في قطر جف عرق الأجير.. وحقوقه «مسلوبة»!

كتب – حسام عيد

أقل من عامين وتستضيف قطر مونديال 2022 لكرة القدم، ولا تزال الانتهاكات بحق العمال الأجانب تلاحق نظامها وسلطاتها ومؤسساتها، فما أكثرها المآسي التي يرويها العمال بأنفسهم، وما أكثر حالات الوفيات التي يتم رصدها نتيجة الظروف القاسية والمعاملة المهينة التي تعد أشبه بنظام “السخرة”.

وإلى اليوم ترصد المنظمات الدولية تقاريرًا تفند فيها الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الأجانب، محذرة في الوقت ذاته نظام الدوحة من استغلال العمال، الأمر الذي أصبح بمثابة “ظاهرة غير آدمية” على أراضيها وملاعبها التي تتشدق بها.

الملاعب الأسوأ سمعة عالميًا

تعد ملاعب مونديال قطر الأسوأ سمعة حول العالم في ظل الأعداد الهائلة من العمال التي لقت حتفها أثناء العمل في الإنشاءات، فضلاً عن المعاملة القاسية واللاإنسانية التي عانى منها آلاف آخرون والتي تمظهرت في حرمانهم من أجورهم لشهور طويلة، والعديد من الانتهاكات الجسيمة بحقهم.

ولم يطق العالم صبرًا على الممارسات القطرية بحق العمال وارتفاع أعداد الوفيات في صفوف العمال الذين يتعرضون لمعاملة لا إنسانية ويتقاضون أجوراً زهيدة لا تصرف لهم شهوراً طويلة، فضلاً عن غياب الرعاية الصحية ومستلزمات الأمان المهني.

ولفت تقرير لمجلة «أمراض القلب» الطبية، إلى الصلة الوثيقة بين الإصرار على تشغيل العمال في ذروة ساعات الحرارة خلال فصل الصيف والوفيات، مشيراً إلى العلاقة بين وفاة 1300 عامل نيبالي بين 2009 و2017 وارتفاع درجات الحرارة.

وقال نيك ما كجيهان، مدير مشاريع «مربع عادل»: «مع بقاء عامين فقط على انطلاق كأس العالم، يجب التحقيق بشكل عاجل في العدد الكبير لوفيات الشباب في قطر، منذ سنوات، دأب المدافعون عن حقوق الإنسان على الحديث عن زيادة تأثير الإجهاد الحراري على وفيات العمال ومع ذلك تستمر الوفيات».

ووفق مجلس العمالة الأجنبية النيبالي، فإن 1025 عاملاً توفوا في قطر بين عامي 2012 و2017، فيما تمّ النظر في أكثر من نصف الحالات أنها وفيات طبيعية، بينما توفي 1678 هندياً في قطر بين 2012 و2018، ما يمثل متوسط أربع وفيات في الأسبوع.

ويعد مهندس البناء البريطاني زاكاري كوكس الذي توفي بعد سقوطه في موقع بناء أحد ملاعب مونديال 2022، أحد أبرز نماذج الموت العبثي بصفوف العمالة الأجنبية في قطر. وكشفت جلسة قضائية بمحكمة برايتون، أن كوكس الذي توفي في يناير 2017، أصيب بجروح في الدماغ وكسر في الرقبة، فيما دعت عائلة الضحية إلى إجراء تحقيق مستقل في وفاته.

وقالت الطبيبة الشرعية كارونيكا، هاملتون داولي، إن مديري الموقع في الملعب كانوا يعلمون أو كان ينبغي أن يعلموا أنهم يطلبون فعلياً من مجموعة من عمالهم الاعتماد على معدات قاتلة.

وكشفت صحيفة «جارديان» البريطانية، عن أنّ قطر نادراً ما تُجري تشريحاً للوفاة عند وفاة عامل مهاجر، ما يجعل من الصعب تحديد سبب الوفاة بدقة وتحديد ما إذا كانت غير متعلقة بالعمل. ورجّحت «جارديان»، أن تكون حرارة الصيف الشديدة في قطر عاملاً مهماً في وفاة العديد من العمال.

ويذكر أنه يعمل حوالي مليوني عامل مهاجر – معظمهم من جنوب آسيا – في قطر، ويعمل معظمهم في مشاريع البناء المتعلقة بكأس العالم 2022.

دوامة استغلال العمال

فيما قالت منظمة العفو الدولية في تقرير أواخر نوفمبر 2020، إنه يجب على قطر ألا تتخلى عن مسؤوليتها تجاه العمال، وأن تعزز تنفيذ إصلاحاتها المتعلقة بهم، داعية إياها إلى وضع حد لإفلات أصحاب العمل المسيئين من العقاب.

ومنذ أن فازت قطر بحق استضافة بطولة كأس العالم 2022 التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، واجهت تدقيقا متزايدا في سجلها المتعلق بحقوق العمال الأجانب.

كما وثّقت منظمة العفو الدولية، كيف أن نحو 100 عامل أجنبي عملوا في مشروع بناء ملعب لبطولة كأس العالم، لم يتقاضوا أجورهم لمدة تصل إلى سبعة أشهر، بالرغم من علم السلطات بقضاياهم طوال مدة سنة تقريبا.

ومع أن أغلبية العمال تلقوا الآن معظم مستحقاتهم عقب إصدار التقرير، فإن القضية سلطت الضوء على استمرار تقاعس كل من السلطات القطرية والفيفا، عن تقديم سبل تنصف العمال في الوقت المناسب.

وشدد التقرير على أنه “لمعالجة الاختلال المستمر في توازن القوى بين أصحاب العمل والعمال الأجانب، واقتراب قطر أكثر من الوفاء بالواجبات المترتبة عليها، يتعين عليها وضع الإصلاحات الحالية موضع التنفيذ على نحو أفضل، وإجراء إصلاحات أخرى، وتعزيز آليات التفتيش لاكتشاف الانتهاكات بسرعة ووضع حد لها”.

كما أكد على ضرورة “تحسين قدرة العمال على نيل العدالة وسبل الانتصاف، ووضع حد لثقافة إفلات أرباب العمل المسيئين من العقاب، واحترام حق العمال الأجانب في تكوين نقابات عمالية أو الانضمام إليها”.

عمال في حالة عوز

وفي أواخر نوفمبر أيضًا، قد كشف تقرير لمنظمة “Equidem” لحقوق الإنسان، أن الكثير من الشركات القطرية فشلت في دفع رواتب العمال ذوي الأجور المنخفضة منذ تفشي فيروس كورونا المستجد، مما جعل العمال معدمين وفي حالة عوز، وفقا لصحيفة “الجارديان”.

وذكر التقرير أنه تم فصل آلاف العمال دون سابق إنذار، أو منحهم أجورًا مخفضة أو إجازة غير مدفوعة الأجر، أو حرمانهم من الراتب المستحق ومدفوعات نهاية الخدمة، أو إجبارهم على دفع تكاليف رحلاتهم إلى الوطن.

وأكدت الصحيفة البريطانية أن النتائج التي توصل إليها التقرير ترقى إلى مستوى “سرقة الأجور” على نطاق غير مسبوق، مما يجعل “العامل تلو العامل” معدمًا، ويعاني من نقصا في الغذاء وغير قادر على إرسال الأموال إلى وطنه أثناء الوباء، رغم أنه يعمل في واحدة من أغنى دول العالم.

وقال عامل نظافة من بنجلاديش، الذي قال إنه لم يتسلم راتبه منذ أربعة أشهر: “جئت إلى هنا للعمل والإنفاق على عائلتي، لا لأكون متسولاً أعيش بمفردي”.

فيما وجد مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان أنه 87% من حالات انتهاك حقوق العمال كانت أجور غير مدفوعة أو متأخرة، مما أثر على ما يقرب من 12000 عامل منذ عام 2016.

ربما يعجبك أيضا