حتى آخر نفس.. ترامب يواصل حربه ضد المادة 230 ويلوّح بـ«الفيتو»

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أكثر رؤساء العالم استخداما لمواقع التواصل الاجتماعي، فتليفونات متابعيه على “تويتر” لا تخلو يوميا من تغريداته المثيرة للجدل في كثير من الأحيان، ودائما ما استخدم “التغريد” كسلاح ضد خصومه السياسيين وكأداة للإعلان عن الكثير من قراراته الهامة إن لم يكن جميعها.

على الرغم من ذلك اتسمت علاقة الرئيس ترامب بمواقع التواصل الاجتماعي منذ وصوله إلى البيت الأبيض في 2017 بالتوتر والشد والجذب من حين لآخر، ويبدو أن آخر مواجهة بين الطرفين قد بدأت بالفعل، فجر اليوم الأربعاء، هدد ترامب باستخدام الفيتو ضد مشروع قانون فيدرالي خاص بميزانية  ونفقات وزارة الدفاع، للضغط على الكونجرس من أجل إلغاء الحماية الفيدرالية التي تتمتع بها شركات الإنترنت بموجب المادة 230 من قانون “آداب الاتصالات”.

ماذا حدث؟

عبر “توتير” نفسه، فجر ترامب تهديده قائلا: إذا لم يتم إنهاء المادة 230 “الخطيرة” تمامًا كجزء من مشروع قانون إقرار الدفاع الوطني “NDAA“، فسأضطر إلى استخدام الفيتو ضد المشروع عند إرساله إلى البيت الأبيض.

وأضاف: هذه المادة هي عبارة عن هدية لحماية شركات التكنولوجيا العملاقة في أمريكا، وهي تمثل تهديدا خطيرا للأمن القومي ونزاهة الانتخابات.

المادة 230، هي جزء من قانون آداب الاتصالات الأمريكي الذي خرج للنور لأول مرة عام 1996، وهي توفر للمواقع الإلكترونية الحماية من المسؤولية القانونية بشأن المنشورات والصور ومقاطع الفيديو والمحتويات الأخرى التي يتم نشرها بواسطة طرف ثالث، كما تسمح لإدارة المواقع بحذف المحتوى “المزعج” أي المخالف لسياساتها.

وفي حين تراي شركات الإنترنت أن هذه المادة تدعم حرية الرأي وتشجع على نشر المحتوى الإلكتروني، يرى المعارضون لها أن إدارة هذه الشركات لا تفعل ما يتجوب عليها لمنع المحتوى المزعج والضار كخطاب الكراهية والعنف، بغطاء من المادة 230.

وللمفارقة لقد سعى نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإلغاء هذه المادة في أكثر من مناسبة، لكن جهودهم لم تكلل بالنجاح لكون المادة جزء أصيل من قانون الاتصالات وتعزز حرية التعبير، كما أن إلغاءها سيترتب عليه تغييرا شاملا في طريقة عمل شركات الإنترنت وستصبح أكثر عرضة للقيود الحكومية والقانونية.

محاولة أخيرة للضغط

سبق لترامب هذا العام أن وقع أمرا تنفيذيا يحد من الحماية القانونية التي تتمتع بها شركات الإنترنت، وذلك ردا على قيام إدارة تويتر في مايو الماضي بوسم تغريدات له تتحدث عن عملية التصويت عبر البريد في الانتخابات الأمريكية بعلامة “مضلل”، لكن في النهاية هذا الأمر أصبح حبرا على ورق بفعل انتصار القضاء الأمريكي لـ”تويتر” والمادة 230.

خلال الشهر الماضي تكرر الأمر عندما وسم “تويتر” تغريدات لترامب تتحدث عن فوزه بالانتخابات في بعض الولايات التي لم تعلن رسميا عن نتائج فرز الأصوات بعلامة “مضلل”، وخرج ترامب ليصف موقع التدوينات المصغرة بأنه خارج عن السيطرة بفضل المادة 230.

كثيرا ما اتهم ترامب شركات الإنترنت عموما بالتحيز ضد إدارته والجمهوريين المحافظين، ونذكر عندما اتهم “جوجل” في 2018 بالعمل ضد المحتوى المؤيد له والانحياز لليساريين.

من جانبها تنفي رابطة شركات الإنترنت – التي تضم فيسبوك وأمازون وجوجل وغيرها من الشركات التكنولوجيا الأمريكية- هذه الاتهامات، وتؤكد أن إلغاء المادة 230 يشكل تهديدًا للأمن القومي، وأنه بدون هذه المادة سيكون عليها تقديم تبريرات لحذف المحتوى الضار مثل المعلومات الخاطئة أو التحريض على الإرهاب والعنف.

بحسب مجلة “POLITICO” نواب الجمهوريين أبلغوا البيت الأبيض بالفعل أن الديمقراطيين لن يقبلوا الإلغاء الكامل للمادة 230 كتعديل على مشروع إقرار ميزانية الدفاع الوطني، لذا فقد يكون تلويح ترامب بـ”الفيتو” غرضه هو إجراء تعديل على هذه المادة لتقليل مساحة الحماية القانونية التي تتمتع بها شركات الإنترنت.

رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب “الديمقراطي” آدم سميث قال: إنه سيكون منفتحًا على تقديم تنازلات لإدارة ترامب من أجل تمرير مشروع ميزانية الدفاع الوطني، خاصة وإنه يعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي أساءت استخدام المادة 230، لكنه قلل من احتمال إلغاء المادة بكاملها.  

مشروع قانون إقرار الدفاع الوطني يتم تمريره سنويا منذ نحو 60 عاما، وهو أحد التشريعات الرئيسية القليلة التي يُنظر إليها باعتبارها ضرورة لا تحتمل التأجيل، لأنها تتحكم بكل شيء بدءًا من زيادة الرواتب للقوات إلى عدد الطائرات التي يجب شراؤها أو أفضل السبل للتنافس مع المنافسين مثل روسيا والصين.

هذا العام أقر مجلسا النواب والشيوخ نسختهما من المشروع -الذي تبلغ قيمته نحو 740 مليار دولار- بدعم كافٍ من الحزبين، وبالتالي من السهل أن يتوافقا على النسخة الأخيرة التي سترفع للبيت الأبيض هذا الأسبوع، بما يمكنهما بتحسين موقفهما في المعركة أمام فيتو ترامب “المحتمل”، وإن كان الرئيس الذي يقضي أخر أيامه في المكتب البيضاوي سيسعى إلى رفع سقف مطالبه، في محاولة لاستهداف مواقع التواصل الاجتماعي لأخر مرة.

ربما يعجبك أيضا