غموض حالة «تبون» الصحية.. والجزائر تخشى سيناريو بوتفليقة

كتب – حسام عيد

شهر كامل مر على تواجد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في ألمانيا، منذ أن أعلنت الرئاسة في بيان أنه غادر البلاد لاتباع وتناول بروتوكول التعافي من فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» في مشفى متخصص في ألمانيا، ولا زال الغموض يكتنف حالته الصحية، وهو الأمر الذي قد يعيد إلى أذهان الشعب الجزائري تجربة عاشها مع الرئيس المعزول عبدالعزيز بوتفليقه بسبب حالته الصحية غير المستقرة والدخول في مرحلة شغور رئاسي عانى من تداعياتها السلبية البلد المغاربي لسنوات طويلة.

غياب وغموض بسبب كورونا

في بيان صدر في 24 أكتوبر الماضي اكتفت الرئاسة الجزائرية بالإعلان أنّ الرئيس عبدالمجيد تبون دخل “طوعيّاً” في حجر لخمسة أيّام عقب الاشتباه في إصابة مسؤولين كبار في الرئاسة والحكومة بفيروس كورونا المستجد.

وفي 28 من الشهر ذاته، أشارت الرئاسة إلى أنّه نُقل إلى ألمانيا “لإجراء فحوص طبية معمقة، بناء على توصية الطاقم الطبي”.

واعتبر الباحث السياسي محمد هناد أنّ “هذا الغياب الطويل بسبب المرض وبروتوكولات الإعلام ذات اللغة الخشبية، يشيران إلى أن الرئيس مريض فعلاً”.

وأضاف “لكن في حال كان هذا الغياب الطويل يطرح مشكلة، فالسبب لا يقتصر على المرض نفسه، وإنّما في أن (هذه) السلطة التي تفتقر إلى ثقافة الدولة وحسن التقدير، تجعل الأمور أصعب مما هي عليه للاشيء، ذلك أنّ الحقيقة تظهر في النهاية دوماً”.

ومنذ نقل الرئيس الجزائري الحالي إلى كولونيا عبر طائرة طبية فرنسية وفق وسائل إعلام جزائرية، أصدرت الرئاسة ستة بيانات وإعلانات، بعضها يناقض الآخر.

فبعد بيان 28 أكتوبر، أعلنت الرئاسة في اليوم التالي أن الرئيس تبون “باشر تلقي العلاج المناسب وحالته الصحية مستقرة ولا تدعو للقلق”، من دون أن توضح سبب مرض الرجل المعروف بأنه مدخن نهم.

وانتظر الجزائريون حتى الثالث من نوفمبر لمعرفة أن تبون أصيب بوباء كوفيد-19. وبعد خمسة أيام، أشارت الرئاسة إلى أنه “بصدد إتمام بروتوكول العلاج ووضعه في تحسن إيجابي”. ثم في 15 نوفمبر، أوضح بيان آخر أنه أنهى العلاج وأنه يقوم “حاليا بالفحوصات الطبية”.

شغور رئاسي

وأيقظ غياب الرئيس الجزائري لدى جزء كبير من الجزائريين ووسائل الإعلام، شبح شغور السلطة الذي لاح إبان دخول الرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة المستشفى مرات عدة في الخارج بعد إصابته بجلطة دماغية في 2013.

وفي حينه، أمسك شقيقه، السعيد، بزمام الحكم وسعى مع فريقه الرئاسي إلى فرض ولاية خامسة للرئيس الأسبق، ما دفع الجزائريين إلى الاحتجاج والتظاهر بدءا من فبراير 2019. بعد ذلك، استقال عبدالعزيز بوتفليقة في 2 أبريل 2019 تحت ضغط الشارع والجيش.

الدستور واحتمالات عزل تبون

ويسود الصمت مُذَّاكَ، باستثناء خبر نشرته “وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية” يفيد أن الرئيس عبد المجيد تبون تلقى رسالة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “عبّرت له فيها عن سعادتها لتماثله للشفاء بعد إصابته بفيروس كورونا”.

وكان متحدث باسم الحكومة الألمانية أجاب “وكالة الأنباء الفرنسية” بأن “المستشارة بعثت رسالة مكتوبة “تتمنى فيها” الشفاء العاجل للرئيس الجزائري تبون”، من دون إعطاء تفاصيل إضافية.

هذه السياسة الإعلامية وغياب الصور للرئيس الجزائري أثارت شتى أنواع الشائعات والتكهنات في البلاد التي تعاني من تصاعد حدة تفشي الوباء.

ويدفع هذا الغموض حول صحة الرئيس تبون الذي يفترض به إصدار الدستور الجديد عقب الاستفتاء الذي جرى في الأول من نوفمبر والمصادقة على موازنة 2021، بالبعض إلى المطالبة بتطبيق المادة 102 من الدستور الخاصة بإعلان الشغور في منصب الرئاسة بغية تجنب أزمة دستورية.

وقال الباحث السياسي محمد هناد: إن “المادة 102 تسهّل الأمور إذ إنها تقر بشغور المنصب على مرحلتين: الأولى مؤقتا إذا ثبت أن ثمة مانعا يحول دون قيام الرئيس بمهامه لمدة لا تتجاوز 45 يوما، والثانية يعلن من خلالها الشغور بالاستقالة إذا ما تجاوز المانع هذه المدة الزمنية”.

وفي الحالة الثانية، يكلف رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل، وهو محارب سابق في حرب التحرير الجزائرية ويبلغ 89 عاما، تولي مهام رئيس الدولة بانتظار انتخاب خلف له.

ربما يعجبك أيضا