حزب الله يعصف بلبنان.. 40 عامًا من اقتصاد الظل المدمر!

كتب – حسام عيد

40 عامًا تقريبًا احتاجها حزب الله لكي يتشكل ويزرع كيانًا مستقلًا داخل لبنان وإن كان ولاؤه لقوى خارج لبنان والحديث هنا عن إيران التي دعمت وتدعم حزب الله حتى بات منظومة متكاملة تعيش خارج المؤسسات الرسمية اللبنانية، وأضحى يدير ما يعرف باقتصاد الظل “الاقتصاد الموازي”، يستفيد من مرافق  وخدمات ومؤسسات الدولة ويستنزف مواردها، ولا يساهم بليرة أو دولار واحد كضرائب أو عوائد في خزينة الدولة، وبات يعيث فسادًا في كافة مفاصل لبنان، وأوصله اليوم إلى حافة الانهيار.

ويعاني لبنان من ركود شاق وطويل نتيجة للغياب المتعمد لإجراءات فعالة على صعيد السياسات، وهذا ما دفع البنك الدولي إلى التوقع بأن يتباطأ النمو الاقتصادي الحقيقي إلى -19.2% في 2020.

في الوقت ذاته، الأوضاع المعيشية تزداد تأزمًا مع انهيار العملة المحلية إلى 8 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد، وتآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 19.5 مليار دولار.

اقتصاد الظل لحزب الله

واستطاع حزب الله تأسيس اقتصاد مواز وترسانة عسكرية واجتماعيةمن الأموال الإيرانية، التي كان يحصل عليها منذ الثمانينيات حتى أصبح الحزب منظومة اقتصادية خارج القطاع المصرفي اللبناني.

ولكن مع الضغوط الدولية على طهران يسعى حزب الله لتخفيف العبء على إيران من خلال الاستفادة من النظام اللبناني عبر طرق عدة غير شرعية.

وتشكل الاقتصاد الموازي من مؤسسات اجتماعية وصحية وتعليمية رديفة لتنظيمه العسكري، معتمداً بشكل أساسي ومباشر على التمويل الإيراني، وذلك بتصريح رسمي من أمينه العام حسن نصرالله الذي اعترف في إحدى المناسبات بأن كل أمواله ورواتب عناصره وميزانيات مؤسساته تأتي من إيران؛ وفق ما أفاد موقع قناة “العربية”.

وتكلفة كل ذلك تم تقديرها في السنوات الأخيرة بنحو 600 مليون دولار. وقد ساهم هذا الدعم في تغطية نفقاته المالية من الحاجات المادية والعسكرية، إضافة إلى المساعدات الاجتماعية لأسر مقاتليه.

لكنه في الوقت نفسه استفاد حزب الله من المرافق الحيوية للدولة اللبنانية لتمويل اقتصاده الموازي مثل المنافذ البحرية والبرية والجوية التي يدخل عبرها بضائعه دون دفع رسوم جمركية للدولة.

إلى جانب التهريب عبر المنافذ غير الشرعية، وهو ما حرم الخزينة اللبنانية من عائدات الجمارك وفي استنزاف احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة. في حين اعتمد حزب الله على نظام نقدي قائم على إعطاء الدولار عبر خدمة الصراف الآلي الخاصة به.

وأشار السفير اللبناني السابق، هشام حمدان، في مداخلة مع فضائية “العربية”، أن حزب الله جهاز تابع لإيران ويتلقّى التمويل منها، وبالتالي يسعى للاستفادة من النظام اللبناني من أجل تعزيز قوّته المالية.

وأضاف حمدان أن الأموال الإيرانية في وقت من الأوقات كانت تنقل إلى حزب الله عبر الطائرات إلى لبنان بعد أن أصبح النظام المصرفي اللبناني خاضعاً للمراقبة لمنع تمويل الإرهاب.

وكانت هذه الأموال تُستخدم لتمويل مشاريع صحية واجتماعية وعسكرية تابعة للحزب، وشراء المعدات لتطوير قدراته اللوجيستية. وكل هذا يتم خارج الاقتصاد الشرعي المتمثّل بالقطاع المصرفي. وهو ما عرفه محللون بالاقتصاد الأسود.

غسيل أموال وفساد

وبينما يلوح غضب أمريكي وشبهات قد تدين مصرف لبنان وحاكمه، قال وزير المالية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، على “تويتر”، إنه أرسل كتابا إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة طلب فيه تنفيذ قرار مجلس النواب وإخضاع جميع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي وذلك وفقا للقوانين.

وبحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن أمريكا تسعى منذ أشهر لإجراء تدقيق جنائي للبنك المركزي يكشف أدلة على غسيل أموال وفساد وعلاقات كبار المسؤولين اللبنانيين بحزب الله، إلا أن هذه المساعي تعرضت لانتكاسة هذا الشهر عندما انسحبت شركة “ألفاريز أند مارسال “Alvarez & Marsal، التي كُلِّفت بعملية التدقيق لعدم حصولها على منفذ لسجلات البنك المركزي.

نصف سكان لبنان فقراء بـ2021

من جهته، قال البنك الدولي، في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان، يوم الثلاثاء 1 ديسمبر 2020، إن الفقر سيواصل التفاقم على الأرجح، ليصبح أكثر من نصف السكان فقراء بحلول 2021.

وفي هذا السياق، توقع البنك الدولي أن تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 194% ارتفاعا من 171% في نهاية 2019.

وجاء في تقرير البنك الدولي: “بعد عام من تفجر الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان، أدى الغياب المتعمد لإجراءات فعالة على صعيد السياسات من جانب السلطات إلى تعريض الاقتصاد لركود شاق وطويل”.

وتابع: “يعاني لبنان من استنزاف خطير للموارد، لا سيما رأس المال البشري، فيما أصبح نزيف العقول خيار اليائسين على نحو متزايد”.

واندلعت الأزمة الاقتصادية في الخريف الماضي مدفوعة بعقود من الهدر والفساد الحكومي في الوقت الذي جفت فيه تدفقات رأس المال واجتاحت احتجاجات البلاد.

وبعد مرور عام، انهارت العملة وأصيبت البنوك بالشلل، في ظل ارتفاع الأسعار وفقدان الوظائف.

إلى ذلك، أفاد البنك الدولي “السلطات اختلفت فيما بينها بشأن تقييم الأزمة، وتشخيصها، وحلولها”.

وأضاف “النتيجة كانت سلسلة من تدابير السياسات غير المنسقة، وغير الشاملة، وغير الكافية والتي فاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.

ربما يعجبك أيضا