما قد تطيح به من هرم السلطة في الانتخابات الرئاسية القادمة في 2023، وليس أمامه سوى الدوحة الذي يتقاسم نظامها نفس الرؤى والأفكار والسياسات “الخبيثة” مع الرئيس التركي، لانتشال الاقتصاد التركي الغارق في الأزمات، حتى ولو من خلال بيع أصول الأتراك للنظام القطري الحاكم.

المفارقة هنا أن قطر هي الأخرى يعاني اقتصادها على وقع المقاطعة العربية المفروضة عليها لدعمها الإرهاب، إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا الوبائية القاسية والتي دفعته إلى الدخول بمرحلة النمو السلبي خلال عام 2020.

مغامرة أردوغان هنا مزدوجة، فإلى جانب بيع أصول تركية، فهو يواصل تضخيم الدين الخارجي، الذي يقترب من التحول إلى فقاعة، ومن ثم الانزلاق في منحدر اقتصادي عاصف.

بيع أسهم بورصة إسطنبول للدوحة

وقد أعلن يوم الخميس 26 نوفمبر 2020، صندوق الثروة السيادي التركي، إنه وقع مذكرة تفاهم مع جهاز قطر للاستثمار لبحث وإتمام صفقة محتملة يشتري الجهاز بموجبها 10% من بورصة إسطنبول.

وأوضح الصندوق أن حصته في البورصة ستصبح 80.6% بعد إكمال الصفقة.

وفي إطار المزيد من التقارب والتنسيق بين البلدين، لا سيما بعد عقد عدد من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية في الآونة الأخيرة، وصل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، إلى أنقرة ليترأس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية.

أردوغان يبيع الأرض والأصول

بدورها، انتقدت المعارضة التركية، توقيع صندوق الثروة السيادي التركي وجهاز قطر للاستثمار، اتفاقية لبيع حصة بنسبة 10 % من أسهم بورصة إسطنبول.

وقال المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، فايق أوزتراك، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «لقد وزعوا أراضي قناة إسطنبول لكنها لم تكن كافية، ودفعوا 300 مليون ليرة تركية لقطر، ولم تكن كافية أيضًا، الآن يمنحوهم 10% من أسهم بورصة إسطنبول! لتكن تركيا ملك لقطر!».

وسخر نائب حزب الشعب الجمهوري، أنورسال أديجوزال، من القرار، قائلًا «النظام التركي نقل 10% من أسهم بورصة إسطنبول إلى قطريين! رئيس مجلس إدارة صندوق الثروة السيادي، رجب طيب أردوغان، ونائبه وصهره، بيرات البيرق، أعطوا هذا القرار، حقًا الصهر والحمو يقومون بواجباتهم تجاه أمير قطر بأقصى سرعة وعلى أكمل وجه!».

وعلق نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة بالكسير، أنصار أيتكين، على القرار «حب حزب العدالة والتنمية لقطر لا ينتهي، من يتحدثون عن المحلية والجنسية يبيعون أسهم بورصة إسطنبول للقطريين!».

مآرب خبيثة

هذه القمة “ستكون الـ28 بين أردوغان وضيفه، خلال 70 شهراً، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات بين البلدين، وربما في تاريخ العلاقات الدولية”.

وتساءلت صحيفة “أحوال” التركية ما إذا كانت حكومة حزب العدالة والتنمية تعلق آمالها على أموال الغاز القطري لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية الحادة التي دخلتها. كما ذكرت أن تركيا تلزم قطر بمعاهدات واتفاقيات تعاون في مختلف المجالات.

إلى ذلك، أشارت الصحيفة التركية إلى أن الحكومة التركية تحصل على مساعدات وهبات مالية قطرية بعضها معلن والبعض الآخر سري، مضيفة أن المساهمات السرية يتم الحصول عليها لاستخدامها كمساهمة قطرية في صراعات الحلفاء، خصوصا في سوريا وليبيا وأذربيجان.

كما لفتت إلى أن الدولتين أبرمتا اتفاقيات دفاعية وأمنية يتم بمقتضاها إرسال قوات تركية إلى الأراضي القطرية مقابل مبالغ مالية متفق عليها، بينما تتكفل الدوحة بشكل كامل بمصاريف تلك القوات من رواتب وتكاليف وغيرها.

يشار إلى أنه خلال السنوات الماضية، وطدت الدوحة علاقاتها مع أنقرة، كما عقدت عددا من الاتفاقيات الدفاعية والأمنية.

وكشفت وثائق مسربة نشرها موقع “نورديك مونيتور” سابقا عن بنود مجحفة للدوحة في بعض تلك الاتفاقيات، لا سيما لجهة عدم حيازة السلطات القطرية أي صلاحيات في ملاحقة أو محاكمة أي من الجنود الأتراك المتواجدين على الأراضي القطرية بفعل الاتفاقية الأمنية.

كما أكد في تقارير عدة تمويل الدوحة لتنظيمات إرهابية في سوريا، وجماعات متطرفة في أوروبا أيضا.

ربما يعجبك أيضا