لقاح «فايزر».. أزمات تبحث عن حلول لنهاية الجائحة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

أصيب مسئولو الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية بـ «الصدمة» عندما سمعوا عن متطلبات تخزين اللقاح الجديد، وفقًا للدكتور كيلي مور، المدير المساعد لتحالف التحصين في أمريكا، وتشمل هذه المتطلبات شراء كميات كبيرة من الثلج الجاف ،ويصف «هاول»، مدير برنامج التحصين فى شمال داكوتا، بالولايات المتحدة الأمريكية، «احتمال إعطاء لقاح فايزر بأنه مرهق وشاق».

فمنذ أيام أعلنت شركة فايزر Pfizer  الأمريكية أن نتائج التجارب السريرية الأولية للمرحلة الثالثة تظهر أن لقاحها فعال بنسبة تزيد عن 90% ولكن السباق للحصول على لقاح لفيروس كورونا يصطدم بعدة تحديات معقدة، فالأمر يحتاج إلى المرور بدورة خاصة، حيث سينتقل من مختبرات التطوير، إلى مصانع الأدوية، وبعد ذلك يتم توزيعه عبر مسارات خاصة تحتاج في مراحلها إلى التبريد للحفاظ على صلاحية اللقاحات ، نحو ثلاثة مليارات شخص قد يكون من الصعب عليهم الحصول على اللقاح بسبب نقص تقنيات التبريد اللازمة للحفاظ على صلاحية المطعوم.

بضاعة مبردة

يحتاج لقاح «فايزر» الذي أظهر فعالية كبيرة ضد فيروس كورونا، الحفظ في درجة حرارة تصل إلى 70 درجة تحت الصفر.

وأعلنت العديد من الحكومات سعيها للحصول على لقاح فايزر ولقاحات أخرى، بينما بدأت تستعد لتجهيز عملية نقل هذه اللقاحات بشكل يحافظ على سلامتها، عبر سلاسل التبريد العالمية.

وبحسب موقع منظمة يونيسيف التابع للأمم المتحدة، إن اللقاح سيسافر عبر الطائرة كـ«بضاعة مبردة».

وبمجرد وصوله إلى بلد معين، يتم تخزينه في غرف مبردة قبل توزيعه على المرافق الصحية بواسطة «سيارة مبردة».

وشددت المنظمة العالمية على ضرورة امتثال “معدات التخزين والنقل مثل غرف التبريد والثلاجات والمجمدات والصناديق الباردة لمعايير الأداء والتخزين التي حددتها منظمة الصحة العالمية”.

ووفقا لأرقام السوق فإن سعر المجمد الصالح لحفظ لقاح فايزر يتراوح بين 5000 و15 ألف دولار.

فقراء العالم

ذكر تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس، أن الفقراء من بين قرابة 8 مليارات إنسان حول العالم، سيكونون من “الأكثر تضررا من جائحة كورونا وهم آخر من سيتعافى منه”.

ويشير التقرير إلى أن الفقراء لا يعانون فقط من عدم وجود طرق تخزين خاصة باللقاحات فقط، إذ أن الأنظمة الصحية في بلدانهم تعاني، خاصة تحت وطأة جائحة كورونا، حيث تفتقر هذه الدول من المعدات والمستلزمات الطبية، خاصة تقنيات التبريد.

وأكثر من ثلثي العالم لا يمتلكون التكنولوجيا أو المعدات اللوجستية المبردة، للحفاظ على سلسلة التبريد لنقل وحفظ اللقاحات، وذلك بحسب دراسة أجرتها شركة الخدمات اللوجستية الألمانية “دي أتش أل”.

وقدرت بأن نقل اللقاحات وتوصيله حول العالم، سيحتاج إلى نحو 15 ألف رحلة شحن بالطائرات.

ومسألة تبريد لقاحات كورونا لن تكون سهلة حتى في أغنى الدول، إذ سيحتاج إلى درجات تخزين تصل إلى 70 مئوية تحت الصفر، وهو ما يحذر منه خبراء متخصصون بالتنظيم اللوجيستي.

وهذا الأمر ربما سيكون مشكلة حقيقية في معظم دول آسيا الوسطى، والهند، وجنوب شرق آسيا، وأميركا اللاتينية، ودول إفريقية.

البلدان الفقيرة

54572507 101

تعاني بوركينا فاسو في وسط أفريقيا منذ الشهر الشهر الماضي بالفعل من نقص كبير يصل إلى 1000 ثلاجة طبية.

ولدى منظمة الصحة العالمية، بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، مشروعا مستمرا لرسم خريطة لمرافق التخزين الطبية الصالحة حول العالم لتخزين لقاح فيروس كورونا في درجة الحرارة المناسبة.

وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن اليونيسف تهدف إلى تركيب 65 ألف ثلاجة باردة تعمل بالطاقة الشمسية في البلدان منخفضة الدخل بحلول نهاية عام 2021.

يقول «مايكل بورلاكيس»، أستاذ اللوجيستيات والمشتريات والتوريد في كلية كرانفيلد للإدارة: «إذا كنا نركز على سلسلة التبريد، فإن أوروبا وأمريكا الشمالية تمتلكان بنية تحتية قوية لتوفيرها. أما إذا ذهبت إلى أفريقيا وبعض أجزاء آسيا فهذا يمثل مشكلة كبيرة».

ويضيف: «لأكون إيجابيا، أعرف جيدا أن التخطيط موجود، بدأت الشركات في التخطيط لسلاسل التوريد، والعمل على التعاون مع الآخرين وتبادل المعلومات مع بعضهم البعض، في سلسلة التوريد، اعتدنا توقع ما هو غير متوقع. وعلى الرغم من ذلك، فإن حجم وقدرة وتعقيد هذه العملية أمر غير مسبوق».

أفريقيا تنتظر

ستحتاج أفريقيا إلى التصدي لما هو أكثر من توفير درجات الحرارة المنخفضة، حيث يجب الحفاظ على اللقاحات في درجة حرارة مُنخفضة للغاية، كما هو الحال مع المُنتجات الأخرى القابلة للتلف، مما يتطلب توفير أحجام أكبر من  تلك الأحجام الموجودة. وفي حين تصل حملات تطعيم الأطفال إلى نحو 115 مليون طفل سنويًا على مستوى العالم، يتوقع خبراء الصحة أنه لابد للقاح كورونا أن يصل إلى 750 مليون شخص في أفريقيا وحدها.

ومن أجل الاستعداد لهذا التحدي، يقود «توبي بيتيرز» الخبير في أنظمة التبريد جهدًا مُشتركًا لتقييم احتياجات أفريقيا للحصول على لقاحات للوقاية من فيروس كورونا، ويشمل المشروع جهات غير ربحية وتجارية وأكاديمية. ويعتمد على الدروس المُستفادة من تجربة رواندا، وهي بلد في شرق وسط أفريقيا أحرزت تقدمًا هائلًا في السنوات الأخيرة في بناء سلاسل تبريد تتسم بالكفاءة وغير مضرة بالمناخ لتوصيل الغذاء واللقاحات.

تجربة رواندا

يتمحور نظام روندا حول مستودع واحد يعمل كمركز لتبريد اللقاحات التي يتم توزيعها على مستشفيات الأحياء والمراكز الطبية والمراكز الصحية بالمناطق الريفية النائية، ويستخدم العشرات منها الثلاجات الشمسية. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن اللقاحات تصل إلى أكثر من 95% من السكان. ومع ذلك، فلن يكون من السهل تكرار نجاح رواندا. وقال بيتيرز “إن رواندا دولة صغيرة، ستكون التجربة أصعب في دولة أكبر، مثل نيجيريا”.

ولدى رواندا وجمهورية الكونغو الخبرة المباشرة في اللقاحات التي تحتاج إلى تخزين فائق البرودة؛ وذلك بسبب التعامل مع لقاح الإيبولا الجديد الذي ساعد في إنهاء تفشي الفيروس في الصيف الماضي.

واستطاعت مُبردات الحرارة الفائقة، والتي امتلأت بكتل الجليد من الكحول الاصطناعي، الحفاظ على درجة تبريد اللقاح عند 60 إلى 80 درجة مئوية تحت الصفر لمدة تصل إلى 6 أيام ونصف اليوم. ولكن الكميات التي كانت موجودة تُشكل جزءًا ضئيلًا مُقابل الكميات المطلوبة لتحقيق نتيجة فعالة مع لقاح فيروس كورونا.

وأشار إلى أنه ليس لدى مُعظم البلدان الأفريقية القدرة على توفير سلسلة فائقة التبريد لنقل وتخزين اللقاح. ويأمل بيتيرز ألا يتطلب لقاح فيروس كورونا درجة تبريد أقل من الدرجة القياسية التي تتراوح بين 2-8 درجة مئوية، والتي يمكن أن تُوفِّرها الثلاجات التي تعمل بالطاقة الشمسية المباشرة في المراكز الصحية الريفية.

الإمارات تستعد

أعلنت موانئ أبوظبي عن توفير قدرات لوجستية متطورة لتخزين وتوزيع أكثر من 70 مليون جرعة من لقاح فيروس كورونا المستجد، يأتي ذلك لتعزيز دورها الحيوي في سياق الجهود العالمية لمكافحة جائحة (كوفيد-19).

وقامت موانئ أبوظبي في إطار التزامها الراسخ بدعم حملات التطعيم ضد هذا المرض، بتخصيص منشآت تخزين مبرد متطورة تمتد على مساحة 19,000 متر مربع في مدينة خليفة الصناعية، وتعتبر أكبر المنشآت المخصصة لتخزين اللقاحات في المنطقة وتضم حالياً أكثر من مليون جرعة لقاح فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

تتميز هذه المنشآت بالقدرة على تخزين لقاحات ومنتجات دوائية أخرى في درجات حرارة تتراوح ما بين 2 إلى 8 درجات مئوية، بالإضافة إلى إمكانية التخزين المجمد في درجات حرارة تصل إلى (-80) درجة مئوية، وهي مزودة بأنظمة لضبط درجات الحرارة والرطوبة تُدار رقمياً من خلال لوحة تحكم متطورة.

من جهته، قال روبرت ساتون، رئيس القطاع اللوجستي – موانئ أبوظبي: «إن قيام موانئ أبوظبي بتوسيع قدراتها لتشمل استقبال وتخزين منتجات طبية ودوائية في درجات حرارة معتدلة ومنخفضة جداً، يجسد التزامها بتقديم حلول لوجستية عالمية المستوى، ويسلط الضوء على قدراتها الكبيرة والمتنوعة والتي تشمل أحدث تقنيات إدارة درجات الحرارة والرطوبة والتبريد».

ربما يعجبك أيضا