قبل رحيل ترامب.. إسرائيل تتحرك لتوسيع البؤر الاستيطانية

محمد عبد الدايم

كتب – د. محمد عبدالدايم

في جلسة الكنيست يوم الأربعاء 25 نوفمبر، تقرر أن تُفعل الحكومة الإسرائيلية خطوات جديدة لتوسيع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، في إطار تحرك لـ”تنظيم المستوطنات” في الضفة الغربية، جاء هذا وفقًا لتصريح وزير الاستيطان تساحي هانجفي، تجاوبًا مع اقتراح قدمه أعضاء الكنيست آفيديختر (هاليكود)، وأوفيرسوفير (يمينا) وموشيه أرفال (شاس). وأضاف هانجفي أنه يعكف على “بلورة قرار يحدد إجراءات تنظيم المستوطنات الصغيرة، وفقا لرؤية وافق عليها رئيس الحكومة نتنياهو”.

التحرك لضم أراضي المستوطنات الصغيرة

الحديث عن 70 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، حصلت الحكومة الإسرائيلية على الضوء الأخضر للسيطرة عليها وضمها، بعد موافقة إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب.

الهرولة الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية لإحكام السيطرة على البؤر الاستيطانية وضمها؛ جاءت بسبب انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، والتي خسر فيها دونالد ترامب، مع ترقب لسياسة جو بايدن، فسارعت منظمات يمينية غير حكومية بالضغط على الحكومة من أجل السيطرة على 70 بؤرة يستوطنها نحو 20 ألف من الإسرائيليين في الضفة الغربية، ونظمت المنظمات حملة كبيرة للحصول على موافقة نتنياهو، وحصلت بالطبع على دعم من الأحزاب اليمينية، وعلى رأسها هاليكود ويمينا.

قبل رحيل ترامب

يقود الحملة اليمينية مجموعة تسمى “منتدى المستوطنين الشباب”، وصرح أعضاء فيه أن تحرك وزير الاستيطان تساحي هانجفي يعد “خطوة مهمة” من أجل السيطرة على أراضي المستوطنات، كما دعا المنتدى إلى لقاء عاجل مع فرق الكنيست والحكومة المسئولة عن بلورة قرار “تنظيم” البؤر الاستيطانية، قبل يناير، موعد ترك دونالد ترامب للبيت الأبيض، وطالب المنتدى بسرعة تمرير القرار خلال الأسبوعين القادمين على الأكثر.

دعم يميني جارف واعتراض اليسار

بالطبع؛ لاقى تصريح وزير الاستيطان ترحيبًا كبيرا من قوى اليمين بالكنيست، التي اعتبرته “إيجابيًا، يهدف للتحسين الفوري في حياة المستوطنين في البؤر الصغيرة المتفرقة بالضفة الغربية.

في المقابل انتقد اليسار الإسرائيلي ممثلا في حزب ميرتس هذه الخطوة، وصرحت عضو الكنيست عن الحزب تامارزيندبرج، بأن “حزب هاليكود يهدف للحصول على ترخيص بنهب الأرض، عبر قانون أشبه بقوانين الغرب المتوحش، والأمر ليس مفاجئًا أن يتحرك معه حزب كاحول لافان، بدلا من استخدام الزخم الحالي في العلاقات مع دول عربية لصالح التطبيع، اختارت الحكومة الإسرائيلية تملق المستوطنين اليمينيين”.

دعم ترامب لمنتجات المستوطنات

على جانب آخر؛ ضمن قراراته السريعة قبل أن يترك البيت الأبيض، قررت إدارة ترامب تغيير سياستها بخصوص المنتجات الواردة من المستوطنات الإسرائيلية، حيث أمر بوسمها بعلامة “صنع في إسرائيل”، جاء هذا القرار بعد زيارة قام بها وزير الخارجية مايك بومبيو إلى مصنع نبيذ “بساجوت” (عناقيد) في الضفة الغربية، ولم تتضح بعد صلاحيات وزارة الخارجية الأمريكية لتفعل مثل هذه الخطوة، حيث من المفترض أن يكون قرار وضع شعار تجاري من صلاحيات وزارة الأمن الداخلي ومصلحة الجمارك الخاضعة لها.

منظمات المقاطعة معادية للسامية

تعد زيارة بومبيو لمصنع بساجوت، الواقع في المنطقة الصناعية “شاعر بنيامين” القريبة من رام الله، هي أول زيارة وزير خارجية أمريكي إلى مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية، بل إنه يعد أعلى المسئولين الأمريكيين شأنًا الذي يزور مستوطنة إسرائيلية بالمنطقة، فيما صرحت مصادر بالإدارة الأمريكية في واشنطن أن الولايات المتحدة ستتعامل مع منظمات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية (BDS) باعتبارها “معادية للسامية”.

تعاملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ 1967 مع الضفة الغربية ومرتفعات الجولان على أنها مناطق مُحتلة، ولم تنل المستوطنات القائمة في هذه المناطق اعترافا بشرعيتها، وفي 1955، بعد توقيع اتفاقية أوسلو، عممت إدارة بيل كلينتون توجيهات بوجوب وسم منتجات المستوطنات بعلامة “منتجات من الضفة الغربية”.

لكن توجيهات إدارة كلينتون لم يتم العمل بها أصلا، ومع ذلك، في 2016 تحركت إدارة أوباما لتجديد العمل بهذه التوجيهات، وحذرت من وسم منتجات المستوطنات بعلامة “صنع في إسرائيل”، وهو التحذير الذي بدا كإشارة سياسية من أوباما فيما يتعلق بالتحذير من توسيع الاستيطان.

حتى الآن لا يعترف المجتمع الدولي بشرعية المستوطنات الإسرائيلية القائمة على أراضي فلسطينية بالضفة الغربية، ومع ذلك تحركت إدارة ترامب خلال السنوات الأربعة الماضية لإضفاء “شرعية” على المستوطنات، وضمها رسميًا إلى إسرائيل، ومنها الخطوة الأخيرة التي قام بها بومبيو، بأمر من ترامب، لإضفاء شرعية على منتجات البؤر الاستيطانية بالضفة.

صنع في إسرائيل

قال بومبيو في بيان له أنه “بموجب الإرشادات الجديدة، سيكون على الشركات المُصنعة في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، وتحديدا المنطقة ج (C) تصنيف منتجاتها بعلامة صنع في إسرائيل، قبل تصديرها للولايات المتحدة”، فيما لم يشر بيان بومبيو إلى التفرقة بين المنتجات الفلسطينية والإسرائيلية الواردة من المنطقة ج، وإنما توسم كلها بعلامة “صنع في إسرائيل”.

بيان بومبيو أشار إلى أن المُصنعين الفلسطينيين بالمناطق أ (A) و(B) عليهم وسم منتجاتهم بعلامة “صنع بالضفة الغربية”، عند تصديرها للولايات المتحدة، فيما توسم منتجات غزة بعلامة “صنع في غزة”، كما شدد على أن واشنطن لن تتعامل مع الضفة الغربية وقطاع غزة على أنهما وحدة مساحية واحدة، وبالتالي لن تسمح بدخول منتجات تحمل علامة “صنع في الضفة الغربية/ غزة”.

ربما يعجبك أيضا